التصنيع بمواد أولية مستوردة

زيادة في نسب رسوم جمركية تستنزف جيوب المغاربة أقرت الحكومتان الأخيرتان عددا من الإجراءات ذات الطابع الجبائي والجمركي، من أجل حماية المنتوج الوطني واستبدال الواردات بالإنتاج المحلي، إذ تم رفع الحقوق الجمركية على عدد من المواد الاستهلاكية أجنبية الصنع. لكن مع دخول هذه الإجراءات حيز التنفيذ، تبين أن السلطات العمومية وضعت العربة أمام الحصان، إذ كان عليها، بداية أن تضمن توفير المواد المستهدفة بالتدابير الجمركية بتصنيعها محليا بالجودة ذاتها للمنتوجات المستوردة، قبل تضريبها، حفاظا على مصالح المستهلكين، فلا أحد من المغاربة سيقتني منتوجا أجنبيا إذا توفر له في السوق الداخلي ما يماثله من ناحية الجودة والسعر. وفي غياب ذلك، فإن إجراء الزيادة في نسب الرسوم الجمركية لحماية منتوج مصنع بمواد أولية مجلوبة في أغلبها من الخارج، سيؤخر أكثر تأهيل نسيجنا الإنتاجي وتحسين تنافسيته، ما دام أن الصناع المحليين لن يبذلوا أي جهد، ما داموا في كنف حماية الدولة من أي منافسة أجنبية، وهذا سيصب في مصلحة قلة ممن شابوا على الرضاعة من ثدي الدولة. يتعين، بداية، توفير المنتوج الوطني بالمواصفات الدولية، قبل التفكير في الإجراءات الكفيلة بحمايته من المنتوجات المستوردة من الخارج، ما يتطلب إستراتيجية حقيقية لتأهيل وعصرنة النسيج الإنتاجي، بما يضمن تعويض الواردات بالمنتوجات محلية الصنع. وفي غياب ذلك، فإن أي زيادة في نسب الرسوم الجمركية سيساهم في تأخير إقلاع الصناعة المحلية وسيستنزف جيوب المغاربة أكثر، خدمة لمصالح بعض المنتفعين، الذين لم يبذلوا أي جهد منذ عقود لتطوير قدراتهم وإمكاناتهم وتحسين تنافسيتهم لمواجهة المنتوجات الأجنبية، رغم ملايير المال العام، التي أنفقت على تأهيل النسيج الصناعي. ويلاحظ أن أغلب المنتوجات المعنية بالمغرب لا تصنع محليا، أو إذا كانت هناك وحدات صناعية محلية تنتجها، فهي لا تكفي لتلبية الحاجيات، الأمر الذي أكده مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة السابق، إذ أشار، في تدخله بإحدى جلسات الأسئلة الشفوية، إلى أن هناك عددا من المواد التي يستوردها المغرب بقيمة تصل إلى 43 مليار درهم، يمكن تصنيعها بالمغرب، ما يعني أنها لم تكن تصنع بالمغرب حين إقرار الحواجز الجمركية. ووضعت الحكومة السابقة، من خلال برنامج "تطوير"، برنامجا لمواكبة الاستثمارات في إنتاج المواد التي يمكن صناعتها في المغرب، ويتعلق الأمر بالمساهمة بنسبة 30 في المائة من قيمة الاستثمار، وتحمل 80 في المائة من كلفة الخبرة التقنية وعدد من الامتيازات الأخرى. ويعتبر محللون اقتصاديون أن الزيادة في نسب الرسوم الجمركية لحماية منتوج مصنع بمواد أولية مجلوبة في أغلبها من الخارج، سيؤخر أكثر تأهيل نسيجنا الإنتاجي وتحسين تنافسيته، ما دام أن الصناع المحليين لن يبذلوا أي جهد، وما داموا في كنف حماية الدولة من أي منافسة أجنبية، وهكذا سيصب رفع الرسوم الجمركية في مصلحة قلة من الصناعيين على حساب شرائح واسعة من المجتمع، إذ أن هذه الزيادات ستنعكس على المستهلك. ع. ك

التصنيع بمواد أولية مستوردة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التحقيق في مزاعم تعذيب واحتجاز مستشار

قضية 26 شيكا تعود إلى نقطة الصفر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات