بنايات الموت في ربوع الوطن

أنسجة عمرانية مهترئة في المدن العتيقة تتفتت بسبب الإهمال وبطء التدابير يهدد حياة مواطنين تشكل الأنسجة العمرانية العتيقة المهددة بالسقوط عبئا كبيرا على الحكومة والوزارة الوصية والجماعات الترابية وباقي المؤسسات الأخرى، بسبب التعقيدات الكبيرة لهذه الظاهرة وتشابك معطياتها، وأيضا بسبب التأخر المزمن في معالجتها. وتتحول البنايات المهترئة، التي يعود تشييدها إلى بداية القرن الماضي في عدد من المدن المغربية، بالتدريج، إلى قنابل إسمنت تهدد حياة القاطنين الذين لا يملكون أي خيار غير البقاء تحت أسقف آيلة للسقوط، ما وقع فعلا في الأيام الماضية بعمالة مرس السلطان الفداء بالبيضاء. وحسب إحصائيات وردت في دراسة جامعية أنجزها الباحث جواد ظريف عن هذه البنايات وإستراتيجية التدبير، تمثل هذه المنازل 11.5 في المائة من مجموع المساكن القديمة على الصعيد الوطني بحوالي 348 ألف بناية منها 75 في المائة في أحياء الصفيح. وتهدد هذه الظاهرة حياة أكثر من 740 ألف أسرة في أكثر من 31 مدينة مغربية مثل مكناس، فاس والصويرة، البيضاء والقنيطرة، وتتركز بالأحياء العتيقة بهذه المدن، كما أن 50 في المائة من البنايات التاريخية توجد في حالة مزرية و10 في المائة مهددة بالانهيار. وقال الباحث إن البنايات الآيلة للسقوط من بين الظواهر التي تهدد الأحياء العتيقة بالمدن، وتعتبر أحد أهم مظاهر الفقر والتهميش الاجتماعي والاقتصادي في الحواضر، كما تحيل إلى ضعف برامج التدبير المحلي للمجال الحضري. وتعد هذه المشكلة، حسبه، أحدث وأخطر تجليات أزمة السكن، مؤكدا أن هذه المدن العتيقة عاشت حالات متعددة لانهيار المنازل، خلفت العديد من الخسائر المادية والبشرية. وأوضح الباحث أن الحكومة تحاول مواجهة هذه الظاهرة ببرمجة مشاريع لإعادة إسكان الأسر المهددة أو المتضررة، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع يقابل بمجموعة من الصعوبات التي تحول دون هدم الدور الآيلة للسقوط. ومن بين المشاريع التي تمت برمجتها في هذا الإطار، هناك مشروع المحج الملكي بالبيضاء، الذي عرف تعثرا نتيجة للعوائق التي واجهتها الشركة الوطنية للتهيئة الجماعية (صونداك). وعلى المستوى القانوني، جرى إدماج نصوص متعلقة بتدبير ملف البنايات المهددة بالسقوط ضمن مدونة التعمير، كما تم استصدار وتفعيل قرارات الإفراغ والهدم، وقرارات الاستصلاح على ضوء أشغال اللجن المحلية، ونتائج الدراسات التقنية، وجرى الإقرار بتفعيل القوانين الزجرية المتعلقة باحترام المعايير التقنية في ميدان البناء والتعمير وبتفعيل الضابطة المتعلقة بالقانون المضاد للزلازل. وصادق البرلمان في 2015 على القانون رقم 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عملية التجديد الحضري، للتغلب على الإكراهات والتحديات التي تزيد من حدة تدهور المشهد الحضري وتنامي السكن الآيل للسقوط، وما يخلفه من آثار على الأرواح والممتلكات ثم تدهور التراث المعماري التاريخي. ومؤسساتيا، تم تشكيل لجان محلية مختلطة للتتبع وتدبير المخاطر، تضطلع بمجموعة من المهام، مثل القيام بالزيارات الميدانية لتحيين المعطيات المتعلقة بالبنايات المهددة بالانهيار، والتصنيف الأولي للبنايات حسب درجة الخطورة، والبت في وضعيتها، التي تستدعي تدخلا عاجلا من أجل التدعيم المؤقت، والبت في قرارات الهدم الصادرة في البنايات المعنية، إضافة إلى إيجاد إطار تواصلي مع السكان المهددين بالظاهرة. يوسف الساكت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو

عندما يصير التراث المعماري عبئا

في أحيائنا قنابل إسمنت

مقالات ذات صلة