نشطاء مواقع التواصل اعتبروها فشلا لسياسات الحكومات المتعاقبة مطالبين بتحركات عاجلة لم تكن فاجعة قوارب "الحريك" التي أودت بحياة شباب في عمر الزهور ينتمون إلى سوق السبت أولاد النمة وباقي الدواوير والأحياء بإقليم بني ملال، بعدما اختار الضحايا خوض مغامرة مواجهة الأمواج بعدما سئموا مواجهة واقع معيشي مزر نتيجة البطالة وانسداد أفق المستقبل، (لم تكن) لتمر مرور الكرام دون أن تتصدر نقاشات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وفي الوقت الذي تم فيه العثور على ثلاث جثث للضحايا الذين كانوا ضمن رفاقهم، الذين لم يظهر لهم أي أثر، على متن قارب يقل 46 شابا، أجمع نشطاء موقع التواصل الاجتماعي على هول الكارثة التي وصفوها بالمأساة الإنسانية، التي لا يجب أن تمر مرور الكرام لأنها تحمل رسالة تدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل أبناء هذا الوطن، الذين قرروا التخلي عنه مكرهين لشظف العيش. ومن الأمور التي جعلت حدث غرق القارب تحظى بأهمية كبرى في صفوف شباب مواقع التواصل الاجتماعي، أن الضحايا الذين قرروا ركوب قارب مطاطي، انطلاقا من ضواحي الجديدة، للإبحار نحو الفردوس الأوربي المفقود، قبل أن يحصل عطب حول رحلتهم إلى مأساة إنسانية، جلهم ينتمون إلى كفاءات قررت البحث عن فرصة للعيش في بلاد الغربة، بعدما ضاقت بها السبل بسبب التهميش وصعوبة العيش في ظل قصر ذات اليد، خاصة أنها تنتمي إلى أسر معوزة وفقيرة. وأجمعت التعليقات التي حفل بها "فيسبوك"، على أن الواقعة تسائل المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي والعام بالمغرب، نظرا لأن الضحايا لم يقرروا خوض مغامرة ركوب الأمواج في إطار لعبة للتحدي أو استعراض للعضلات، وإنما كانوا مجبرين على المقامرة بحياتهم، بعدما تأكدوا من استحالة البقاء في مجتمع لا يولي أهمية للكفاءات وأن الأولوية في الحصول على فرص الشغل أصبحت لأصحاب "باك صاحبي". ومن بين التعليقات التي أثارت النقاش، اعتبار أحد النشطاء أن ألم الفراق عن الأهل خاصة الوالدين ومعاناة الغربة، لا يمكن مقارنتهما بمعاناة إهمال الشباب والحواجز، التي توضع في طريقهم، لضمان مستقبلهم وإبراز ذاتهم، مشيرا إلى أن "أولاد البلاد" لا يفكرون في الهجرة عبثا وإنما طمعا في الحصول على حياة جديدة وآفاق واسعة لإبراز ذواتهم حتى لو أدى بهم حلمهم إلى الوقوع فريسة قرش البحر. وكشف أحد المهاجرين الذي غامر بحياته عبر "الحريك" أن عالم الغربة ليس سهلا، بعد أن وجد أمامه الشارع الذي أصبح بيته يقضي فيه حاجته ويقتات منه وينام فيه، قبل أن ينجح في نيل ثقة إحدى العائلات، التي احتضنته وشغلته لديها في إحدى المزارع بالضواحي، مشددا على أنه رغم أن البداية لم تكن سهلة بسبب عدم توفره على أوراق الإقامة، إلا أنه استطاع نيل ثقة رب أسرة وهو مغربي هاجر في بداية السبعينات ويعلم معنى "الهجرة والحريك والغربة". وأضاف المتحدث نفسه "اليوم ضمنت فرصة شغل ومورد رزق قار وبأجر مهم، وأصبحت أتواصل بتقنية الفيديو مع عائلتي بالمغرب، في انتظار إتمام مشروع زواجي بإسبانية تعرفت عليها، ونيل أوراق الإقامة لزيارة عائلتي صحبة شريكة حياتي ومعانقة والدي اللذين اشتقت لهما كثيرا، وما ينبغي معرفته هو أن الشباب المغربي يؤمن بالهجرة لأنه يرى أقرانه ومن هم أصغر منه سنا بدلوا حياتهم بالغربة رأسا على عقب، ودخلوا نادي الناجحين، ما يجعل "الحريك" حلما يسكن عقل وقلب من مازال يعاني وسط مجتمع لا يؤمن بشبابه". وحظيت القصة بإعجاب من قبل عدد من الشباب، الذين علقوا عليها بالقول "أودي الحريك عمروا غايدار ليه حل مادام أن الحكومات المتعاقبة لم تفكر في حل جذري وجدي لضمان عيش كريم لجميع المواطنين دون إقصاء، والقطع مع سياسة المغرب النافع وغير النافع". محمد بها