لم تنفع كل "المسكنات" والإغراءات والامتيازات، التي استعملها مكتب مجلس النواب، في محاربة ظاهرة غياب "نواب الأمة"عن الجلسات العامة، واللجان المخصصة لمناقشة القوانين. وغاب أكثر من 170 برلمانيا وبرلمانية، عن الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة، الاثنين الماضي، ما جعل برلمانيا من الأغلبية يتحدث بحرقة عن حجم هذا الغياب، مطالبا زعماء الأحزاب بعدم تجديد تزكية من يستعملون المؤسسة التشريعية "قنطرة" للعبور إلى قضاء مصالحهم. لا يعقل أن يتم صرف تعويض قدره 1300 درهم يوميا لكل نائب، ما يعادل أجرة نصف شهر بالنسبة إلى عامل، دون أن يحضر أشغال مجلس النواب. ومن اللافت أن ما يتقاضاه النائب البرلماني تعويض عن مهمة، وليس أجرة شهرية، وبالتالي، فإنه لا يعقل أن يتم صرف تعويض عن مهمة لم يقم بها، لأن دوره يبقى هو التشريع والمراقبة. ومن المغربات المضحكات، أن بعض النواب يعللون غيابهم بوجودهم في مهام تواصلية مع المواطنين، في دوائرهم الانتخابية، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يكون سببا للغياب، بشكل أساسي، عن الجلسات العامة، لأن عليهم أن يؤمنوا بأن حضور أشغال الجلسات واللجان، ينبغي أن يكون شيئا "مقدسا". وبعد فشل مكتب مجلس النواب في محاربة ظاهرة الغياب، بات عليه، على الأقل، على بعد سنة من تشريعيات 2026، العمل على تحسين صورة البرلمانيين في مخيلة الرأي العام، لأن الكثير من المغاربة، يصفون نوابا بنعوت قدحية وبأنهم "سراق" للمال العام. وتحول نواب برلمانيون، ممن يواظبون على الحضور، إلى "بارشوك"، في مواجهة الانتقادات التي توجه إلى الفاعل السياسي، ما يفرض على مكتب رشيد الطالبي العلمي، العمل، ثم العمل، على تحسين صورة البرلمانيين لدى الرأي العام، والقطع مع جميع الممارسات التي تسيء لهذه الصورة. وما يزيد من متاعب النواب المواظبين على الحضور، طريقة تفاعل الحكومة مع الأسئلة، التي يطرحونها على الوزراء، إذ يتأخرون في الأجوبة عنها بشكل مبالغ فيه، ما يضع النواب في حرج، رغم أن الحكومة تتوفر على الإمكانيات المادية والبشرية التي تؤهلها للإجابة عن أسئلة النواب في ظرف لا يتجاوز 48 ساعة. وبالمختصر المفيد، يبقى الدواء الشافي والكافي، لمعالجة ظاهرة غياب "السادة النواب"، في مرمى زعماء الأحزاب، الذين يرشحون كل من هب ودب، بحثا عن المقاعد، لا عن تقديم الإضافة لمؤسسة تشريعية، تحضر فيها "كفاءات" البيع والشراء، وتغيب عنها الكفاءات السياسية. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma