ابن حيون خبير الجبايات قال إن هيكلة النفقات الضريبية لا تواكب التحديات الاقتصادية المعاصرة أجرى الحوار: حميد الأبيض (فاس) قال عصام ابن حيون، خبير مختص في الجبايات والضرائب، إن للإجراءات الاستثنائية في المجال الضريبي، كلفة كبيرة بالنسبة للاقتصاد، مؤكدا أن للإعفاءات الضريبية أهدافا هامة، لكنها تبقى في غالب الأحيان، حبرا على ورق في ظل الافتقاد لحنكة في التنزيل من طرف الجهات المختصة والافتقاد لنظرة مركبة وشمولية للتحديات الاقتصادية المعاصرة. وفصل في الحديث عن مختلف الإعفاءات وشروطها وأوجه التميز بينها، متطرقا لمواضيع أخرى تجدونها في الحوار: كيف يتقرر الإعفاء الضريبي ومن المستفيد منه؟ للاستفادة من الإعفاءات الضريبة، هنالك بالأكيد عدد كبير من الشروط التي لها علاقة بنوع الضريبة المشروطة. إذا أخدنا بعين الاعتبار الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة، وهما من أكبر الضرائب جباية على المواطن المغربي إضافة للضريبة على الدخل بنسبة لا تقل عن 75 في المائة من عائدات الدولة، فإن شروط الإعفاء تتغير حسب نوع الإعفاء والفئة المستفيدة منه. أين تتجلى أوجه الإعفاءات الدائمة بأسعار منخفضة؟ هناك ثلاثة أنواع من الإعفاءات الضريبية، يتمثل الأول في إعفاءات كلية دائمة بالنسبة للجمعيات والمؤسسات ذات الطابع الاجتماعي والتنموي أو التربوي بدون توجه ربحي. وهناك نوع ثان يهم الإعفاءات الكلية المحددة زمنيا، لمدة 5 سنوات في الغالب، تليها ضرائب دائمة بنسب مخفضة، مثل شركات الخدمات المكتسبة لصفة "القطب المالي للدار البيضاء" والشركات الناشطة في مناطق التسريع الصناعي والخاضعين لنسبة 15 بالمائة أو الشركات السياحية بالنسبة لمبيعاتها المحققة بالعملات المعادة إلى الوطن والشركات الرياضية الخاضعين لنسبة 20 بالمائة، التي تطبق على شريحة صافي الربح التي تفوق مليون درهم. ويتعلق الصنف الثالث من الإعفاءات بالضرائب الدائمة بنسب مخفضة محصورة في 20 في المائة، التي تهم الشركات المصدرة للمنتجات والخدمات بالنسبة لنسبة المبيعات المصدرة، فقط، باستثناء صادرات بعض المعادن والاستغلاليات الفلاحية الخاضعة للضريبة. ماذا عن الإعفاءات غير الدائمة بأسعار مخفضة؟ هناك نوعان من هذه الإعفاءات غير الدائمة بأسعار منخفضة، تتمثل في إعفاءات كلية غير دائمة تليها ضرائب دائمة بنسب عادية، كأصحاب امتياز استغلال الرواسب الهيدروكربونية لمدة 10 سنوات أو مراكز إدارة المحاسبة المعتمدة لمدة 4 سنوات أو لمدة 5 سنوات للشركات الصناعية ذات الأنشطة المنظمة والشركات التي تزاول أنشطة الخدمات، إضافة إلى إعفاءات غير دائمة لمدة 5 سنوات بنسب مخفضة محددة في 20 في المائة، تليها ضرائب دائمة بنسب عادية، مثل الأعمال الحرفية التي ينتج إنتاجها بشكل أساسي عن العمل اليدوي أو مؤسسات التعليم أو التدريب المهني الخاصة أو أيضا المطورين العقاريين، الذين يبنون مجمعات سكنية للطلبة. وهل يختلف الأمر بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة؟ الضريبة على القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة يؤديها طرف ويتحملها طرف ثالث يسمى دافع الضريبة، إذ أنه يكون المسؤول الوحيد عن منظومة القاعدة الضريبة أي كيفية حساب وتصفية الضريبة لفائدة الشخصية الخاضعة، والتي تقوم بتسديدها بطريقة غير تلقائية. وهي ضريبة تخص بالأساس الاستهلاك وبطريقة غير مباشرة القوة الشرائية للمستهلك. فظاهرة التخدير الضريبي التي تتميز بها تمكن الدولة من إخضاع بعض المنتجات لهذه الضريبة قصد الحد من اقتنائها، من قبل المستهلك النهائي، دون أي تأثير مباشر عليه لأنه لا يعتبر الشخص المسؤول عن تصفيتها وإقرارها ليرى مدى تأثيرها على دخله أو قدرته الشرائية. فعلى سبيل المثال عند اقتنائي لهاتف ما بمبلغ 2.400 درهم فأنا كمستهلك أخير اقتنيت الهاتف ب 2.000 درهم فقط وأمددت البائع ب 400 درهم إضافية قصد تصفيتها للمديرية العامة للضرائب من أجلي معتبرا أن نسبتها 20 في المائة والتي في أغلب الأحيان أجهلها لكثرة المنتجات ونسبهم. فإذا ارتفعت النسبة مثلا الى 30 في المائة، فإنني كمستهلك أخير سأقوم بتسديد 2.600 درهم بدون علم مني على أن نسبتها قد ارتفعت (أو انخفضت). وبالتالي فمن البديهي أن هذه الضريبة تتميز بإعفاءات ضريبية تختلف تماما عن الضريبة السالفة الذكر. أين يتجلى هذا الاختلاف والتميز؟ طبعا التميز موجود من خلال إقرار إعفاءات دون الحق في الخصم والتي تلزم الشخص الخاضع للضريبة بالبيع بدون ضريبة وشراء مدخلاته بضريبة القيمة المضافة دون التمكن من استردادها، ويتعلق هذا الإعفاء بعدد كبير من الأنشطة، كالبيوع الواقعة على بعض السلع غير المستهلكة في مكان البيع كالخبز والكسكس والسميد وأنواع الدقيق المستعملة للغذاء البشري وكذا الحبوب المستعملة لصنع أنواع الدقيق المذكورة والخمائر المستعملة في الخبازة والحليب والسكر الخام والتمور الملففة المنتجة بالمغرب... وهناك أيضا إعفاءات مع الحق في الخصم يعني أن دافع الضرائب، حتى لو باع بدون ضريبة القيمة المضافة، له الحق في استرداد ضريبة القيمة المضافة المدفوعة أثناء مشترياته (من خلال السداد) وتتعلق هذه الإعفاءات بالمنتجات المسلمة والخدمات المقدمة من لدن الخاضعين للضريبة لأجل التصدير والبضائع أو الأشياء الجارية عليها الأنظمة الجمركية الواقفة والأسمدة وعدد كبير من المنتجات والمعدات إذا كانت مخصصة لأغراض فلاحية لا غير. وأخيرا فالنظام الواقف وهو نظام يسمح فيه للشخص الخاضع لضريبة القيمة المضافة بتلقي بعض المنتوجات والخدمات اللازمة لتشغيله، دون أن يكون مرتبطا بهذه الضريبة، وهذا الشخص يكون في غالب الأحيان الشركات المصدرة. 2.5 في المائة من الناتج الداخلي ماهي كلفة هذه التدابير الاستثنائية على الاقتصاد الوطني؟ بالطبع هذه الإجراءات لها كلفة كبيرة بالنسبة لاقتصاد المغرب، فهي تشكل ما لا يقل عن 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام بحسب إحصائيات بنك المغرب وتزن حوالي 30 مليار درهم على ميزانية الدولة. إلا أن ما يجب التطرق اليه في هذا الباب هو هيكلة هذه النفقات الضريبية، التي أغلبها يرجع إلى ما قبل 2016، وهذا يدل على عدم مواكبتها للتحديات الاقتصادية المعاصرة. أيضا نلاحظ أن 46 في المائة من هذه النفقات يشكل إعفاءات متعلقة بالضريبة عن القيمة المضافة، التي أيضا تشكل أكبر العائدات. هذا يدل على أهمية الضرائب غير المباشرة. ولكن ما يلفت الانتباه هو نوعية هذه النفقات الضريبية والتي تتكون أساسا (64 في المائة) من إعفاءات شاملة، والتي يجب الحد منها لصالح أنواع أكثر تأثيرا على النسيج الاقتصادي. في سطور < أستاذ التعليم العالي بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمكناس < خبير مختص في قضايا المحاسبة والمالية المغربية والعالمية < خبير مختص في الجبايات والضرائب بالمغرب < مسؤول مالي في شركات وطنية مستشارا خارجيا