قضاة المجلس الأعلى للحسابات فضحوا اختلالات مالية كبرى تسبب غياب مراقبة رئيس سابق لجامعة محمد الخامس بالرباط، في تتبع صفقات بملايين الدراهم ضمنها صفقة تشييد بناية الرئاسة بحي أكدال، في خسائر مالية، دون أن ينذر الشركات المكلفة بالأشغال، ليجد نفسه متابعا رفقة ثمانية أطراف أخرى ضمنها رئيس مصلحة الصفقات بالرئاسة ومهندسون ومقاولون ومكتب دراسات. ووقفت الأبحاث أيضا على تلاعبات في تصاميم التهيئة وتغيير بعض الجوانب فيها رغم أن بعض تصاميم الإنجاز مكتوب عليها عبارة "غير قابل للتغيير". إنجاز: عبد الحليم لعريبي يحاكم رئيس سابق لجامعة محمد الخامس بالرباط، في شأن صفقات اعتبرها المجلس الأعلى للحسابات مغشوشة، استوجبت إحالتها على القضاء الزجري. وبعد تعميق البحث من قبل قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، معتمدة على أبحاث ومستنتجات الضابطة القضائية، اعتبرت أن هناك عناصر جرمية ووسائل إثبات أولية تورط الرئيس السابق ومسؤولين عن الصفقات ومهندسين ومكتب للدراسات. ويواجه الرئيس السابق لجامعة محمد الخامس بالرباط جرائم تبديد أموال عمومية، وجنحتي صنع عن علم شهادة تتضمن معطيات غير صحيحة واستعمالها، كما يتابع معه ثمانية أشخاص ضمنهم رئيس مصلحة الصفقات بالجامعة نفسها، ومهندسون ومقاولون ومكتب دراسات بتهمة المشاركة. وستكون جلسة 18 ماي الجاري، الخامسة والثلاثين والأخيرة في الملف، أمام قضاة غرفة الجنايات الابتدائية، بعدما قررت المحكمة طي النازلة، التي استمعت فيها إلى مختلف الأطراف، وناقشت في جلسة الأسبوع الماضي، حيثيات الواقعة التي استنطق فيها رئيس الغرفة الجنائية الابتدائية المتابعين، ليقرر في الجلسة المقبلة مواصلة النقاش والمرور إلى مرافعات الدفاع. قضاة الحسابات يضعون أيديهم على الاختلالات وضع قضاة المجلس الأعلى للحسابات بناء مقر رئاسة «محمد الخامس» والخزانة الجامعية ومعهد الدراسات الإسبانية البرتغالية على رأس الاختلالات التي شابت صفقات بمئات ملايين الدراهم. وجرى تحريك المتابعة ضد رئيس الجامعة ومشاركيه، وإحالته من قبل المجلس الأعلى للحسابات على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بعدما وقف قضاة المجلس على اختلالات ترقى إلى جرائم مالية، تفاعلت معها النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالعاصمة التي أناطت الأبحاث التمهيدية بضباط المكتب الوطني لمكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء. واعتبر المجلس الأعلى للحسابات أن الصفقات العمومية تخضع لعمليات المراقبة والتدقيق، وتكون هذه العملية إجبارية بالنسبة إلى الصفقات التي يتجاوز مبلغها خمسة ملايين درهم، ويجب أن تكون موضوع تقرير يرفع إلى وزير التعليم العالي، إلا أن رئاسة الجامعة لم تقم بهذه المهمة. صفقات بالملايين شمل البحث الأمني والقضائي الصفقات المتعلقة بأشغال بناء مقر خزانة جامعة محمد الخامس أكدال بمبلغ يفوق 784 مليونا، وصفقة بناء مقر رئاسة الجامعة بحي أكدال بمبلغ يتجاوز 800 مليون، وأربع صفقات أخرى تتعلق بتشييد مبان إدارية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وصفقة متعلقة ببناء مقر معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية وصفقة تتعلق بأشغال توسعة كلية الآداب والعلوم الإنسانية. وأشارت تقارير المجلس الأعلى للحسابات إلى عدم تقديم تصاميم الإنجاز المتعلقة بالأشغال المنجزة في إطار الصفقات المتعلقة بمباني كلية الآداب والصفقة المتعلقة بأشغال بناء مقر الخزانة والصفقة المتعلقة بأشغال تبليط واجهات وجنبات مقر رئاسة الجامعة، كما سجل القضاة أن الصفقة المتعلقة ببناء مقر رئاسة الجامعة جرى أداء كشف الحساب المؤقت عنها، قبل أن تشرع المقاولة في إنجاز الأشغال ويوضح محضر الورش ذلك، والذي يشير إلى أن الأشغال لم تبتدئ بعد. كما أفضت عملية مراقبة الأشغال المضمنة بكشف الحساب الختامي، إلى أن الجامعة أدت مبالغ مالية، دون إنجاز الأشغال المرتبطة بها. كما تبين عدم إنجاز أشغال البستنة وتأهيل المرأب، وإنجاز قاعة للأشغال بمقاييس أقل من تلك المشار إليها بالصفقة، وكذا تغيير عدة مواد من الصفقة بأخرى، هذا بالإضافة إلى وجود تناقضات واختلافات بين ما هو وارد بكشف الحساب الختامي وما جرى إنجازه فعليا. وتبين أيضا أن التوقيع على محضر التسلم المؤقت لأشغال صفقة بناء خزانة جامعة محمد الخامس، تشوبه خروقات، بدليل أن محاضر الورش تحمل تاريخا لاحقا لتاريخ محضر التسلم المؤقت الذي يشير إلى أن الأشغال موضوع الصفقة مازالت في طور الإنجاز، ليتبين أن مجموعة من الأشغال تم أداء قيمتها دون إنجازها. والأمر نفسه بالنسبة إلى معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية، وهو ما كان يحتم على الجامعة فرض غرامات التأخير على المقاولة، وأفضت عملية مراقبة الأشغال المنجزة إلى وجود أشغال مؤدى عنها دون إنجازها، خاصة إنجاز ووضع نافورتين، كما تبين أن المقاولة المكلفة تسلمت مبالغ مالية مقابل أشغال غير حقيقية. تلاعب بالتصاميم لم تسلم حتى تصاميم مجموعة من البنايات التابعة لوصاية الجامعة من التلاعب، رغم أن بعض تصاميم الإنجاز تحمل عبارة «غير قابل للتغيير»، لكن جرى تغييرها، وهو ما جر مهندس دولة يشتغل بمعهد التكنولوجيا التطبيقية بسلا، إلى المتابعة بدوره، إذ كان مسؤولا عن تتبع الأشغال. وجرى تحريك المتابعة ضد رئيس الجامعة وباقي المتهمين، بعدما وقف قضاة المجلس الأعلى للحسابات على اختلالات ترقى إلى جرائم مالية، تفاعلت معها النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالعاصمة التي أناطت الأبحاث التمهيدية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء، والتي استدعت المشتكى بهم إلى مقرها بالبيضاء، وواجهتهم فيها بمعطيات تقنية وعلمية عن تلاعبات بالصفقات العمومية الخاصة برئاسة الجامعة، وبعدما جمعت كافة المعطيات والمستنتجات ووثائق الصفقات، أحالتهم على الوكيل العام للملك بالرباط، الذي قرر عرضهم على قاضي التحقيق. تكييف المتابعة استمعت قاضية التحقيق إلى المتهمين التسعة، لتصرح بقيام أدلة كافية على ارتكاب رئيس الجامعة وثلاثة موظفين عموميين ضمنهم رئيس مصلحة الصفقات جناية تبديد أموال عمومية وجنحتي صنع عن علم شهادة تتضمن بيانات غير صحيحة واستعمالها، أما الخمسة الآخرون فيواجهون جناية المشاركة في تبديد أموال عمومية وجنحتي المشاركة في صنع شهادة عن علم تتضمن بيانات كاذبة واستعمالها. القاضي يمنح المتقاضين حقوقهم منح القاضي زكرياء الخياري، رئيس الغرفة الجنائية الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، للمتابعين وهيآت دفاعهم جميع حقوقهم، مستجيبا لأغلب الدفوع المقدمة في الموضوع، ضمنها جلسة سابقة اعتبر فيها دفاع متابع أن موكله لا يستطيع التواصل مع المحكمة لظروف شخصية، وأجل القاضي النازلة، كما استجاب لملتمس حضور ترجمان في ثلاث مناسبات قصد ترجمة تصريحات ممثل مكتب للدراسات. وأمر رئيس الغرفة أيضا خلال ست جلسات باستدعاء الممثل القانوني لمكتب الدراسات الذي أشرف على دراسات الصفقات المعلنة، والتي أكد فيها المجلس الأعلى للحسابات وجود خروقات ارتقت إلى جرائم مالية. وأمر رئيس الجلسة في إحدى الجلسات بإصدار مذكرة بحث في حق متابع تخلف عن الحضور جلسات عديدة دون مبرر معقول، قبل أن يحضر المتهم بعد سماعه بأمر استدعائه. وخصصت المحكمة في الجلسة الأخيرة قاعة لمناقشة القضية استمرت ساعات طويلة، وجهت فيها مختلف الأسئلة إلى المتابعين. كما استمعت المحكمة إلى ستة مصرحين استعانت بهم الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لمعرفة كيفية تدبير صفقات رئاسة جامعة محمد الخامس، واعتمدت عليهم قاضية جرائم الأموال في تكييف جرائم المتابعة. الرئاسة والجامعة طرفان مدنيان ستكون جلسة 18 ماي الجاري فاصلة في قضية الصفقات التي تتابع باهتمام كبير من قبل الرئيس الحالي للجامعة والذي انتصب طرفا مدنيا ضد الرئيس السابق والأطراف الأخرى المتابعة معه، كما انتصب وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي والابتكار ضد المتابعين التسعة، في عهد الوزير السابق عبد اللطيف الميراوي، وأيضا الوزير الحالي الذي سيواصل الدفع بمحامي الجامعة، وأدلت الوزارة بدورها بمذكرة تطالب فيها بالحكم لصالحها بقيمة الأموال المنهوبة. تطبيق الفصل 224 من القانون الجنائي بررت قاضية التحقيق متابعة رئيس الجامعة وثلاثة موظفين معه أمام غرفة جرائم الأموال، باعتبارهم موظفين عموميين بمفهوم الفصل 224 من القانون الجنائي، وأن المبالغ موضوع التبديد تفوق عشرة ملايين سنتيم، وهو ما يكون معه قسم الجرائم المالية بهذه المحكمة مختصا نوعيا ومحليا للنظر والبت في الجنايات سالفة الذكر طبقا للمادة 3 من القانون 10.36 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 150.11.1 بتاريخ 17 غشت 2011.