مختلون منبوذون

يتجولون في الشوارع عوض العلاج بالمستشفى وجرائمهم تهدد حياة الأسوياء «وريه وريه ولا عمى سير وخليه»، مثل مغربي يصلح إسقاطه على السلطات المحلية ووزارة الصحة التي اختارت التراخي عن القيام بواجبها المهني في ما يخص مسألة العناية بـ"المختلين عقليا"، الذين لا تقبل قضيتهم التأجيل، باعتبارها لا تتعلق بمصير شخص واحد، بل بمجتمع برمته. ولعل توالي جرائم المختلين عقليا أكبر ناقوس يدق لإيقاظ المسؤولين للتحرك العاجل، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، أمام الانتشار المهول للمرضى النفسيين في شوارع وأحياء المدن ودواوير القرى، الذين أصبحوا يتحركون بشكل ظاهر ومخيف، نظرا لسلوكاتهم التي تخيف السكان والمارة خاصة الأطفال والنساء وكبار السن. ودفع انتشار ظاهرة المختلين عقليا بشكل مهول، بعدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى مناقشة المشكل بسخرية لاذعة بالقول " وزارة الصحة من نهار خواو بويا عمر من دوك المرضى وحنا فالمشاكل، ما خلاوهم تماك ما داوهم إداواو بذريقة عصرية فالمستشفيات"، مؤكدين على أن خطوة وزارة الصحة الرامية إلى حماية هؤلاء المرضى بعد تحريرهم وانتشالهم من ظروف مزرية، إلا أن المبادرة كانت عرجاء بعد التخلي عن هذه الفئة في وسط الطريق بتركها تتجول في الشوارع دون حسيب ولا رقيب، أمام قلة المستشفيات المختصة لإيوائهم وعلاجهم. وإذا كانت مسؤولية وزارة الصحة ثابتة في عدم رعاية المختلين عقليا، الذين يتجولون بالشارع، فإن انتشارهم المهول وسلوكاتهم الإجرامية تكشف مسؤولية السلطات المحلية، التي لم تتدخل بالشكل الناجع لانتشال هؤلاء المرضى النفسيين من الشوارع وإيداعهم المستشفيات المختصة لعلاجهم، تفاديا للمشاكل التي أضحت واقعا، بل شبحا يطارد السكان والمارة في جميع الأوقات. هي حوادث كثيرة أماطت اللثام، عن تداعيات تخلي السلطات المختصة عن دورها في انتشال المختلين عقليا من الشارع العام، وإحالتهم على مستشفيات الأمراض العقلية لإخضاعهم للعلاجات الضرورية حماية لهم وكذا لحماية أفراد المجتمع من مخاطرهم، التي تتجاوز سلوكات المطاردة والبصق والسب والرشق بالحجارة، إلى جرائم قتل بشعة تستعمل فيها أسلحة بيضاء وخنق. ولعل ما شهدته حد السوالم إقليم برشيد، الجمعة ما قبل الماضي، ينذر بالكثير من المفاجآت غير السارة في هذا الباب، إذ شهدت المنطقة مهاجمة مختل عقليا إمام مسجد. وبينما كانت شعائر صلاة الجمعة تسير بشكل عاد، تفاجأ المصلون بتسلل شخص غريب المسجد، وهو يخترق الصفوف، قبل أن يقصد منبر الخطبة ليصعد ويقوم بإحكام قبضته على الإمام، محاولا خنقه بهدف الإجهاز عليه، قبل أن يتم إنقاذه في آخر اللحظات من قبل جموع المصلين، إضافة إلى الواقعة التي همت استهداف سياح أجانب بتزنيت وأكادير في مقاه ومطاعم بأسلحة بيضاء، وكذا على زوجين يحملان الجنسية الفرنسية يبلغان سنا متقدما، تم الاعتداء عليهما من قبل المختل بعد رشقهما بالحجارة، بمنطقة مولاي بوسلهام إقليم القنيطرة. ومن بين الحوادث التي يمكن الاستشهاد بها كمثال لا للحصر، ما شهده حي ترقاع بالناظور، من جريمة قتل بشعة ذهب ضحيتها رجل، بعد تهشيم رأسه على يد جان لم يكن سوى شقيقه الأصغر، وقبلها دوار إغير أزمور بجماعة أنفك بإقليم سيدي إفني، الذي اهتز على وقع جريمة قتل بشعة، ذهب ضحيتها مؤذن بمسجد على يد جان، لم يكن سوى مختل عقليا معروف بعدوانيته. وأثارت واقعة قتل المؤذن الستيني، غضب سكان دوار إغير أزمور وفعاليات جمعوية، إذ تم تحميل مسؤولية الجريمة إلى السلطات المحلية، بسبب تراخيها في الاستجابة إلى طلبات توجيه مريض إلى مستشفى الأمراض العقلية للحصول على العلاج، والتحذيرات المتواصلة من سلوكاته، التي يمكن أن تتحول إلى جريمة قتل في حق عائلته والجيران. وتأتي تحذيرات السكان من مخاطر الجاني، بعد أن ذبح حمارا بالدوار، وتهديداته التي توزعت بين الاعتداء على الجيران ووالدته وكيل السب والشتم للمارة، ومحاولات التصفية الجسدية لعدد من الناس، آخرهم أحد المسنين الذي تم تخليصه من قبضته في آخر لحظة، إلا أن تجاهل قائد قيادة إبضر دائرة الأخصاص إقليم سيدي إفني لشكايات المتضررين، انتهى بتنفيذ المختل لوعيده بارتكابه جريمة بشعة في حق المؤذن، بعدما لم تتحرك السلطات المحلية لإيقافه ونقله، إما للمستشفى، أو إشعار مصالح الدرك الملكي بتجاوزاته لاعتقاله، درءا لمخاطره، وهي التحذيرات التي مازالت تتردد على ألسنة مواطنين في جميع ربوع الوطن لعيشهم معضلة اسمها "تربصات الحمقى في الشوارع والفضاءات العامة". محمد بها

مختلون منبوذون

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مغاربة تحت الصفر

لوبيات‭ ‬تعدم‭ ‬8‭ ‬هكتارات‭ ‬بالمحمدية

مقالات ذات صلة