بوعمري: أوربا تبتز المغرب

المحامي والناشط السياسي أكد أن استعمال ورقة حقوق الإنسان تحكمه خلفيات سياسية واقتصادية أكد نوفل بوعمري، الناشط السياسي والحقوقي، أن الحملات التي يتعرض لها المغرب من قبل فرنسا والاتحاد الأوربي، تهدف إلى لي ذراعه، بسبب دبلوماسيته القائمة على تعدد الشركاء، ورفضه التدخل في سياسته الخارجية. وأوضح بوعمري في حوار مع "الصباح" أن مختلف الضربات وإن استعملت ورقة حقوق الإنسان، فإنها تحكمها خلفيات سياسية حركتها حكومات بعض الدول مستغلة تكتلات برلمانية أوربية تتوزع بين اليمين، الذي يحن للماضي الاستعماري المقيت، واليسار الراديكالي. في ما يلي نص الحوار: < التحركات الأخيرة داخل أوربا هي محاولة التضييق على المغرب في ملف الصحراء أو في بعض الملفات الإستراتيجية الأخرى المرتبطة باختياراته الدبلوماسية والاقتصادية، وهي تحركات كان هدفها بداية ممارسة نوع من الضغط السياسي لابتزاز المغرب، ليخضع لمختلف المساومات المرتبطة بثلاثة ملفات، تهم الملف الاقتصادي، والملف السياسي، والحضور المغربي بإفريقيا، بعد استرجاع المغرب مقعده داخل الاتحاد الإفريقي. كما تهدف الحملات إلى الضغط على المغرب، الذي أصبحت له مكانة موجهة ومؤثرة للقرار السياسي داخل أجهزة الاتحاد وتأثيره الإيجابي في عدد من القضايا الخاصة في تدبير وإدارة ملفات ذات طابع إستراتيجي، ناهيك عن انزعاج من تنويع شراكاته سواء مع روسيا والصين أو مع الولايات المتحدة الأمريكية، أو ما يرتبط بكيفية تدبيره لتوجهاته الخارجية التي لم تعد تختزل نفسها في أوربا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص. < تجمع الاتحاد الأوربي والمغرب شراكة قوية مبنية على حوار حقيقي، خاضه الطرفان منذ 2017، وتهدف محاولة إقحام القضاء الأوربي، لاستصدار قرارات ضد المغرب في ظاهرها، إلى "حماية الثروات الطبيعية بالصحراء، لكن في عمقها كانت مجرد ورقة للضغط من أجل انتزاع اتفاقية اقتصادية وفلاحية، تحقق فقط مصالح أوربا الاقتصادية، المالية ثم السياسية المرتبطة بالصحراء، لكن في نهاية المطاف، استجاب الطرف الأوربي، أمام ثبات الموقف المغربي لمطالبه وانتهت الأحكام القضائية، التي كان يراد انتزاعها من القضاء الأوربي ضدا على القانون الدولي إلى عدم قبولها إما لانعدام صفة بوليساريو في تمثيل "الشعب الصحراوي"، أو رفضها لعلة أن هذه الاتفاقيات، تتواءم والقانون الدولي، الذي يجيز للدول التي لها السيادة السياسية والإدارية على "الأقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي"، أن تبرم اتفاقيات اقتصادية مشتملة عليها، وهو ما ظل المغرب يدافع عنه، وقد أكد الملك رسميا، ألا شراكة اقتصادية مع المغرب دون الصحراء، وأن هذه الأخيرة، هي المنظار، الذي ينظر به للعالم. إن مختلف الضربات التي يتم توجيهها للمغرب، وإن استعملت ورقة حقوق الإنسان، تحكمها خلفيات سياسية حركتها حكومات بعض الدول، مستغلة تكتلات برلمانية أوربية تتوزع بين اليمين، الذي يحن للماضي الاستعماري المقيت، واليسار الراديكالي، الذي فشل في الدفاع عن حقوق المهاجرين، وانهار أمام تنامي خطاب الكراهية والعنصرية داخل أوربا. < فرنسا ماكرون يبدو أنها فشلت في إفريقيا بسبب اختيارات الرئيس الحالي وهي اختيارات لم تستوعب بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها القارة التي أصبحت تسعى أكثر لبناء قدراتها الذاتية والتخلص النهائي من تبعات المرحلة الاستعمارية التي كانت فرنسا فاعلة فيها بإفريقيا، في الوقت الذي كان ينتظر من ماكرون أن يكون واعيا بهذه المطالب المتصاعدة التي أظهرت ملحاحيتها، بعد أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية. لقد انخرط الرئيس ماكرون للأسف في محاولة إنتاج خطاب وسياسة خارجية محافظة من خلال استعمال الإعلام الفرنسي، لاستهداف بعض الدول على رأسها المغرب، أو للتحرك في أوربا، للضغط لاستصدار القرار عن البرلمان الأوربي، الذي حاول التملص منه، بعد أن تأكد له ألا انعكاس له على المغرب، الذي له من المناعة ما تجعله قويا وقادرا على امتصاص مثل هذه الضربات ومواجهتها والرد عليها بآليات دبلوماسية ومؤسساتية قوية. لقد حاول ماكرون الانخراط في المسلسل الجزائري لعزل المغرب عن محيطه باستقطاب النظام التونسي لهذا المحور، ثم بعده بزواج المتعة الذي أقامه مع نظام شنقريحة، الذي انهار مع أول امتحان متعلق بقضية الناشطة أميرة بيراوي، وأن يقنعنا من خلال ذلك التصريح بأنه غير متورط في مسلسل الضرب، تحت الحزام، الذي بدأ بتحريك تونس، ثم بعدها بافتعال أزمة التأشيرات، ثم تقربه من النظام الجزائري، الذي أراده أن يكون على حساب المغرب، وصولا إلى البرلمان الأوربي!!! < تجد مصالح المغرب الاقتصادية والسياسية نفسها في تنويع شراكاتها مع كل الدول والأقطاب الدولية، بدءا من الولايات المتحدة الأمريكية إلى روسيا ثم الصين وإسبانيا وغيرها من الدول، التي تحترم السيادة الكاملة للمغرب على ترابه، وتتعامل مع المغرب بمنطق ندي فيه احترام لسياسته الخارجية بهذا التنوع، الذي جعل المغرب يحافظ على مصالحه الحيوية. فمثلا، رغم حدة التقاطب بين الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما من جهة، وبين روسيا والصين من جهة أخرى، إلا أن كل هذه الدول لم تسجل أي موقف سلبي بمجلس الأمن، عندما نوقش ملف الصحراء، ما مكنه من تمرير القرار الأممي 2605 بدعم سياسي لكل الدول، وهذا امتياز يحظى به أمام أصدقائه بفعل تحركاته الخارجية الواضحة، غير المبنية على التموقع بشكل انتهازي أو مصلحي ظرفي، ما أهله ليكون بلدا موثوقا فيه وذا مصداقية أمام أصدقائه، ويبدو أن فرنسا ازعجها هذا التنويع في شراكات المغرب الاقتصادية التي تجمعه مع بريطانيا. وقد انتعشت الحركية الاقتصادية بين البلدين، خاصة المقاولات الإسبانية التي توجد بالمغرب، تقول الأرقام إن صادرات إسبانيا نحو المغرب تجاوزت حاجز 77 مليار درهم، وكذلك واردات إسبانيا من المغرب، فاقت 63 مليار درهم. كما تجدر الإشارة إلى تلقي رئيس حكومتها دعوة رسمية من قبل ملك المغرب لزيارة المغرب. كل هذه الأرقام و غيرها تؤكد أن الأزمة المغربية-الفرنسية التي تسببت فيها فرنسا، لم يكن لها أي انعكاس على المغرب، لأنه لم يكن يعتمد فقط على فرنسا في اختياراته الخارجية سواء سياسيا او اقتصادياً، ويؤكد أن سياسة تنويع الشراكات، التي اعتمدها خيارا استراتيجيا منذ 2016 ، هي ما جعلته يتفادى أي انعكاس عليه، بفعل بعض الأزمات، التي عاشها سابقاً مع بعض الدول الأوربية. دبلوماسية إستراتيجية < تقييم أداء الدبلوماسية المغربية يكون بالنتائج التي تحققت، هنا لابد من طرح السؤال هل الحملات المغرضة ضد المغرب حققت نتائجها في إضعافه وفي جعله يقف في الطابور أمام قصر الإليزيه، كما تقف اليوم بعض الأنظمة، التي تسببت في انهيار كلي لبلدانها، حتى باتت شعوبها تحن لمرحلة ما قبل 2011!! إن الدبلوماسية المغربية التي قادها الملك، ووضع أسسها كانت تحركاتها إستراتيجية، غير مبنية على مواقف دوغمائية، بل إن كل التجارب مع عدد من الدول، أثبتت أن المغرب لم يكن يسعى لمختلف الأزمات التي عاشها، بل كان يساق إليها، ويقوم إثرها بالرد المتناسب مع الوقائع. كما أن تدبير المغرب لملف القرار الصادر عن البرلمان الأوربي ومحاولة إقحامه في ملفات فساد أوربية أو إعادة إحياء ملف التجسس "بيغاسوس"، التي لم تستطع صاحبة الادعاء الأصلي "أمنستي"، إثبات ادعاءاتها ليقوم البرلمان الأوربي، بالاستعانة بعناصر من مليشيات مفلسة، تنتمي لتنظيم إرهابي فقط للبحث عن إدانة المغرب في عمل لا أخلاقي قبل أن يكون لادبلوماسيا، ويتناقض مع القيم التي ظلت أوربا تسوقها للعالم. أجرى الحوار: برحو بوزياني في سطور - من مواليد شفشاون - محام بهيأة تطوان - باحث في سلك الدكتوراة - يتحمل مسؤولية في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان - عضو هيأة دفاع ضحايا مخيم اكديم إزيك - صدرت له العديد من المقالات في مؤلفات جماعية حول القضية الوطنية

بوعمري: أوربا تبتز المغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال مصور جنود في أوضاع جنسية

الراجي: نرفض محاماة بخصوصية مغربية

مقالات ذات صلة