المسرحية المقتبسة عن بيكيت تعبر عن نفسية الإنسان المأزوم شهد مسرح الحي البرتغالي بالجديدة، أخيرا، عرض مسرحية انتظار السي مبروك". وهي مسرحية فرنسية الأصل، اقتبسها الفنان عبد الكبير ديكار، من المسرحي العبثي "صامويل بيكيت"، التي تحمل عنوان "في انتظار غودو" في لغتها الأصلية. وترجم المسرحية ذاتها المبدع عبد الرحيم مفكر، إلى الدارجة المغربية مع الاحتفاظ على طابعها العبثي، وأخرجها الفنان المسرحي مصطفى بوعسرية. وقام بتشخيصها كل من مصطفى فنيش وحسن أشباني وعبد الصادق اعبادة والطفل عبد الصمد اشبانة. وتدخل هذه المسرحية في إطار المسرح العبثي، الذي يقوده صامويل بيكيت وتتسم بالانتظار العبثي، المتعمد ويطغى عليها الترقب المصطنع لتبرير وجود لا معنى له، غير أن الحياة تكاد تكون غير ذات قيمة إن لم تكن كذلك. ولهذا نجد الشخصيتين المحوريتين (هراندو) وصاحبه (كرندل) يتمسكان بقشة أمل من خلال انتظار هذا الوافد الذي ربما يساعدهما في فهم وإدراك الغاية من وجودهما ليتمكنا من الاستمرار، ويواصلا الانتظار وأثناء ذلك يكتشفان ما ينتابهما من يأس وضياع ورتابة وبؤس يدفعهما إلى التفكير في الانتحار وجعل حد لمعاناة قد تطول بطول الانتظار. وكل ما يقع يكاد لا يكون ثابتا أو حقيقيا وإنما كل شيء من قبيل الوهم والعبث وتبييض وقت الانتظار. وتستمر الحياة.. ويستمر الانتظار وقد يأتي هذا الأمل، هذا المخلص المرتقب "سي مبروك" وقد لايأتي.. إنما الأكيد أنهما قد يقضيان العمر كله في الانتظار. ويشير الباحث حسن شويري، في تدوينة خاصة، أن مسرحية "انتظار السي مبروك"، تحتفي بقيم عديدة يلمسها المتلقي بعد أن يملأ بياضات النص ويقرأ ثناياه، ويستشرف علاماته الدالة، نجتزئ منها: قيمة الزمن، وقيمة الممكن واللاممكن، وقيمة الحرية والاستبداد، والفقر والغنى والوعي واللاوعي. ويضيف، "وهي كلها قيم تعبر عن طبيعة التحولات التي عرفها العالم بعد هيمنة قيم الرأسمالية، وما رافقها من تحولات سياسية واقتصادية وثقافية ووجودية، أثرت على العوالم الفردية والجماعية للكائن البشري، الشيء الذي دفع "بيكيت" لاختيار طابعه العبثي اللامعقول لرصد التناقضات المثيرة التي أضحت تسم العالم". أحمد ذو الرشاد (الجديدة)