إقبال على دروس العربية والثقافة المغربية ودعوات لإدراج الأمازيغية في وقت قرر فيه ملايين المغاربة عبور البحر الأبيض المتوسط، والانتشار في دول ضفته الشمالية، بحثا عن آفاق وفرص جديدة طيلة العقود الماضية، تعززت في السنوات الأخيرة مبادرات ربطهم ببلدهم الأم، من خلال تأطيرهم في الثقافة المغربية والدين الإسلامي. وبعدما كان الأمر مقتصرا على بعض المراكز الإسلامية والجمعيات، دخلت في السنوات الأخيرة أطراف رسمية، أبرزها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، التي تؤطر المغاربة بشكل علمي ومؤسس، داخل أقسام لتعليم الثقافة المغربية واللغة العربية. وأصبحت هذه الأقسام المنتشرة في مختلف الدول الأوربية، التي توجد فيها الجالية المغربية، في تزايد مستمر، تماشيا مع الإقبال المتزايد على هذه الدروس، التي كان المغاربة في أمس الحاجة إليها، خاصة أن الأسر تخشى على أبنائها من فقدان هويتهم الثقافية والدينية. وتعين الوزارة سنويا أساتذة مكونين جيدا، ويعرفون لغات أجنبية وتتوفر فيهم مجموعة من الشروط المطلوبة، من أجل الانتقال إلى التدريس في الخارج، خاصة في ظل وجود شراكات مع الدول الأوربية لتخصيص أقسام اختيارية لأبناء الجالية داخل المدارس العمومية والخاصة، لتلقينهم ثقافة ودين بلد الأصول. ولوحظ أن الأجيال التي ولدت في أوربا، تواجه صعوبات في تعلم الدارجة والأمازيغية، كما يواجهون تحديات في فهم تعاليم الدين الإسلامي، بسبب عدم إجادتهم اللغة العربية، ما يجعلهم بعيدين عن قيمهم المغربية والإسلامية، ويذوبون في المجتمعات الأخرى، رغم حرصهم على زيارة بلدهم الأم في العطل الصيفية. وهناك إقبال كبير في السنوات الأخيرة، على هذه الأقسام، سواء تلك التي توفرها وزارة التربية الوطنية، أو التي تؤطرها مراكز ثقافية وإسلامية وجمعيات المجتمع المدني، بسبب رغبتهم المتزايدة في تقوية الارتباط بالثقافة المغربية. ورغم أن الوزارة والجمعيات تبذل مجهودات كبيرة في هذا الصدد، إلا أن هناك دعوات لإدراج اللغة الأمازيغية في هذه البرامج، على اعتبار أن نسبة عالية من الجالية يتحدرون من مناطق ناطقة بالأمازيغية، خاصة الريف وسوس والجنوب الشرقي والأطلس المتوسط. وراسل رئيس التجمع العالمي الأمازيغي قبل أيام الرئيس الفرنسي، من أجل إدراج الأمازيغية مع اللغات الأجنبية في المدارس الفرنسية، على اعتبار أنها اللغة الثانية الأكثر تحدثا في فرنسا بعد الفرنسية. ويساهم تدريس الثقافة المغربية والدين الإسلامي المغربي لأبناء الجالية، في إبعادهم عن مخططات التيارات الإخوانية والسلفية، التي تستثمر في حب الأسر للإسلام من أجل تجنيد أبنائهم، وتسميم أفكارهم بأنماط تدين لا علاقة لها بالمغرب. عصام الناصيري