أوراش عاجلة غيرت وجه المنطقتين واستنفار للتنظيف والإنارة والصباغة لاستقبال الملك إنجاز : محمد بها / تصوير : (عبد اللطيف مفيق) لا يمكن لزوار الرحمة وليساسفة ضواحي البيضاء، المرور دون أن يثير انتباههم التغيير الكبير الذي طال معالمهما منذ يومين، وهو ما يدفعهم إلى التساؤل لإشباع فضولهم عن السبب في هذه العملية التجميلية التي استفادت منها المنطقتان اللتان كانتا تعانيان قبل أسابيع وشهور فوضى كبيرة وتلوثا جماليا على مستوى الديكور، قبل أن يتضح أن الأمر مرتبط بوجود الملك محمد السادس الذي حل منذ يومين بالعاصمة الاقتصادية. يعول البيضاويون على أن تشكل الزيارة الملكية فرصة لانبعاث العاصمة الاقتصادية من رمادها، متمنين طول مقام الملك بالمدينة لإعادة الاعتبار إليها، بعدما أضحت مثالا للتخلف والفوضى والعشوائية، نتيجة التأخر في الأوراش المفتوحة وإهمال نظافة الأحياء وجماليتها، بعدما اختار المنتخبون والمسؤولون الترابيون تطبيق شعار "اللي بغى اربح العام طويل". الرحمة..."كاليفورنيا النواصر" «عشنا تا شفنا الرحمة ولات بحال كاليفورنيا"، "واش هادي هي الرحمة اللي كنعرفو ولا كنحلمو»، «ماكين غير الغرس وتقطاع الشجر، ليساسفة غادية وكتزيان»،»واكلشي خدام ليل ونهار وإذا ظهر السبب بطلل العجب"... تعليقات أصبحت متداولة منذ يومين على لسان سكان الرحمة وليساسفة، اللتين تعتبران من ضواحي العاصمة الاقتصادية، بعدما وجد القاطنون والمارة أنفسهم أمام وجه جديد للمنطقتين. ومن خلال جولة بحي الرحمة، عاينت "الصباح"، الاستنفار الكبير الذي حرك المسؤولين، إذ شهدت المنطقة ترتيبات مكثفة، طالت الأزقة والشوارع، وكذا الحدائق، بالإضافة إلى إجراءات أخرى انكبت على ضمان انسياب المرور والجولان. وعلى شاكلة "المصباح السحري لعلاء الدين" تغيرت معالم الرحمة وانتقلت من الصور البشعة إلى جمالية تأسر قلوب السكان والزوار، بعد أن تزين شارعها الرئيسي وعدد من الأماكن التي سيمر منها الموكب الملكي بالأعلام الوطنية، وتنظيف الشوارع والأزقة وتخصيص المئات من حاويات الأزبال الجديدة للحفاظ على النقاء الذي لم يعهده السكان من قبل. وتمت صباغة جدران عدد من الفضاءات، بل منها حتى العمارات التي توجد في طور البناء، حتى لا يفسد سواد إسمنتها "الديكور" الجديد. ومكنت الجولة التي قامت بها "الصباح"، صباح أمس (الأربعاء)، من معاينة عمال ومستخدمين يسارعون الزمن لصباغة الأرصفة وتنظيف الطرق والممرات وزرع المغروسات واستكمال الأشغال الجارية، التي غيرت وجه فضاءات كانت غارقة في الظلام والأوساخ لثلاث سنوات، دون أن تحرك ذرة غيرة في نفوس المنتخبين لإصلاحها، قبل أن يضطروا بفعل الزيارة الملكية إلى الشروع في تركيب مصابيح جديدة وإصلاح الأعمدة الكهربائية المعطلة وكل ما أفسده الإهمال. "يخافو ما يحشمو" الاستنفار الذي شهدته أحياء العاصمة الاقتصادية، خصوصا المعنية بمرور الموكب الملكي، جعلت نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وعدد من السكان يسلطون بسخرية لاذعة الضوء على التغييرات التي شهدتها المدينة المليونية، موجهين سهام النقد للمسؤولين عن الشأن البيضاوي الذين استفاقوا من سباتهم بسبب الزيارة الملكية. ونشر نشطاء تدوينات من قبيل "هاد المسؤولين والمنتخبين فكازا عندنا يخافو ما يحشمو، حتى جاي الملك عاد تحركو"، وأضاف طالب جامعي "لماذا ينتظر المنتخبون موعد الزيارة الملكية لمغادرة مكاتبهم والشروع في تسريع الأشغال ومضاعفة جهود النظافة وتزيين الشوارع والأزقة؟ لو كانت الأمور غير رهينة بالزيارة الملكية طيلة العام لكانت البيضاء أفضل حال مما هي عليه الآن". وانتقالا من المواقع الافتراضية إلى الميدان، كشف عدد من سكان الرحمة في حديث مع "الصباح"، أنه رغم تخصيص خدمات جديدة لفائدة المنطقة، خاصة مشروع الباصواي، فإن التأخر الحاصل في موعد تسليم الأشغال، جعل المنطقة رهينة أوراش مفتوحة تسببت في اختناق مروري وقلق دائم للسكان والزوار وإحساس ب"الحكرة" للبيضاويين الذين يعتبرون حال البيضاء في الماضي أفضل من اليوم. المركز الطبي بالرحمة...تخفيف الضغط ينتظر سكان الرحمة على أحر من الجمر استقبال الملك محمد السادس، من أجل إشرافه على تدشين المركز الطبي للقرب، للاستفادة من خدماته، وهو ما من شأنه تخفيف الضغط على مستشفى الحسني وابن رشد، وتقريب العلاجات لفائدة سكان المنطقة التي أضحت مدينة قائمة بذاتها. وعاينت "الصباح"، استنفارا على كافة الأصعدة في انتظار التدشين الملكي للمشروع الصحي، الذي سبق أن أعطيت انطلاقته من قبل الملك محمد السادس في دجنبر 2016، والذي سيوفر خدمات استشفائية للقرب وذات جودة. ويعتبر المشروع الجديد الذي خصص له استثمار إجمالي قدره 37 مليون درهم، بارقة أمل لسكان حي الرحمة للاستفادة من الخدمات الطبية عن قرب، بعدما كانوا يعانون الأمرين، سواء في ما يخص بعد المسافة الذي يضطر المرضى، خاصة الفئات المحدودة الدخل والهشة، إلى صرف مبالغ إضافية على التنقل لمسافات بعيدة، أو الاكتظاظ الذي يعرفه مستشفى الحسني بالألفة أو المستشفى الجامعي ابن رشد، الذي يعاني ضغطا رهيبا بفعل استقباله المرضى من مختلف المدن والأقاليم. وينسجم إنجاز هذا المركز، تمام الانسجام، مع الجهود المبذولة من قبل جلالة الملك، والرامية إلى تعزيز العرض الصحي على مستوى المناطق الحضرية والقروية ذات الخصاص، وتحفيز ولوج الأشخاص المعوزين للخدمات الصحية الأساسية، وتسريع التدخلات في حالة المستعجلات الطبية، وضمان تتبع طبي دوري ومنتظم للأشخاص الذين يتطلب وضعهم الصحي فحوصات متخصصة. وحسب ورقة تعريفية للمشروع الجديد، فإن المركز الطبي للقرب، يتوفر على أقطاب للاستشارات الطبية المتخصصة والأمراض المزمنة، وأمراض العظام والمفاصل، وطب الفم والأسنان، والمستعجلات الطبية للقرب. وليس هذا فحسب، فمن اليوم لم يعد هناك أي داع للقلق بشأن الأمهات الحوامل، إذ تم تخصيص قطب لصحة الأم والطفل يضم وحدة للولادة، ومصالح لأمراض النساء والتوليد، وطب الأطفال، والتلقيح، والعلاج النفسي للأطفال، وجراحة الأطفال، فضلا عن قطب طبي- تقني مزود بوحدة للاستغلال خاصة بالفحص بالمنظار والأشعة، ومختبر للتحاليل الطبية، وجناح للعمليات والاستشفاء وصيدلية. ويأتي هذا المشروع الذي يعد ثمرة شراكة بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن ووزارة الصحة، ومجلس جهة البيضاء سطات، والمجلس الإقليمي للنواصر، للمساهمة في تعزيز مختلف البنيات الأساسية المنفذة من قبل المؤسسة على مستوى العاصمة الاقتصادية للمملكة، من أجل تقديم خدمات في المستوى لفائدة السكان المعوزين ومحدودي الدخل. ليساسفة... تزيين الشوارع والمدارات لا يقتصر الأمر على الرحمة، التي أضحت مدينة قائمة بذاتها، بل انطلقت عدوى الإصلاح والتزيين إلى ليساسفة خاصة على مستوى منافذها الرئيسية التي تعتبر بوابة للعاصمة الاقتصادية، إذ عاينت "الصباح"، استنفار عمال النظافة وآخرين تم تخصيصهم لزرع المغروسات وسط المدارات الطرقية المتمركزة بدار 16 وجامع العراقي بطريق الجديدة. وتزينت ليساسفة بعدد من الأعلام الوطنية، كما تم إبعاد الكثير من الباعة الجائلين بطريق الجديدة وإدخالهم إلى السوق العشوائي الذي يعتبر نقطة سوداء، بفعل احتلاله الملك العمومي وتسببه في الاختناق المروري والتلوث، وهو ما يعرقل مجهودات رئيس ونواب مقاطعة الحي الحسني الذين باشروا عددا من الأوراش لإعادة الاعتبار لمنطقة ظلت مهمشة لعقود. وما الرحمة وليساسفة إلا نموذج لما يسري في باقي أحياء العاصمة الاقتصادية، إذ تسابق السلطات المنتخبة بالبيضاء وضواحيها الزمن، لإنهاء عدد من التدابير الاستعجالية لإصلاح الطرق والصباغة وغرس الورود والأشجار حتى تكون المدينة في المستوى المطلوب.