شركات التحصيل… العودة لزمن الفتوات

قروض معلقة الأداء بـ 8700 مليار تسيل لعابها وتدفعها إلى نهج أساليب القراصنة لاستخلاص جزء منها أعاد الشطط الذي تمارسه شركات خاصة لتحصيل الديون في حق أشخاص تعذر عليهم أداء قروضهم، الحياة إلى الفتوات الذين لم يعد لهم وجود سوى في الأعمال السينمائية والتلفزيونية. وتعتبر مصر من ضمن البلدان التي اشتهر فيها هذا النوع من الممارسات حتى أصبحت مادة خصبة تغري كتاب الأفلام والمخرجين، مثل الفيلم الشهير "الفتوة"، الذي أنتج خلال 1957 ولعب دور البطولة فيه الفنان الراحل فريد شوقي. وأصبحت، حاليا، هذه الفتوات من الماضي تحكى قصصهم وتؤلف كتب حول نظام عملهم. لكن برزت، حاليا، مظاهر حديثة وممارسات أعادت عهد الفتوات إلى القرن الواحد والعشرين، لكن بلبوس عصري، إذ بعد أن كان الفتوة فردا تحول حاليا إلى شركات يتلخص دورها في تحصيل الديون من المدينين لفائدة شركات التمويل والبنوك، وبذلك أصبح للمغرب، أيضا، فتواته في صيغة جديدة. إنجاز: عبد الواحد كنفاوي يتعرض عدد من المواطنين، باستمرار إلى تحرشات شركات تحصيل الديون، التي توظف مختلف الأساليب بهدف ترهيب المدينين للبنوك أو شركات تمويل ودفعهم إلى أداء ما بذمتهم من قروض. وأكدت مصادر أن هذه الشركات تعمل خارج أي إطار قانوني، كما أنها تستغل معطيات ذات طابع شخصي، غالبا ما تسلم لها دون موافقة المعني بها، وعلى أساسها تشرع في مطاردة مواطنين مستغلة جهلهم بحقوقهم. وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه لا يوجد أي نص قانوني ينظم عملية التحصيل من قبل الغير، مثل شركات التحصيل التي عرفت انتشارا في السنوات الأخيرة، وفي غياب ضوابط قانونية، فإن هذه الشركات تمارس الشطط في عملية التحصيل، ويشتكي مواطنون من تعسفات ممثليها. وتضع تجاوزات هذه الشركات الدائنين، أي البنوك وشركات التمويل، موضع المساءلة، إذ تخرق القانون المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بتمكينها أغيارا من معطيات زبنائها. وأصبح هذا الموضوع مصدر إحراج لبنك المغرب، الذي يمثل سلطة تقنين ومراقبة القطاع وحماية حقوق زبناء مؤسسات الائتمان. فراغ قانوني تجاوز حجم القروض معلقة الأداء، خلال النصف الأول من السنة الماضية 87 مليار درهم (8700 مليار سنتيم)، ما ساهم في تناسل عدد من الشركات المختصة في التحصيل، التي أصبحت تتكفل بملاحقة المدينين ومطالبتهم بأداء ما في ذمتهم من مستحقات المؤسسات العمومية. ويفاجأ عدد من المواطنين بمكالمات هاتفية أو مراسلات من هذه الشركات تطالبهم، من خلالها بأداء مبالغ، غالبا ما تزيد عن مبلغ القروض التي تكون في ذمة الأشخاص الملاحقين، إذ تتم إضافة عمولات التحصيل وفوائد التأخير. وإذا كانت هذه الشركات منتشرة في عدد من البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو البلدان الأوربية، فإن تدخلاتها في المغرب غالبا ما لا تكون مؤطرة بقوانين، إذ هناك فراغ قانوني في هذا المجال، فلا يوجد أي نص قانوني ينظم عملية التحصيل من قبل الغير، مثل شركات التحصيل التي عرفت انتشارا في السنوات الأخيرة، وفي غياب ضوابط قانونية ما يؤدي إلى الشطط في عملية التحصيل، ويشتكي العديد من المواطنين من تعسفات ممثلي هذه الشركات. وأكد مسؤول بجمعية لحماية حقوق المستهلكين في تصريح لـ"الصباح"، توصل الجمعية بعدد من الشكايات لمواطنين تعرضوا للشطط من قبل هذه الشركات، مضيفا أن أحد المواطنين تم الحجز على حساباته وتبين، بعدما احتج على القرار لدى مؤسسته البنكية، أن الأمر يتعلق بخطأ من قبل المؤسسة البنكية، كما أن بعض الزبناء يتفاجؤون بوضعهم ضمن القائمة السوداء. ويتفاجأ البعض بإشعار من قبل شركات التحصيل تطالبهم بأداء مبالغ لا علم لهم بها، إذ توصلت زبونة لمؤسسة بنكية باتصال هاتفي يطالبها بأداء مبلغ 12 ألف درهم من مبلغ قرض سبق أن استفادت منه منذ أزيد من 15 سنة، علما أن شركة التمويل كانت تقتطع الأقساط مباشرة من حسابها البنكي إلى غاية انتهاء المدة المخصصة لاسترداد القرض، وظلت محتفظة بحسابها أزيد من ثلاث سنوات بعد انتهاء المدة، قبل أن تغير الحساب إلى مؤسسة بنكية، لكن شركة التحصيل لم تستمع إلى كل تبريراتها وشددت على ضرورة تحصيل المبلغ تحت طائلة المتابعة القضائية. وأمام إصرار ممثلي الشركة، اضطرت الزبونة إلى اللجوء إلى الوسيط البنكي الذي أمدته بمختلف الوثائق التي تعزز أقوالها. وتبين، بعد تدخل الوسيط البنكي، أنه بالفعل ما زال أحد الأقساط الشهرية لم يؤد، لكنها لا تتحمل مسؤولية ذلك، وتقرر أداء القسط دون أي فوائد تأخير أو عمولات التحصيل، لتؤدي، في نهاية المطاف، 750 درهما، بدل 12 ألف درهم التي كانت شركة التحصيل تطالبها بها. وإذا كانت تلك الزبونة تمكنت من سلك المساطر القانونية والدفاع عن حقوقها، فإن عددا من المواطنين الذين لا يتوفرون على القدر الكافي من الثقافة القانونية ينصاعون إلى هذه الشركات ويؤدون المبالغ المطالبين بها دون تردد. كما أن عددا من زبناء شركات التمويل تفاجؤوا بالحجز على سياراتهم من قبل أشخاص يزعمون أنهم يعملون بشركة لتحصيل الديون، فيتم نقل السيارة إلى وجهة غير معلومة دون تقديم أي معلومات للمعني بالأمر. السرالمهني اعتبر أحد المحامين أن شركات التحصيل يجب أن ينحصر دورها في الوساطة بين المؤسسة البنكية وزبونها، من خلال البحث عن مكان وجوده والتكفل بإبلاغه بأداء ما بذمته لفائدة الشركة. لكن غالبا ما تتجاوز هذه الشركة هذه الحدود، بل إن البعض منها يتقمص دور الشرطة القضائية ولا يتوانى في تهديد الزبون ومطاردته لدفعه إلى أداء مستحقات شركات التمويل أو المؤسسات البنكية. الأدهى من ذلك أن هناك تساؤلات تطرح حول مدى قانونية تمكين شركات تمويل ومؤسسات بنكية هذه الشركات من معلومات تخص الزبون، علما أنها ملزمة بالسر المهني، إذ لا يمكنها تقديم أي معلومات تهم الزبون دون ترخيص كتابي من قبله. وتجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن المركز المغربي للوساطة البنكية لا يمكنه أن يقبل الشكاية ويباشر مسطرة الصلح إلا بعد الحصول على موافقة مكتوبة من صاحب الشركة يسمح من خلالها لمؤسسته البنكية بإمداد الوسيط بالمعلومات الضرورية حول حسابه البنكي، إذ يمكنه أن يتابع المؤسسة البنكية إذا كشفت معطيات حسابه للغير، باستثناء إذا كان الأمر بمقتضى أمر قضائي يوجه إلى البنك المركزي الذي يمكن أن يمد المحكمة بالمعلومات التي تكون ضرورية للفصل في بعض القضايا. لذا، فإنه من الضروري، بعد تناسل هذه الشركة، العمل على إصدار القوانين التي تضمن ليس فقط حقوق المدينين، بل أيضا تنظم عمل شركات التحصيل وعلاقتها بالشركات والمؤسسات، التي ترغب في تحصيل مستحقاتها. انتحال الصفة إذا كانت الشركات المذكورة منتشرة في عدد من البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو البلدان الأوربية، فإن تدخلاتها في المغرب غالبا ما لا تكون مؤطرة بقوانين، إذ هناك فراغ قانوني في هذا المجال، فلا يوجد أي نص قانوني ينظم عملية التحصيل من قبل الغير، مثل شركات التحصيل التي عرفت انتشارا في السنوات الأخيرة، وفي غياب ضوابط قانونية، ما يؤدي إلى الشطط في عملية التحصيل، ويشتكي العديد من المواطنين من تعسفات ممثلي هذه الشركات. ولا يتعين أن تضطلع مكاتب وشركات تحصيل الديون بسلطة تتجاوز تلك التي تخولها لها طبيعة خدماتها، ذلك أنها وسيطة بين المؤسسة الدائنة والزبون المدين، الذي تحدد مكان إقامته في حال تغييره وتزود المؤسسة بالمعلومات الضرورية. وفي ظل غياب قانون منظم لأنشطة التحصيل في المغرب، تلتزم الشركات الفاعلة بإبلاغ الزبون المعسر بواسطة رسالة بريدية، بضرورة تسوية وضعيته المالية، وإلحاقها بأخرى بعد 15 يوما، في حال عدم الاستجابة، ثم الانتقال إلى إجراء مكالمتين هاتفيتين فقط بالمدين، من أجل التأكد من توصله بالرسائل البريدية، قبل توجيه إشعار رسمي، دون الحاجة إلى استشارة المؤسسة الدائنة حوله، وذلك في حالة عدم إبداء الزبون المعسر أي نية لسداد دينه أو التفاوض حول تقسيطه. لكن غالبا ما تتجاوز شركات التحصيل هذه الحدود، بل إن البعض منها يتقمص دور ممثلي القضاء والشرطة القضائية ولا يتوانى في تهديد الزبون ومطاردته لدفعه إلى أداء مستحقات شركات التمويل أو المؤسسات البنكية أو أي مؤسسة دائنة تلجأ إليها لتحصيل مستحقاتها. ويطرح التساؤل حول أسباب تجاهل السلطات العمومية للتجاوزات التي تمارسها شركات التحصيل وانتهاكها لحقوق المدينين وحرمة المعطيات ذات الطابع الشخصي.

شركات التحصيل… العودة لزمن الفتوات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لا فرق في الأعراض

تحت الدف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات