أستاذ العلوم السياسية أكد عدم تفاعل الحكومة مع مبادرات المعارضة أكد الشرقاوي السموني، أستاذ العلوم السياسية بالرباط، أن الحصيلة البرلمانية، تبقى متواضعة، خاصة في الجانب المتعلق بالتشريع والرقابة، سواء بالنسبة إلى الدورة البرلمانية الثانية أو حصيلة إجمالية للسنة التشريعية الأولى من هذه الولاية التشريعية. وسجل الشرقاوي في حوار مع "الصباح" عدم تفاعل الحكومة مع عدد كبير من المبادرات التشريعية "مقترحات القوانين" لأعضاء البرلمان، والتي همت قضايا اجتماعية واقتصادية وثقافية وحقوقية ذات أهمية بالغة. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار : ب. ب اختتم البرلمان الدورة الثانية. كيف تقيم تفاعل المؤسسة التشريعية مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تخيم على البلاد؟ رغم أهمية الحصيلة البرلمانية، من حيث المواضيع والقضايا، تبقى هذه الحصيلة، خاصة في الجانب المتعلق بالتشريع والرقابة، متواضعة، سواء بالنسبة إلى الدورة البرلمانية الثانية أو حصيلة إجمالية للسنة التشريعية الأولى من هذه الولاية التشريعية . حقيقة أن هذه السنة طبعتها مجموعة من المستجدات الدولية الاستثنائية، استمرار انعكاسات الأزمة الوبائية الناتجة عن تفشي فيروس كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، والظرفية المناخية الصعبة المتسمة بضعف التساقطات المطرية، إلا أن الحصيلة التشريعية لم تكن في مستوى هذه التحديات. ما هي النواقص التي تسجلونها على أداء المؤسسة التشريعية؟ لاحظنا غياب مخطط تشريعي يوضح تنزيل مجموعة من المقتضيات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية التي ينبغي أن تصاغ في إطار مشاريع قوانين، خاصة في ظل ما يعيشه المغرب من تحولات وصعوبات اقتصادية واجتماعية كأزمة غلاء المعيشة والزيادة في أسعار المحروقات وأزمة الماء والتشغيل والصحة ومجالات أخرى تتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة. كما لاحظنا أيضا عدم تفاعل الحكومة مع عدد كبير من المبادرات التشريعية "مقترحات القوانين" لأعضاء البرلمان، والتي همت قضايا اجتماعية واقتصادية وثقافية وحقوقية ذات أهمية بالغة. إن البرلمان والحكومة مطالبان خلال الدخول السياسي الجديد، بالرفع من الأداء من أجل تجويد التشريعات الوطنية، وكذلك ملاءمتها مع مجموعة من التحديات والمتغيرات الجديدة على الصعيدين الداخلي و الخارجي، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي للخروج من نفق الأزمة التي تعيشها بلادنا. وعلى الحكومة التفاعل الإيجابي مع المبادرات التشريعية لأعضاء البرلمان في مجلس النواب أو مجلس المستشارين. كيف تنظر إلى دور المعارضة في التشريع ومراقبة عمل الحكومة؟ خصص الدستور المغربي لسنة 2011 للمعارضة البرلمانية حقوقا خاصة، كفيلة بالنهوض بمهامها النيابية والسياسية بشكل يترجم مدى المكانة التي تحتلها في المسار الديمقراطي، بل قام بدسترة حقوق المعارضة البرلمانية كما هو الشأن بالنسبة إلى الأنظمة الديمقراطية الغربية التي تعطي أهمية خاصة للمعارضة، من خلال دسترتها وتمكينها من آليات تستطيع من خلالها القيام بالدور المنوط بها على أكمل وجه. وتضطلع المعارضة البرلمانية بمجموعة من المهام، فهي تقترح خيارات وسياسات بديلة عن سياسات الحكومة القائمة، وتستعمل الآليات الرقابية التي منحت لها من قبل المشرع الدستوري، لضمان محاسبة فعالة للعمل الحكومي، وتساهم في صناعة التشريع وتحسينه وتطويره؛ ليستجيب لتطلعات المواطنين وأهداف التنمية الشاملة. غير أنه لوحظ، خلال الولاية التشريعية الحالية، نوع من القصور في أداء المعارضة البرلمانية، إن لم نقل معارضة ضعيفة في مواجهة الحكومة الني تقوى بأغلبية مريحة في البرلمان، وأيضا معارضة هشة وغير منسجمة. يلاحظ المتتبع ضعف تعاطي البرلمان مع القضايا الحقيقية. ما دور المعارضة في هذا الصدد ومسؤولية الحكومة؟ ركزت المعارضة البرلمانية، خلال الدورة الأولى من الولاية التشريعية الحالية، على شن هجومها على الحكومة، دون طرح الإشكالات الكبرى المتعلقة بمدى التزام هذه الأخيرة بتطبيق برنامجها من حيث المؤشرات والأرقام، إذ أن الدور الفعلي للمعارضة البرلمانية قد يكون شبه غائب، بالنظر للملفات الكبرى التي تستأثر باهتمام الرأي العام على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي، في مقابل مستوى من النقاش لا يرقى إلى المستوى المطلوب عبر التراشق في الكلام بين المعارضة والأغلبية والاتهامات المتبادلة وتصفية الحسابات السياسية، في الوقت الذي ينتظر الرأي العام الوطني من المعارضة البرلمانية الرفع من أدائها لتقويم الأداء الحكومي واقتراح الحلول والبدائل للحكومة في مواجهة الأزمة التي تمر منها بلادنا، وتقديم أفكار واقتراحات. تتحجج المعارضة بتغول الأغلبية. كيف ترون تعامل الحكومة ذات الأغلبية العددية في البرلمان.؟ إذا كانت المعارضة البرلمانية ضعيفة أمام حكومة لها أغلبية جد مريحة، تتغول وتهيمن بأغلبيتها العددية وتنزع نحو الاستقواء، فإن ذلك قد يفقد التوازن المطلوب ما بين الحكومة والمعارضة، فلا ديمقراطية حقيقية بدون معارضة حقيقية مؤهلة لمراقبة العمل الحكومي وتجويده. كما أن وجود حكومة قوية ومتضامنة ومتماسكة رهين بوجود معارضة بناءة ونقدية. كيف تنظرون إلى دور الدبلوماسية البرلمانية في الدفاع عن ملف الوحدة الترابية ؟ نص الدستور المغربي لسنة 2011، على صلاحيات مهمة للمؤسسة البرلمانية في مجال العلاقات الخارجية مع الدول، وهو ما يؤكده الفصل 68، الذي يشير إلى عقد جلسات مشتركة بين مجلس النواب والمستشارين للاستماع إلى خطب رؤساء الدول والحكومات الأجنبية، والفصل 10 من الدستور، الذي خول للمعارضة البرلمانية حقوقا، من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية، والتي من بينها المساهمة الفعالة في الدبلوماسية البرلمانية. من أجل مقاربة جديدة لاحظنا انخراط البرلمان بشكل جدي، في كثير من الهيآت الإقليمية والدولية والمبادرات، التي من شأنها خدمة مصالح الوطن في الخارج، لاسيما في ما يخص الدفاع والترافع عن القضايا الإستراتيجية والحيوية للمملكة المغربية، وعلى رأسها القضية الوطنية، من خلال الانخراط القوي في الاتحادات والجمعيات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية. ورغم كل هذه الأنشطة والتراكمات الايجابية التي تم تسجيلها على مستوى الدبلوماسية البرلمانية، فإن المؤسسة البرلمانية بغرفتيها، مطالبة مستقبلا باعتماد مقاربة جديدة للدبلوماسية البرلمانية لمواجهة كل المواقف والأطروحات المناوئة للمصالح العليا لبلادنا، واستشراف آفاق جديدة للتعاون وفق المتغيرات الجيوسياسية والتحديات الإقليمية والدولية. في سطور < أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية < مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية