مغاربة “عايشين الحياة” في قطر

رقص وغناء في فضاءات ومراكز عمومية والاستمتاع بسحر قطر أكثر من 40 ألف مشجع مغربي يجوبون شوارع قطر منذ انطلاق المونديال. تراهم في كل مكان بالزي المغربي، وقمصان وقبعات المنتخب، احتفاء وابتهاجا بمشاركته في هذه التظاهرة الكروية الكبرى. انتشر المغاربة في الساحات العامة والمنتجعات والأسواق المركزية، خصوصا "كورنيش الدوحة" و"لوسيل" و"سوق واقف"، الأشهر من نار على علم، وغصت بهم المقاهي والمطاعم ومحطات النقل العمومي، كيف لا وهم الأكثر حضورا في الدوحة والمدن المجاورة لها. الأعلام الوطنية تزين قطر برمتها، والأهازيج الفلكلورية، طاغية، وأناشيد المنتخب أصبحت معروفة ومتداولة، وهتافات تشعر المغاربة، كما لو أنهم في بلدهم، وتحديدا في جامع الفنا بمراكش. غناء ورقص حول جمهور المنتخب الدوحة إلى مهرجان للغناء والرقص والهتافات والتغني باسم المغرب، منذ التعادل أمام كرواتيا بصفر لمثله، الأربعاء الماضي، في افتتاح مشاركته بالمونديال. اسم المغرب وشعاراته حاضرة بقوة وطاغية في الملاعب، كما الفضاءات والساحات والمقاهي والمطاعم، فأينما وجد المغاربة تسمع شعاراتهم وقفشاتهم وصيحات حناجرهم، التي تتغنى بالمغرب ووحدته الترابية. هي أجواء استثنائية في المونديال يعيشها الجمهور بتلقائية، وسعادة لا توصف، كيف لا وهو ينفرد عن غيره بجمالية التشجيع والأناشيد التي يصدح بها داخل المدرجات وخارجها، كما أبدع في تزيين ملعب البيت خلال مباراة كرواتيا. لا يمكن ولوج فضاء عمومي، دون أن تستوقفك احتفالات المغاربة وأهازيجهم الفلكلورية، فالدقة المراكشية حاضرة كعادتها في مثل هذه المناسبات والغناء الشعبي له مكانته، باختصار الموروث الثقافي والفني له بصمته وحضوره، ليس لأن وزارة الثقافة والرياضة مواكبة للحدث، وتقوم بواجبها على ما يرام، بل لأن الجمهور من نجح في ترصيع واجهة المغرب. هتافات تصل العالمية نجح الجمهور في جعل هتافاته وأناشيده معروفة ومتداولة بين مختلف الجماهير السعودية. عبارات "سير... سير" و"جيبوها يا لولاد"، التي ابتكرها الجمهور الودادي، أضحت معروفة ومتداولة عند السعوديين، كما القطريين والإماراتيين، لتميزها وتأثيرها الإيجابي في رفع معنويات اللاعبين وحماستهم، وهو ما جعل اللاعبين يشيدون بدور الجمهور في مباراة كرواتيا، لأنه غالبا ما تقوي مثل هذه التشجيعات أواصر الروابط بين المشجع وناديه، أو منتخب بلاده. مقاطع المشجعين الغنائية وصل صداها خارج ملاعب قطر، وأصبحت مستعملة وذات تأثير واضح على نفسية اللاعبين. يقول (غ.ك)، مشجع مغربي، مقيم في السعودية، إن شعارات وأغاني الأسود أصبحت ماركة عالمية، وتساهم في ترسيخ مكانة المنتخب ضمن أعرق المنتخبات العالمية، التي تتمتع بجماهير وفية وغفيرة. "عايشين" السعادة لا يختلف اثنان أن جماهير الكرة تعتبر فاكهة المباريات، بمونديال قطر، بحضورها المكثف والتوازن والنجاح إلى حد الآن. ولوج الملعب ينبغي أن يكون مبكرا، للاحتفاء بأجواء هذه المناسبة، الأكثر مشاهدة على الإطلاق. «عايشين المونديال بمعنى الكلمة"، بهذه العبارة تحدث مشجع مغربي إلى "الصباح". "إنها فرصة غالية للاحتفاء بأجواء كأس العالم. نحن راضون عن أداء المنتخب المغربي أمام كرواتيا، وأملنا كبير في تحقيق نتيجة إيجابية". وتابع آخر "جميل أن نحتفي بمنتخبنا على أرض عربية تحتضن المونديال لأول مرة". لا فرق بين جماهير مغربية وسعودية وتونسية وغيرها، الكل يتغنى بالمنتخبات العربية المشاركة في هذا العرس الكروي، ناهيك عن القواسم المشتركة، التي تجمع شعوب هذه البلدان، ضمنها الانتماء الديني والعرقي والتاريخ والعروبة. غالبا ما تكون هناك طقوس خاصة للتحضير للمباريات والاحتفاء بعدها في حدائق وفضاءات قل نظيرها، إذ تبدأ بارتداء قمصان المنتخب والتحاف العلم الوطني، ووضع ألوانه على أجسادهم وقمصانهم، التي يرتدونها، قبل التوجه إلى الملعب، عبر مختلف وسائل النقل العمومي، خصوصا "ميترو" الأنفاق، الذي يحظى بأولوية المغاربة، لسرعته، أولا، وما يوفره من راحة وإمتاع، ثانيا. يكاد ضيوف المونديال يجمعون على أن الجمهور المغربي، الأكثر حماسا وشغفا بكرة القدم، إلى جانب الحضور الوازن للسعوديين. هكذا تحدث مشجع سعودي "لو لا حضور الأشقاء المغاربة من كل حدب وصوب، لكانت أجواء مباريات الأسود دون حماس، أو طعم. فالمغاربة انتزعوا التقدير بطريقة احتفالاتهم، ومرحهم وخفة دمهم". التمتع قبل التبضع للمغاربة مكانة خاصة عند القطريين. يكفي ذكر اسم المغرب فقط، حتى تحظى بحفاوة واستقبال خاصين، لهذا طبيعي أن تلتئم جماهير المنتخبات العربية حول هدف واحد، وهو التمتع بأجواء كأس العالم. سحر قطر وأناقتها يدفعان المشجعين إلى قضاء ليال بيضاء، تجولا بين حدائق أسباير وكورنيش الدوحة ولوسيل واللؤلؤة و»سوق واقف» والمتحف القطري وغيرها من الفضاءات، حيث تختزل تاريخ وعراقة قطر، ونهضتها ومجدها، فالمغاربة مهووسون باكتشاف سحر هذا البلد المونديالي، أكثر من اهتمامهم بالتبضع والتسوق. يقول مشجع قادم من فاس، «إنها لحظة تاريخية ومناسبة عالمية، لهذا يجب أن نستمتع". لم يتعرض ضيوف قطر لاستفزازات، أو مضايقات، أو حتى محاولة نصب من سائقي أصحاب سيارات الأجرة، أو التعرض للخداع، سواء في المطاعم، أو المحلات التجارية. الكل مرحب به، ويقضي عرس المونديال في هدوء وسكينة. مطبخ كأس العالم إضافة إلى الاستمتاع بسحر قطر وجمال فضاءاتها، حرص المشجعون على اكتشاف مطبخ المونديال، إذ صار همهم البحث عن أطباق متفردة ومأكولات شعبية في مختلف المطاعم ومحلات بيع المواد الغذائية. ولأن قطر تضم جنسيات مختلفة، فبديهي أن تتنوع أطباقها، الأمر الذي ساعد على تلبية حاجيات جمهور المونديال برمته. أما المغاربة، فاستهوتهم مطاعم يمنية ولبنانية وهندية، لتميزها وتفردها عن غيرها، إضافة إلى أثمنتها المناسبة، مقارنة مع ما تعرضه مطابخ أخرى. هي إذن لحظات رائعة يعيشها الجمهور المغربي في مونديال قطر 2022، ومختلفة عن سابقاتها، ليس فقط لجودة الخدمات المقدمة وحسن التنظيم، بل لأن كأس العالم تقام لأول مرة ببلد عربي، وفوق ذلك كله مرحب به أينما حل وارتحل، في انتظار أن يطول مقامه أكثر في هذا البلد، إذا نجح الأسود في كسب معركة التأهل إلى الدور الثاني بالمونديال. مونديال الجمهور لأول مرة قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إطلاق أول نسخة لكأس العالم، الخاصة بالجمهور، موازاة مع فعاليات المونديال، المقامة في قطر إلى غاية 18 دجنبر المقبل. وستعرف الدورة الأولى مشاركة 32 فريقا تمثل جميع البلدان المشاركة في المونديال، وستدور أطوارها في ملاعب صغيرة بخمسة لاعبين، على أن تنطلق رسميا في 29 نونبر الجاري إلى غاية ثاني دجنبر المقبل. وكشفت مصادر مسؤولة ل»الصباح" أن كل فريق سيخوض مبارياته الثلاث في يوم واحد، وألا تتعدى كل واحدة 10 دقائق، رغبة من اللجنة المنظمة، التابعة ل"فيفا" في إنهاء منافسات مونديال الجمهور في ثلاثة أيام فقط. ويمثل المغرب في نسخة كأس العالم للجمهور فريق متكون من أفراد الجالية المقيمة في قطر، ويضم في صفوفه لاعبين اعتادوا ممارسة كرة القدم. وتضم تشكيلة منتخب الجمهور كل من أيمن الفارسي وحاتم الريسوني وهشام واجغو ومحمد مسافع وعبد الإله الفردوسي ومحمد بولهري وهشام الدخيرش وغسان ياكيدي، فيما يشرف على تدريبه جمال الوردي. وخصص "فيفا" جوائز مالية لمختلف المشاركين في هذه البطولة، الأولى من نوعها، منذ انطلاق المونديال، إذ سينال الفائز باللقب 25 ألف دولار، فيما سيحصل كل فريق مشارك في البطولة على مبلغ 2500 دولار، إضافة إلى تذكارات المشاركة. وسيخوض منتخب الجمهور ثلاث مباريات في يوم واحد، إذ سيستهل مشاركته بمواجهة كرواتيا ثم بلجيكا، فكندا. إنجاز: عيسى الكامحي وتصوير عبد الحق خليفة (موفدا "الصباح" إلى قطر)

مغاربة “عايشين الحياة” في قطر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الركراكي: الآن اعتبروني أحمق

لقطات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات