بورتري : “القرعة”… زوجة لا تقبل ضرة

كل الذين يعرفون زهير يعلمون أنه يعيش يومه بثلاث شخصيات متناقضة، فظا عبوسا في الصباح، ثم مرحا بشوشا أمام "بيرات" وسندويتش الكبدة في "الكلوب" بعد الزوال، لينهي ليلته بعين الذئاب في هيأة عربيد، محمر العينين، متلعثم الكلام متمايل المشية، تماما كما وصف مرسوم 1967 مقترف جنحة السكر العلني . رحلة سقوط الأقنعة اليومي يبدؤها هذا الإطار البنكي بكلمات لأم كلثوم وهي تهز أركان سيارته المتهالكة" أنساك ذا كلام ... أنساك يا سلام"، وطبعا الحديث هنا على قنينة الويسكي، التي لم يكملها في سهرة ليلة الأمس ويحن إلى موعد جديد معها.كفاءة زهير تجنبه انتقادات رؤسائه في العمل، ذلك أن سهراته الدائمة التي قد تصل حدود الفجر لم تؤخره يوما عن موعد الدخول إلى مكتبه، اللهم رائحة الكحول المنبعثة من تحت شاربه الأشقر من كثرة ملامسته لكل أنواع الكحول الحمراء والصفراء والتي لا لون لها. لا يتردد هذا الأعزب، الذي يطرق أبواب التقاعد في القول بأن شعاره في الحياة " سيجارة وكاس" مستعيرا في ذلك عنوان أول أفلام الراقصة الأسطورة سامية جمال، في محاولة منه لإقناع الناصحين له بالإقلاع عن الشرب وتكوين أسرته الصغيرة، لكن الحيلة انطلت على الجميع إلا أمه، التي عادة ما يستشهد برأيها فيه عندما تقول له كل صباح وهو يهم بمغادرة المنزل إلى العمل "أنت تزوجت مرة ما تبغيش الضرة ، هي القرعة".رغم حسرتها الكبيرة على "بلية" زهير، فإن الأم لا تتشدد في لومه، ذلك أن أبناءها "الأسوياء"، تزوجوا وهجروها، ولم تعد ترى لهم أثرا إلا في الأعياد والمناسبات، في حين بقي صاحب "البلية" إلى جانبها، يعيلها ويؤنس وحدتها، "وخا ديما سكران أنا الوحيد في خوتي لي عقل عليها، يصرح صاحبنا، موضحا كيف أنه يغدق عليها من فائض ميزانيته في شعبان ورمضان عندما يعلق هواية "الكاس والسجارة" ومثيلات سامية جمال. أكثر من ذلك يرجع إليه الفضل بعد وفاة أبيه في استكمال إخوته وأخواته تعليمهم وحصولهم على شهادات يفتخر بها كما لو كانت له. يحظى زهير باحترام العاملين في المقاهي والمطاعم والكباريات التي يعرج عليها في طوافه اليومي، لا لشيء سواء لأنه دائم الأناقة، يؤدي الثمن قبل فتح "الكازوزا" كما يحلو له أن يصف قنينات الجعة. "عندو يشرب ما عندوش ما كايجيش أصلا" يقول النادل حماد وهو يرتب نصف دزينة من قنينات "البيرة" أمام زبونه الذي لا يمل من الكلام عن تاريخه الطويل مع "القرعة"، وكيف أنه بدأ المسار منذ أن كان في مرحلة التعليم الإعدادي، وحرص على العمل أيام عطله لتوفير ثمن "ليترو" في إشارة منه إلى النبيذ الرديء. ياسين قُطيب

بورتري : “القرعة”… زوجة لا تقبل ضرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

3 أسئلة : "الروج" يتفوق على الجعة

المغاربة يستهلكون 118 مليون لتر من الخمور سنويا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات