المحامون ووهبي… “شد ليا نقطع ليك”

خلافات متواصلة منذ تعيينه على رأس الوزارة في غياب حوار فعلي بين الجانبين لا تكاد تنطفئ نار الغضب بين المحامين وعبد اللطيف وهبي، وزير العدل، حتى ينبعث دخان جديد، ينذر بحالة توتر جديدة، في غياب تام لباب الحوار، الذي أقفله أخيرا، وزير العدل، وفي ظل تشبث كل طرف برأيه وموقفه الذي يعتبره هو الصائب. خلافات وهبي والمحامين عادت إلى الواجهة، أخيرا، إثر تسريب مسودة قانون المهنة، والتي من المحتمل أن تحال على البرلمان لمناقشتها، بالإضافة إلى قرار إجراء امتحان الأهلية لمزاولة المهنة والذي حدد تاريخه دون استشارتهم، وقبلها أثير موضوع الضرائب وجواز التلقيح، فما كان منهم إلا أن يقرروا تنظيم وقفة ثانية هذه المرة للتعبير عن غضبهم على مخرجات وزير العدل في شأن المهنة. إنجاز: كريمة مصلي الضرائب تشعل الفتيل من جديد بعد أشهر من تنصيبه، خرج عبد اللطيف وهبي، وزير العدل بتصريحات أمام لجنة العدل والتشريع بالبرلمان، أكد فيها أن المحامين يتملصون من أداء الضرائب وأن 95 في المائة منهم لا يصرحون بها، ولا تتجاوز المبالغ المعلن عنها عشرة آلاف درهم، ما يضيع على الدولة العديد من المداخيل المستحقة، لتكون الشرارة الأولى للخلاف، ويزكيها مشروع قانون المالية ل2023، الذي نص على إلزام المحامين بأداء تسبيق برسم الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات على السنة المحاسبية الجارية لدى كاتب الضبط بصندوق المحكمة لحساب قابض إدارة الضرائب. وحدد مشروع قانون المالية هذه التسبيقات في 300 درهم عن كل ملف يتم وضعه بمحاكم الدرجة الأولى، و400 درهم بمحاكم الدرجة الثانية، و500 درهم عن كل ملف يتم وضعه بمحكمة النقض، على أن يتم اقتطاع مبالغ التسبيقات سالفة الذكر من مبلغ الضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل المستحق في آخر السنة عند وضع الإقرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة أو الإقرار السنوي بمجموع الدخل، إذ تندرج الأرباح التي يحققها المحامون (أشخاص ذاتيون)، في إطار الدخول المهنية الخاضعة للضريبة على الدخل، على أساس الإقرار السنوي بمجموع الدخل، كما أن الأرباح المحققة من لدن الشركات المدنية المهنية للمحاماة تخضع وجوبا للضريبة على الشركات. ما تضمنه مشروع قانون المالية الذي أغضب المحامين، الذين لم يتقبلوا مسألة الاقتطاع من المنبع، واعتبروا أنه في الوقت الذي كان على زميلهم وزير العدل الدفاع عن المهنة، بارك ما جاء في مشروع المالية. امتحان المحاماة رغم الرفض ما إن أعلن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن 4 دجنبر المقبل، هو تاريخ إجراء امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، حتى ارتفعت الأصوات الرافضة لذلك القرار الذي اعتبروه أحاديا ولم تتم استشارة الهيآت المهنية فيه، خاصة جمعية هيآت المحامين بالمغرب، إذ استنكرت فدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب، قرارات وزارة العدل الانفرادية بالإعلان عن امتحان ولوج مهنة المحاماة دون إشراك المؤسسات المهنية، في ظل عدم توفير مناخ سليم يليق باستقبال الأفواج الجديدة، بما ينعكس إيجابا على الممارسة الفضلى لمهنة المحاماة وعلى تحقيق الشروط الضرورية لإدماج المحامين الجدد وممارستهم لرسالة الدفاع. الغضب نفسه عبرت عنه جمعية هيآت المحامين بالمغرب، التي أكدت رفضها للمنهجية التي يعتمدها وزير العدل مع مكتب الجمعية وتغييبه بشكل ممنهج عن المشاورات التمهيدية للقضايا المهنية، كما حصل بشأن الإعلان عن امتحان الأهلية، وإخراج مسودة مشروع قانون المهنة المسربة، في خرق واضح للمقاربة التشاركية التي دأبت عليها وزارة العدل في علاقتها مع جمعية هيآت المحامين بالمغرب منذ عقود. ليأتي رد وزير العدل ليؤكد من جديد أن تحديد تاريخ امتحان الأهلية كان باستشارة مع رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب، ويتم تكذيبه من قبل الجمعية التي أكدت أن الوزير يفتري عليها، وأعلنت عن قطع لغة الحوار معه. قانون المهنة... النسخة المسربة النقطة الخلافية التي أثارت غضب المحامين، أخيرا، تلك التي تتعلق بتسريب مسودة قانون المحاماة، من قبل مقربين للوزير، منحهم نسخا منها للتشاور، وهي النقطة التي أفاضت الكأس، إذ استغرب المحامون سواء من خلال جمعية هيآت المحامين أو التنظيمات المهنية الأخرى، ذلك التسريب في غياب تام للتشاور الذي كان يفترض من الوزير، إجراءه معهم، وعدم الاستجابة للنقاط التي تضمنتها النسخ السابقة لمسودة القانون والتي أشرف عليها وزراء العدل السابقون. غضب المحامين على التسريب أجاب عنه الوزير في لقاء إعلامي، أكد من خلاله أن له الحق في استشارة من يرغب بشأن المسودة. ولم يلتفت حتى للرسالة التي بعثها إليه نقباء سابقون، أكدوا فيها أن مسودة القانون هذه لم تعط التقدير الواجب لبذلة المحاماة ولماضيها التاريخي العريق، كما أثارت معارضة واسعة من محامين وهيآت فاقت كل توقع وانتظار، موضحين أن وزير العدل التقى ببعض نقباء ورؤساء سابقين وخارج أي تمثيلية رسمية، ومن غير أن ينتج عنه أي موقف مهني رسمي قد يلزم الجمعية أو مكتبها أو الهيآت، وحتى المجالس والمحامين، مشيرين إلى أن الوضع المهني في قطاع المحاماة أصبح مقلقا وخطيرا، وأن مخاوف المحاميات والمحامين توشك أن تنفجر غضبا أمام الإعلان عن هذه المسودة. عضوية مدى الحياة حملت مسودة قانون مهنة المحاماة إطارا جديدا للمهنة، تمثل في المجلس الوطني للمحامين، والذي يعد تنفيذا لتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وهو المجلس الذي سيكون غالبا بديلا لجمعية هيآت المحامين، إذ حمل بعض المقتضيات التي أثيرت في شأنها الكثير من الخلافات خاصة بالنسبة إلى الرئيس الذي يحتفظ بعد نهاية ولايته والمتمثلة في خمس سنوات بالعضوية داخل المجلس بصفة دائمة، خلافا لجميع المقتضيات الدستورية، إذ كيف يمكن أن يقبل العضوية مدى الحياة في مجلس ما، وماذا يمكن فعله في حال ما نسب إليه أي إخلال مهني؟ وليست تلك النقطة الوحيدة موضوع الخلاف، بل تنضاف إليها أن الأدوار المنوطة بالمجلس تتقاطع مع تلك المنوطة بالهيآت المهنية، ويرى البعض أن إحداث ذلك المجلس لن يضيف الشيء الكثير للمهنة. وتدعو مسودة مشروع القانون أيضا إلى تشكيل مجلس وطني للمحامين يتمتع بشخصية اعتبارية واستقلالية مالية، ويضم الرئيس الحالي وأولئك السابقين لجمعية هيآت المحامين في المغرب، والنقباء الحاليين، إلى جانب خمسة نقباء سابقين لهيأة المحامين بالبيضاء، وثلاثة نقباء سابقين للمحامين في الرباط وفاس ومراكش، واثنين لهيآت المحامين بطنجة وأكادير ومكناس والقنيطرة، ونقيب سابق واحد لباقي هيآت المحامين، على أن يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة، وهو الأمر الذي اعتبره البعض مخالفا للمقتضيات الديمقراطية، على اعتبار أنه تجب المساواة في عدد الأعضاء بالنسبة إلى جميع الهيآت. الاحتقان مستمر إثر انتهاء الوقفة الاحتجاجية التي نظمها المحامون، الجمعة الماضي، خرجت الجمعيات الثلاث الراعية للوقفة، فدرالية جمعيات المحامين الشباب ونقابة المحامين بالمغرب والجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، للتأكيد على استمرار معركة نضالها في مواجهة قرارات وزير العدل، والتي يحتمل أن تكون أكثر تصعيدا في الأيام المقبلة ضد ما أسماه المحامون تنصل الحكومة من الوفاء بالتزاماتها الدولية التي تلزمها بتوفير تكوين وتدريب ملائمين للمحامين والقيام بالإصلاحات الهيكلية الضرورية الكفيلة بضمان الشروط المطلوبة لأداء رسالة الدفاع، معتبرين أن أي إضعاف لدور الدفاع يهدد بإضعاف ضمانات الحفاظ على حقوق وحريات المواطنين. وأشارت هذه الجمعيات في بلاغ لها إلى أنها لن تتوانى عن التضحية والصمود واستعمال كل الآليات الوطنية والدولية المتاحة قانونا إلى حين تحقيق كل المطالب العادلة والمشروعة للمحامين. واعتبرت الجمعيات الثلاث أن وقفة الجمعة الماضي، هي حلقة من حلقات معركة نضالية انطلقت منذ أكثر من سنة، وعرفت محطات عديدة تبلور خلالها ملف مطلبي كامل يغطي كل الأعطاب التي تعانيها مهنة المحاماة بالمغرب ومنظومة العدالة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية للمواطنين، ويشمل كل الإصلاحات المطلوبة لتمكين المحاماة من ممارسة الأدوار المفترضة في الدفاع، باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات منظومة العدالة ومؤسسات الدولة الديمقراطية الحديثة. المحامي المسجل حديثا "ناقص الأهلية" من بين المؤاخذات على مسودة مشروع قانون المحاماة، تلك التي تضمنتها المادة 123، فالمحامي المسجل حديثا مالم يكمل خمس سنوات لا يمكن اعتباره من ضمن الجمعية العمومية الانتخابية، إذ حرمته المسودة من التصويت، وهو أمر غير مستساغ بالمرة، فالمغربي البالغ من العمر 18 سنة بإمكانه أن يكون ناخبا أو منتخبا، بل بإمكانه أن يكونا نائبا من نواب الأمة بالبرلمان، بينما المحامي المسجل حديثا صوته مسلوب ولا يمكنه أن يكون ناخبا، ومن ثم تطرح مجموعة من الأسئلة، هل مرد ذلك إلى قصور؟ أو أن حداثة سنه المهني تحول دون تقدير من هو أجدر بتمثيله وعليه الانتظار حتى يشتد عوده الانتخابي؟. فالمحامي حديث العهد بالمهنة والذي حرمته المسودة من التصويت يأتمنه القانون على حقوق الناس وحرياتهم بل وأرواحهم، هذا المحامي بإمكانه مؤازرة متهم بجريمة قد تصل عقوبتها للإعدام بينما لا يمكنه أن يصوت.

المحامون ووهبي… “شد ليا نقطع ليك”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أحكام مخففة لمشاغبي الجيش و"الماص"

الحبس للصوص النحاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات