القري قال إن شريط المريني استوعب النص الأدبي دون الخضوع له أفرج المخرج إدريس المريني عن فيلمه السينمائي الجديد "جبل موسى" الذي نزل، أمس (الأربعاء)، إلى القاعات الوطنية. الفيلم الذي جرى تقديم عرضه ما قبل الأول، الاثنين الماضي، بسينما "ميغاراما" بالبيضاء، بحضور طاقمه الفني والتقني، مأخوذ من رواية "جبل موسى" للكاتب عبد الرحيم بهير، الذي تكلف أيضا بكتابة السيناريو الخاص بالعمل، وسبق أن حاز جائزة التمثيل بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته الأخيرة. ويرافق المريني في عمله الجديد طاقم فني وتقني يتكون من الممثل يونس بواب وعبد النبي البنيوي والسعدية أزكون وعمر العزوزي وعبد اللطيف الشكرا وآخرين. ويحكي العمل قصة شاب تم تعيينه أستاذا بإحدى القرى الساحلية وتقوده الظروف ليكتري شقة في بيت أرملة، ليكتشف أن لها ابنا معاقا كسيحا لا يتكلم ولا يتحرك إلا بكرسيه المتحرك في المحيط الضيق بين غرفته وشرفة البيت، ويتمكن الأستاذ من ربط علاقة بالشاب المعاق ليفاجأ بالعالم الذي يتحرك فيه: صور الفلاسفة ، وأقوال للمفكرين الكبار، ويكتشف موسوعيته واطلاعه الواسع بعد أن اهتدى لطريقة التواصل معه بالكتابة. وتتطور الأحداث وتموت الأم وهي توصي المدرس بابنها خيرا ليكتشف أشياء غريبة في سلوك هذا الابن وحول الأسباب التي جعلته يركن لإعاقته، أو بالأحرى يختبئ خلفها، إذ تتشابك الأحداث والشخوص والحوارات المطعمة بتأملات فلسفية عميقة تؤطر السير العام للرواية وتشكل خلفية لها. وفي سياق متصل اعتبر الناقد والباحث إدريس القري أن فيلم "جبل موسى" استطاع الجمع بين اللغة الأبجدية/ الروائية واللغة السمعية البصرية والانتقال بسلاسة من نص روائي إلى سيناريو إلى فيلم سينمائي، وبوعي عميق بخصوصية الكتابة الفيلمية واختلافها عن النص الأدبي. وأضاف القري، في حديث مع "الصباح"، أن المخرج تمكن من استيعاب النص الأدبي دون الخضوع لسلطته بالضرورة، لأن التقيد بالنص في السينما يفقدها المتعة في كثير من الأحيان، وهو ما حاول المريني تجنبه ليكسب تحدي تقديم عمل جريء، انحاز فيه لكل ما هو حداثي وانتصر فيه للحريات بلغة سينمائية، وإن تخللتها بعض اللحظات الثقيلة والكليشيهات الجاهزة، إلا أنها لم تفقدها جماليتها وتؤثر على سيرها العام. أما الناقد محمد باكريم فكتب عن الفيلم قائلا إنه"يفتح شهية النقاش حول حضور السؤال الفلسفي في السينما" إذ أنه "عمل مفتوح" بمعنى متعدد القراءات رغم حضور خطين موجهين للتأويل : نيتشه وابن عربي. مع ما انتجه ذلك من نقاش بين الشخصيتين الرئيسيتين حول الحب، والوجود والإيمان. كما يتضمن الفيلم، حسب باكريم، إضاءات أبرزها ان العمل إدانة لطبقة اجتماعية ( يرمز اليها أبو حكيم) اغتنت بطرق مشبوهة وتسلقت سياسيا بسرعة لتترك لنا عند ساعة الحقيقة (الموت) مجتمعا هجينا بدون بوصلة يتساءل عن هويته. كما أن الرفض الطوعي للكلام والحركة من قبل بطل الفيلم، يتابع باكريم، فهو تعبير بليغ عن الاحتباس الرمزي لمجتمع لم يحسم بعد سؤال الانتماء، ولم يتسلق بعد جبل الحقيقة. عزيز المجدوب