fbpx
وطنية

حالة‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬التعايش

المملكة‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬هاما‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬بعملية‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإسرائيل

بقلم‭: ‬عيساوي‭ ‬فريج‭ ‬(*)

نحن‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬زمنية‭ ‬تحولت‭ ‬فيها‭ ‬عملية‭ ‬ارتباط‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬بدول‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬منشود‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬واقعة‭.‬

يتيح‭ ‬لنا‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬فرصا‭ ‬كثيرة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬الجديدة،‭ ‬بيئة‭ ‬تشهد‭ ‬تعاونا‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الجديدة‭ ‬والعلاقات‭ ‬الناشئة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خلق‭ ‬أرضية‭ ‬خصبة‭ ‬لازدهار‭ ‬كافة‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭.‬

‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتحرك‭ ‬اليوم‭ ‬حتى‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬ضمان‭ ‬استقرارنا‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬مواطنينا‭ ‬والتعامل‭ ‬بنجاح‭ ‬مع‭ ‬الفرص‭ ‬والتحديات‭ ‬الوجودية‭ ‬والبيئية‭ ‬والمناخية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تنتظرنا‭.‬

لذلك‭ ‬أرى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬واجبي‭ ‬وزيرا‭ ‬للتعاون‭ ‬الإقليمي،‭ ‬تعميق‭ ‬وتقوية‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬لنا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعارف‭ ‬المباشر‭ ‬والتفكير‭ ‬المشترك،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬المشاريع‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتعليم‭ ‬والمناخ‭ ‬والزراعة‭ ‬والسياحة‭ ‬والشباب‭.‬

بحكم‭ ‬موقعها‭ ‬الجيوإستراتيجي‭ ‬المتميز‭ ‬ملتقى‭ ‬للحضارات‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬والشمال‭ ‬والجنوب،‭ ‬هيئ‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬القيام‭ ‬بأدوار‭ ‬تاريخية‭ ‬وحضارية‭ ‬وثقافية‭ ‬وعلمية‭ ‬مرموقة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬العصور‭.‬

نجح‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬أنموذج‭ ‬للهوية‭ ‬القومية‭ ‬الوطنية‭ ‬الحاضنة،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬التفاهم‭ ‬والإيمان‭ ‬بأن‭ ‬الاختلاف‭ ‬والتنوع‭ ‬بإمكانهما‭ ‬أن‭ ‬يشكلا‭ ‬موردا‭ ‬وطنيا‭ ‬هاما‭ ‬يؤسس‭ ‬ويبنى‭ ‬عليهما‭. ‬

فوحدة‭ ‬المغرب‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬الاختلاف‭ ‬والتنوع‭ ‬بين‭ ‬مواطنيه‭. ‬يستقر‭ ‬اليهود‭ ‬والأمازيغ‭ ‬والعرب‭ ‬في‭ ‬مزيج‭ ‬فريد‭ ‬من‭ ‬الهوية‭ ‬الثقافية،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬كون‭ ‬المغرب‭ ‬حالة‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬التعايش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬ومحيط‭ ‬تميزه‭ ‬الانقسامات،‭ ‬ودور‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬نصره‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬وجليا‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬هذه‭ ‬الهوية‭ ‬عبر‭ ‬رفع‭ ‬مكانة‭ ‬اللغة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬حيث‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬مكانة‭ ‬رسمية‭ ‬كونها‭ ‬إرثا‭ ‬لكل‭ ‬المغاربة‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬وكذلك‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬اليهودي‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬خلقتم‭ ‬واقعا‭ ‬شعبيا‭ ‬متينا‭ ‬من‭ ‬التعايش‭ ‬بين‭ ‬اليهود‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬بلادكم‭. ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭ ‬استثنائية‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬قياسا‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬الدول‭ ‬المغاربية‭ ‬والعربية‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ “‬يهودية‭ ‬مغربية‭” ‬خاصة‭ ‬نضجت‭ ‬وتشكلت‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتسامح‭ ‬الثقافي‭ ‬برعاية‭ ‬رسمية‭ ‬وفي‭ ‬حاضنة‭ ‬شعبية‭.‬

ولخصوصية‭ ‬موقعكم‭ ‬هذا،‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬للمغرب‭ ‬دورا‭ ‬هاما‭ ‬ورئيسا‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬العملية‭ ‬السلمية‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإسرائيل‭.‬

أصدقائي‭ ‬في‭ ‬المغرب،

أنتم‭ ‬بقيادتكم‭ ‬الحكيمة‭ ‬وبشعبكم‭ ‬الحاضن‭ ‬والمتسامح،‭ ‬نجحتم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬فشلنا‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬نجحتم‭ ‬في‭ ‬التعالي‭ ‬على‭ ‬الاختلاف‭ ‬وتحويل‭ ‬الاختلاف‭ ‬والتنوع‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬قوة،‭ ‬ونجحتم‭ ‬في‭ ‬احتواء‭ ‬جميع‭ ‬الفئات‭ ‬والشرائح‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬المساواة،‭ ‬عربا‭ ‬وأمازيغ‭ ‬ويهودا،‭ ‬وتحت‭ ‬التعليمات‭ ‬الحكيمة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬أدام‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عمره،‭ ‬أصبحتم‭ ‬أنموذجا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬للتعايش‭ ‬المشترك‭.‬

أتذكر‭ ‬خطاب‭ ‬العرش‭ ‬في‭ ‬2003‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬عن‭ ‬المغاربة‭: “‬منذ‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬قرنا،‭ ‬ارتضى‭ ‬المغاربة‭ ‬الإسلام‭ ‬دينا‭ ‬لهم،‭ ‬لقيامه‭ ‬على‭ ‬الوسطية‭ ‬والتسامح‭ ‬وتكريم‭ ‬الإنسان‭ ‬والتعايش‭ ‬مع‭ ‬الغير،‭ ‬ونبذ‭ ‬العدوان‭ ‬والتطرف‭ ‬والزعامة‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭”.‬

أنا‭ ‬هنا‭ ‬اليوم‭ ‬بينكم،‭ ‬بين‭ ‬أحبابي‭ ‬وأصدقائي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬الشقيق‭. ‬المغرب‭ ‬جسر‭ ‬للتواصل‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭. ‬المغرب‭ ‬صاحب‭ ‬الرسالة‭ ‬النبيلة،‭ ‬منجب‭ ‬المفكرين‭ ‬والشخصيات‭ ‬الفذة،‭ ‬وشعب‭ ‬ودود،‭ ‬يشعر‭ ‬المسافر‭ ‬إليه‭ ‬بمتعة‭ ‬الزيارة،‭ ‬ويشعر‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬هو‭ ‬مركز‭ ‬للإشعاع‭ ‬الحضاري،‭ ‬بلد‭ ‬يتمتع‭ ‬بمصداقية‭ ‬وحضور‭ ‬قوي‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وثقافيا‭ ‬ودبلوماسيا‭ ‬ودينيا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‭ ‬عامة‭.‬

فيكفي‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬خرج‭ ‬طارق‭ ‬بن‭ ‬زياد‭ ‬وابن‭ ‬رشد‭ ‬وأبو‭ ‬القاسم‭ ‬وعباس‭ ‬بن‭ ‬فرناس‭ ‬والكثيرون‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والفلاسفة‭ ‬والأدباء‭ ‬الذين‭ ‬تركوا‭ ‬بصماتهم‭ ‬الجلية‭ ‬لصالح‭ ‬الأجيال‭ ‬المقبلة‭.‬

وزارة‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬والتي‭ ‬أقودها،‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬وتعميق‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ودول‭ ‬الجوار‭ ‬بهدف‭ ‬إيجاد‭ ‬وتعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬فالسلام‭ ‬يوقع‭ ‬بين‭ ‬الحكومات،‭ ‬لكن‭ ‬تقييمه‭ ‬ونجاحه‭ ‬يعتمدان‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬نفسه‭ ‬ومدى‭ ‬تقبله‭ ‬له‭ ‬والاستفادة‭ ‬منه،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خلق‭ ‬قاعدة‭ ‬واسعة‭ ‬ومتينة‭ ‬للتعاون،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أسعى‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬زيارتي‭ ‬هذه،‭ ‬وهي‭ ‬الزيارة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭  ‬لوزير‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬المغرب‭ ‬الشقيقة‭.‬

(*)‭ ‬وزير‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬الإسرائيلي

وزير‭ ‬التعاون‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يصل‭ ‬المغرب

يصل،‭ ‬غدا‭ (‬الأحد‭)‬،‭ ‬عيساوي‭ ‬فريج،‭ ‬وزير‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬لوزير‭ ‬مسلم‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬منذ‭ ‬استئناف‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وسيعقد‭ ‬الوزير،‭ ‬أثناء‭ ‬زيارته‭ ‬التي‭ ‬ستستمر‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬28‭ ‬يوليوز‭ ‬الجاري،‭ ‬عدة‭ ‬اجتماعات‭ ‬رسمية‭ ‬مع‭ ‬وزراء‭ ‬ومسؤولين‭ ‬حكوميين‭ ‬مغاربة،‭ ‬برئاسة‭ ‬ناصر‭ ‬بوريطة،‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الإفريقي،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تطوير‭ ‬مبادرات‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاتصال‭ ‬والثقافة‭ ‬والرياضة،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬الاتصال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بالرباط،‭ ‬توصلت‭ “‬الصباح‭” ‬بنسخة‭ ‬منه‭.‬

ويرافق‭ ‬الوزير‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬الصحافيات،‭ ‬يهوديات‭ ‬وعربيات،‭ ‬ومن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬عضوات‭ ‬في‭ “‬منتدى‭ ‬الصحافيات‭” ‬الذي‭ ‬أسسه‭ ‬فريج‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الإعلاميات‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬وتطوير‭ ‬أسس‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المساواة‭ ‬الجندرية‭ ‬وتعزيز‭ ‬صوت‭ ‬المرأة‭ ‬وحضورها‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

نورا‭ ‬الفواري


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.