الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء قال إنه ووكلاء الملك بالدائرة المسؤولون المباشرون عن قرارات الاعتقال قال صالح التيزاري، الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، إن المسؤول القضائي هو قطب الرحى في الإصلاح والانخراط في رفع مستوى العدالة وتحقيق النجاعة القضائية في الدائرة القضائية التي يعمل بها، ولا يتحقق ذلك إلا بوضع لوحة قيادة، وأضاف في حوار مع "الصباح" أن الطعن سواء بالاستئناف أو بالنقض، هو حق قانوني مخول للنيابة العامة بصفتها الساهرة على حماية المواطن على أرض الوطن عند ممارستها للدعوى العمومية. في ما يلي نص الحوار: أجرت الحوار: كريمة مصلي – تصوير (فدوى الناصر) < بداية يجب التأكيد أن تخليق الحياة العامة وحماية المال العام من خلال محاربة الفساد المالي والإداري بشتى صوره من رشوة واستغلال النفوذ واختلاس وتبديد المال العام وغيرها من الجرائم، يعتبر أولوية من أولويات السياسة الجنائية بالمغرب، ومن أولويات النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، وأن النيابة العامة بالبيضاء تهتم بقضايا اختلاس المال العام خصوصا في السلوكات الإجرامية التي تثير الرأي العام، بالنظر لما تخلفه من آثار على حقوق الأشخاص والاستثمار، مما يستوجب معه تسخير كافة الوسائل القانونية والبشرية اللازمة لضبطها وإثباتها قصد عرضها على القضاء، وتتطلب في الوقت نفسه من القائمين على مكافحتها التوفر على خصال النزاهة والحياد والتشبع بثقافة مناهضة الفساد المالي والإداري. ومن هذا المنطلق حقق قسم الجرائم المالية بالنيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء بفضل تضافر جهود مختلف العاملين به، من قضاة للنيابة العامة وموظفين وشرطة قضائية نسبة إنجاز مهمة في تدبير وتصفية الشكايات والمحاضر، وصلت في السنة الماضية نسبة 63 في المائة، بمعدل 121 شكاية ومحضرا من أصل 192، علما أن الاختصاص الترابي لقسم الجرائم المالية بالبيضاء يشمل رقعة جغرافية كبيرة الحجم لمجموعة من المدن بدائرة نفوذ محاكم الاستئناف بكل من البيضاء والجديدة وسطات وخريبكة وبني ملال. < تنفيذا لتوجيهات وتعليمات رئيس النيابة العامة الرامية إلى محاربة "سماسرة" المحاكم، والأشخاص الذين يحترفون النصب بالمحاكم، تم اتخاذ العديد من الإجراءات، أولها تمثل في مسألة الولوج، التي أضحت تتم بشكل مضبوط، إذ لم يعد ممكنا لأي شخص دخول المحكمة دون سبب، أي له علاقة بقضية رائجة أو ارتباط أسري مع شخص يحاكم، وبالتالي يتم فرض رقابة صارمة. وبداخل فضاء المحكمة تم تكليف مجموعة من رجال الشرطة القضائية لتتبع الأشخاص المشتبه في احترافهم "السمسرة" والنصب، وإلقاء القبض على أي مشتبه فيه وإجراء البحث معه، وهذا مؤكد من خلال الإحصائيات الأخيرة، أنه تم إلقاء القبض على تسعة أشخاص وتمت محاكمتهم طبقا للقانون، كما تم تكليف الشرطة القضائية بالمهام نفسها بمحيط المحكمة والأماكن العمومية للترصد لكل يشخص يشتبه احترافه "السمسرة" والنصب على المتقاضين، وباتفاق مع رئاسة المحكمة وباقي المتدخلين في العدالة لتحصين الولوج لها من خلال فرض حمل شارات على مرتفقي المحكمة لتمييزهم عن الدخلاء. < إلى التخفيض من عدد المعتقلين الاحتياطيين، من خلال الإحصائيات الرسمية للمحكمة فقد بلغت نسبة الاعتقال الاحتياطي نهاية أكتوبر 35 في المائة وبعد ثلاثة أشهر انخفضت النسبة إلى 25 في المائة، ونحن الآن نسعى إلى تخفيض عدد المعتقلين الاحتياطيين من خلال الإشراف الشخصي للمسؤول القضائي سواء الوكيل العام بمحكمة الاستئناف أو وكلاء الملك داخل المحاكم الابتدائية، على قرار الاعتقال، ومن ثم يكون المسؤول القضائي هو المسؤول الأول والمباشر عن قرار الاعتقال. وهذا الاجراء لعب دورا مهما في تخفيض عدد المعتقلين الاحتياطيين، أما النقطة الثانية فتتشكل في رفع الملفات من المحاكم الابتدائية إلى محكمة الاستئناف، حيث يتعين رفع الملفات بمجرد النطق بالحكم وتحريره ليتسنى تعيينها بالسرعة اللازمة في الجلسات، والشيء نفسه بالنسبة إلى قرارات الاعتقال المستأنفة داخل محكمة الاستئناف، إذ يتعين دراسة التقارير الاستئنافية من قبل نواب الوكيل العام داخل أجل محدد وبالسرعة التي تقتضيها ظروف الاعتقال الاحتياطي، والشيء نفسه بالنسبة إلى مذكرات الطعن بالنقض، التي يتعين إنجازها داخل أجل معقول، وبهذه الإجراءات والطرق المتبعة يتم تخفيض نسبة الاعتقال لاحتياطي في انتظار تغيير النص القانوني في شأن احتساب مدة الاعتقال الاحتياطي. ونسعى خلال السنة الجارية إلى الوصول إلى مستوى أقل من السنة الماضية. < بداية يجب القول إن المسؤول القضائي هو قطب الرحى في الإصلاح والانخراط في رفع مستوى العدالة وتحقيق النجاعة القضائية في الدائرة القضائية التي يعمل بها ولا يتحقق ذلك إلا بوضع لوحة قيادة يتم بمقتضاها ضبط المهام المنسوبة لكل قاض من قضاة النيابة العامة ولكل موظف من موظفيها، مع الحرص على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، حتي يتمكن من تدبير الملفات القضائية والمحاضر والشكايات المراسلات والانتدابات القضائية وغيرها من المهام المنوطة بالنيابة العامة. ومن خلال اللقاء التواصلي الذي عقده رئيس النيابة العامة مع الوكلاء العامين بمختلف محاكم المملكة من أجل تدارس استراتيجية وتجويد عمل النيابة العامة خدمة للعدالة والمواطن في ضوء خلاصات وتوصيات تقرير النموذج التنموي الجديد، ومن هذا المنطلق فقد حرصنا على هدي تعليمات وتوجيهات رئيس النيابة العامة منذ الجلسة الرسمية لتنصيبنا وكيلا عاما للملك لدى محكمة الاستئناف، عن الإعلان عن الخطوط العريضة لبرنامج العمل الذي سطرناه ونعتزم تنفيذه للرفع من جودة العدالة، والذي ينبني على ثلاثة محاور. أولا حماية الحقوق والحريات للمواطنين والمواطنات أفرادا وجماعات من خلال الحرص على التطبيق السليم والعادل للقانون وثانيا الرفع من النجاعة القضائية لأداء النيابة العامة من خلال وضع لوحة القيادة، تمكننا من رصد مكامن الخلل وتحديد مكامن الضعف والقوة وضبط الموارد اللوجيستيكية والبشرية وضمان تدبير أفضل للملفات القضائية داخل آجال معقولة بشكل يراعي خصوصية الدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بالبيضاء وحجم الإمكانات المتوفرة، ويسمح كلما رن جهاز الإنذار في لوحة القيادة عن وجود مشكل بالتدخل وإرساء الحلول المناسبة وثالثا الحرص على التخليق من خلال محاربة كافة الظواهر المشينة الماسة بصورة العدالة وتفعيلا لمبدا ربط المسؤولية بالمحاسبة. مراقبة الطعون < من حيث المبدأ يجب الاتفاق على أن الطعن سواء بالاستئناف أو الطعن بالنقض، هو حق قانوني مخول للنيابة العامة بصفتها الساهرة على حماية المواطن على أرض الوطن عند ممارستها للدعوى العمومية كلما توافرت أسبابه كما حددها القانون، سيما الطعن بالنقض الذي حصره المشرع بدقة، وبالتالي مفروض في النيابة العامة التي تمثل المجتمع وتدافع عن الحق العام من خلال تحريك الدعوى العمومية في مواجهة الفاعل الذي أحدث بجرمه اضطرابا اجتماعيا ألا تتهاون في الطعن في المقررات القضائية التي تصدر مخالفة لملتمساتها القانونية، متى توافرت الموجبات القانونية، ولكن حق الطعن المخول للنيابة العامة كأي حق آخر لا يجب التعسف في استعماله ويتعين ترشيده بإعماله فقط في الحالات التي تستوجب ذلك قانونا، لأن إطالة أمد النزاع مضاعفة للجهود القضائية والإدارية خلال مرحلة الطعن. وهنا يأتي دور المسؤول القضائي من خلال مراقبة الطعون والحرص على ترشيدها، إذ نحرص بصفتنا وكيلا عاما للملك بهذه النيابة العامة، من خلال الاجتماعات التي أقوم بها كل يوم أربعاء مع نواب الوكيل العام على مراقبة القرارات القضائية التي تصدر عن قضاة الأحكام، حيث لا يتم الطعن فيها من قبل نواب الوكيل العام إلا بعد المخابرة معي، والتأكد من مدة توفر موجبات الطعن، بل وتمتد أحيانا هذه المراقبة إلى مراقبة عرائض النقض ومدة توفرها على الشكليات المتطلبة قانونا، قبل توجيهها إلى محكمة النقض،علما أن المحدد الموضوعي لتقييم ترشيد الطعون من عدم ذلك، يفرض تتبع مآل القرارات المطعون فيها للوقوف على ما إذا كانت طعون النيابة العامة في محلها. التخليق لا محيد عنه < تفعيلا لمدونة الأخلاقيات القضائية بادرنا منذ تعييننا بهذه النيابة العامة وكيلا عاما للملك على إحداث سجل مخصص لتفعيل مهام مستشار الأخلاقيات القضائية يضم جزأين. الجزء الأول خاص بالأبحاث المطلوب إنجازها من قبل المفتشية العامة للشؤون القضائية أو الأبحاث التي نبادر إلى طلبها تلقائيا، في إطار رصد وضبط جميع الإخلالات المحتمل نسبتها للقضاة على صعيد الدائرة القضائية وجزء يتعلق بطلبات الاستشارة الواردة من قبل القضاة في ما يخص الجواب عن استفسارتهم المحتملة، بخصوص كيفيات تطبيق وتفسير التزاماتهم الأخلاقية والسلوكية. كما تم إحداث ملفات تتبع خاصة بجميع قضاة النيابة العامة بالدائرة القضائية، يضاف إليها جميع الملاحظات المتعلقة بأدائهم وسلوكهم، التي قد تصل إلى علمنا بصفتنا مستشارا للأخلاقيات، سواء كانت إيجابية أو سلبية حتى يتسنى الإشادة بالحسن وتقويم وإصلاح السيء، ونعتبر أن خيار التخليق لا محيد عنه للرفع من جودة العدالة واسترجاع ثقة المواطن في قضاء بلاده، تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ومقومات الحكامة القضائية الجيدة. وبالتالي فإن كل من سولت له نفسه مخالفة القانون أو تصرفا غير أخلاقي يمس بسمعة السلطة القضائية، سيكون محل مساءلة تأديبية، كما أنه يتعين على كل وكيل للملك أن يبلغ للوكيل العام للملك كل ما يبلغ إلى علمه من تصرفات تشكل خدشا من قبل أي نائب وكيل الملك يعمل تحت إشرافه. التفتيش لتوحيد العمل باعتبار التفتيش التسلسلي إجراءا مهما نقوم به سنويا لكل محكمة من المحاكم التابعة للدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بالبيضاء، تتم برمجة تواريخ معينة لبدء إجراءات التفتيش التسلسلي لكل محكمة، ولكل مسؤول قضائي طريقته في إجراء التفتيش التسلسلي، وبالنسبة إلي فإني أعمل على إجرائه خلال السنة بكاملها، بحيث أقوم بمراقبة الملفات الواردة من المحاكم الابتدائية، وكل ملاحظة ثبث من خلالها وجود قرار غير قانوني، أو أن هناك متابعة قضائية في غير محلها يتم تسجيلها بالملف الخاص بتلك المحكمة الابتدائية، ويتم اعتماد تلك الملاحظات خلال إجراءات التفتيش التسلسلي بتلك المحكمة وإجراء اجتماعات سواء مع المسؤول القضائي أو نوابه بتلك المحكمة وطرح تلك الملاحظات والعمل على إصلاح ما يمكن إصلاحه، وتضمين تلك الملاحظات في التقرير الذي يرفع للمفتشية العامة للشؤون القضائية، إذ نسعى من خلال إجراءات التفتيش إلى توحيد العمل داخل الدائرة القضائية، بحيث أنه من غير المعقول أن يكون هناك تناقض في القرارات، التي تتخذ بالنسبة للوقائع التي تكون متشابهة. بريد مرتفقي العدالة في إطار إستراتيجية العمل داخل المحكمة، أضحى بإمكان أي مرتفق للعدالة أن يضع شكايته المكتوبة بمكتب الواجهة، ويأخذ نسخة منها، وتم كذلك وضع بريد خاص بمرتفق العدالة عند مدخل المحكمة، وأي شخص له الحق داخل صندوق البريد، وبصفتي وكيلا عاما أطلع كل صباح على ذلك البريد الذي يكون مضمنا ضمن سجل خاص ويتم البحث في جميع تلك الشكايات، حتى المجهولة منها التي نقوم بإجراء تحريات بشأنها قبل الاستماع إلى أي شخص. وبناء على ما تم التوصل إليه من معطيات، تأتي مرحلة الأبحاث القضائية، التي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها على ضوء ذلك التقرير المتوصل به. لا يمكن الاختباء وراء النقص تعتبر الموارد البشرية عامل نجاح مهما لأي إستراتيجية، أو برنامج عمل، لكن في اعتقادنا أن الوضع يبقى مختلفا نوعا ما بالنسبة إلى القضاة من منطلق واجباتهم الدستورية، كما هي محددة في الفصل 117 من الدستور في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون، وبالتالي لا يمكن أن يقبل منا قضاة للنيابة العامة أن نختفي وراء نقص الموارد البشرية لتبرير تعطيب حقوق المواطن تحت أي ظرف كان. أكيد أننا نطمح بالنيابة العامة بالدائرة القضائية إلى تعزيز أطقمنا البشرية وهذا أمر واعية به مؤسستا رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ويكون من المفيد الإشارة إلى أنه باحتساب معدل قضاة النيابة العامة بالدائرة القضائية البالغ 104 قضاة للنيابة العامة، مقارنة بمجموعة النسمة السكانية للدائرة القضائية المحدد في 4.473.507 نسمة يفضي إلى نتيجة قاض واحد للنيابة العامة بكل 43.014 نسمة. القاضـي ابـن الفـلاح يفتخر صالح التيزاري كثيرا بوالده الفلاح العصامي، الذي حببه في مهنة القضاء وكان سببا في دخولها، بعدما اختار في بداية حياته بعد حصوله على الإجازة، مسارا داخل أرض المهجر. عاش الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، في مدينة الفقيه بنصالح التي تلقى فيها تعليمه الابتدائي والثانوي، ليلتحق بعد حصوله على شهادة الباكالوريا إلى مراكش، التي تلقى فيها تعليمه الجامعي، وهي المدينة التي عاد إليها نائبا للوكيل العام ووكيلا عاما في ما بعد. التحق بالقضاء في 1992 ، إذ عين نائبا لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بنكرير التي قضى فيها عشر سنوات، ثم نائبا أول لوكيل الملك بالمحكمة نفسها، ومن بنكرير انتقل التيزاري إلى مراكش، التي عين بها نائبا للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف، ثم نائبا أول بالمحكمة ذاتها، لتأتي مرحلة المسؤولية، بداية بالعيون التي عين بها وكيلا عاما، ثم عاد إلى عاصمة النخيل التي عين وكيلا عاما فيها، ليحط الرحال في نونبر الماضي بالعاصمة الاقتصادية، التي عين فيها وكيلا عاما للملك. الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، من أسرة قضائية تضم قضاة ومحامين، لم يكن ليلتحق بالقضاء لولا الحديث الهاتفي الذي جمعه بوالده في أحد أيام عيد الأضحى، والذي شكل رجة في تفكيره بعد السؤال الاستنكاري لوالده، بالقول "أنت من درس لسنوات في المغرب وأخذت الإجازة لينتهي بك المطاف في المهجر عاملا"، ليشكل نقطة تحول في حياته، إذ قرر العودة إلى المغرب في اليوم نفسه، لتبدأ رحلته مع عالم القضاء، بعد اجتيازه المباراة.