زيت الزيتون … ضعـف المردوديـة يلهـب الأسعـار
تقلص حجم إنتاج الزيتون بشكل غير مسبوق بجهة فاس، لتناسل عدة عوامل متنوعة مرتبطة بالجفاف وقلة التساقطات المطرية. وسجل أدنى المعدلات مقارنة مع سنوات ماضية، سيما بالمناطق البورية المشكلة لأكبر المساحات المغروسة بهذه الشجرة سيما بمكناس وتاونات وتازة وصفرو وبولمان.
ويجمع المهنيون على أن الإنتاجية ضعيفة جدا، سيما بإقليم تاونات الذي تغطي زراعة الزيتون فيه مساحة 150 ألف هكتار، أي 20 بالمائة من مساحتها الوطنية. لكن هذه المساحة الشاسعة لم تنتج هذه السنة، ما تطلع إليه الفلاحون ولم تتجاوز نصف المعدل السنوي المقدر بـ 15 قنطارا للهكتار.
وإن كان تراجع الإنتاج مشتركا وطنيا، فإنه أكثر حدة بهذه الجهة المنتجة مع جهة مراكش آسفي، أعلى النسب وطنيا. ولم يصل لمتوسط إنتاج السنوات العادية، وبنسبة أفدح بالنسبة إلى الأشجار غير المسقية خاصة بالمناطق الجبلية في كل الأقاليم المعروفة بزراعتها، ما أثر سلبا على مردوديته.
وقلص توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات المطرية وتأخرها حجم حبات الزيتون المنكمشة، وجعل مردوديتها أضعف لا تتعدى 12 لتر زيت عن كل قنطار زيتون، مع وجود تفاوت بين المناطق والأقاليم، حسب طبيعة التربة، ما ألهب أسعاره، بشكل غير مسبوق وفتح شهية بعض المضاربين.
ارتفاع أسعار الزيتون وزيته نتيجة لهذه العوامل مجتمعة وارتفاع تكاليف جمعه، يكلفان الفلاحين أموالا باهظة أمام قلة ما يجمعه المستخدمون بسبب قلة المنتوج، إذ “قد لا يجمع المياوم أجرته مما يجنيه الفلاح من كمية قليلة”، ما يجعل أي ثمن يباع به “قد لا يعوض الفلاح خسائر يتكبدها”.
ارتفاع تكلفة الإنتاج على قلته، ساهم في ارتفاع أسعار الزيتون في جهة فاس التي تعتبر ثاني الجهات إنتاجا ومردودية وجودة للمنتوج، إذ قفز سعر الكيلوغرام الواحد من الزيتون من ما بين 4 دراهم و5 في السنوات العادية إلى ما بين 7 دراهم و9، حاليا مع تفاوت ذلك بين الأقاليم.
وأمام هذا الارتفاع وضعف المردودية، زاد سعر زيت الزيتون بنسبة كبيرة تجاوزت 100 في المائة، إذ قفز من 35 درهما للتر الواحد إلى ما يفوق 80 درهما، سعر قد لا يستقر مستقبلا في ظل الاختلال الواضح بين العرض القليل والطلب المتزايد على المادة في السوق الداخلية والخارجية.
ويبرر الطلب الكبير تحول زيت الزيتون إلى مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها في موائد الأسر المغربية أو تعويضها بمواد أخرى بديلة، سيما بالنسبة إلى الزيت المستخلص بجودة عالية من قبل وحدات إنتاج عصرية أو بشكل تقليدي، ما زال وفيا لـ”الرحى” وسيلة قديمة لعصر الزيتون.
هذا الارتفاع فتح شهية مضاربين عادة ما يرتادون الأسواق الأسبوعية القروية لشراء أكبر كمية من زيت الزيتون وتخزينه والغش في جودته لتحقيق أرباح غير قانونية، سيما بمزجه بمواد كيماوية خطيرة على صحة المستهلك، دون أن تنفع وسائل المحاربة في اجتثاث ظاهرة تستفحل.
وأكد زكريا مجراوة، رئيس جمعية حماية المستهلك بصفرو، أن هذا الغش انتعش بسبب الغلاء الذي شجع أيضا عمليات سرقة المنتوج لوجود منافذ للتسويق المبكر من قبل تجار موسميين ومتطفلين قرب المزارع ومخارج أقاليم منتجة، ما يكبد الفلاحين خسائر فادحة ويضر بالأشجار وجودة المنتوج.
الخوف من سرقة المنتوج، يدفع فلاحين لجنيه مبكرا ما “يفقده قيمته السوقية والغذائية ويؤثر سلبا على جودته”، يقول زكريا داعيا فلاحي الجهة وأقاليمها المنتجة للزيتون وزيته بجودة عالية إلى الحفاظ على جودة زيته ومحاربة كل السلبيات المؤثرة عليها، حفاظا على سمعتها الطيبة وطنيا.
وحفاظا على هذه السمعة والجودة يتريث منتجون لحين تساقط الأمطار لجني الزيتون، أملا في ارتفاع مردوديته بشكل يغطي جزءا من مصاريفهم وتكاليف جمعه المؤثرة وعوامل طبيعية وضعف التساقطات، على أسعاره التي تجعل شراءه شبه مستحيل بالنسبة إلى فئات هشة أو بدخل محدود.
حميد الأبيض (فاس)