ثورة صحية

لا تراجع عن إصلاح قطاع الصحة، ولا بديل عن منظومة صحية مهيكلة ومتماسكة ترقى إلى مستوى انتظارات المغاربة وتكون قاطرة للحماية الاجتماعية، مهما كلف ذلك من ثمن. هذه واحدة من الخلاصات الأساسية للاهتمام الملكي البالغ بوضع هذا القطاع الاجتماعي والإنساني في سكته الصحيحة، من خلال إدراج مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة الصحة الوطنية ضمن جدول أعمال المجلس الوزاري الأخير، وطلب عرض مفصل من وزير الصحة والحماية الاجتماعية الذي قدم، أمام أنظار جلالته، صورة واضحة عن الدعامات الأساسية لهذا الورش الكبير والمستويات المتفرعة عنها. أما الخلاصة الثانية، فتتعلق بمصادقة المجلس الوزاري على مشروع القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، أي إعطاء الإشارة لتسريع وتيرة عرض النص على المؤسسات التشريعية المعنية في أقرب وقت ممكن، في أفق إخراجه إلى الوجود، وتنزيل مختلف أوراشه في الآجال المحددة لها، دون تعثر، أو تعطيل، أو تأخير. ولعل الخلاصة الأهم، هي الترتيب الذي تبوأه قطاع الصحة في جدول القضايا المعروضة على مجلس الوزراء، إذ احتلت منظومة الصحة موقعا متقدما على مشروع ميثاق الاستثمار نفسه، وهي إشارة غاية في الأهمية، مفادها أنه لا يمكن التفكير في أي استثمار، أو تحسين مناخ العمل وتحقيق أي تنافسية، خارج إرساء أسس منظومة صحية وطنية، تمثل رافعة للتغيير والإصلاح في جميع مستوياته. لكل ذلك، لا يمكن إلا أن نسطر على هذا الدعم الملكي الكبير وهذه الإرادة السياسية القوية لإنجاح هذا الورش الوطني، الذي سيمكن المواطنين من ولوج سلس إلى مراكز العلاج والاستشفاء والدواء في جميع ربوع المغرب، في إطار مخطط جهوي وإقليمي ومحلي للقرب الصحي، والاستفادة من الخدمات على قدم المساواة والإنصاف، مع توفير جميع الصيغ الممكنة للتأمين على المرض، حتى يذهب المريض مطمئنا إلى المستشفى. إن ما يحدث فعلا في المغرب، بلدا من البلدان السائرة في طريق النمو، لا يمكن وصفه سوى بالثورة الاجتماعية في مجال الصحة، إن كُتب النجاح لهذا الورش الوطني. وفي اعتقادنا أن وضع مثل هذه المشاريع الكبرى على السكة الصحيحة، لا يحتاج فقط إلى التمويل وآليات للحكامة وتأهيل الموارد البشرية ودعم البنيات التحتية، بل يحتاج، أساسا، إلى انخراط الجميع من موقع الوطنية الصادقة، ومن منطلق الضمير المهني على وجه التحديد. فما يجري، اليوم، في عدد المؤسسات الاستشفائية العمومية وفي المصحات الخاصة وبعض المراكز الصحية الأخرى (التحليلات، تحاقن الدم، الرعاية الأولية...)، من استهتار بصحة المرضى وأرواحهم وابتزاز لأقاربهم، واستنزاف لجيوبهم، لا يمكن أن يسير إلا في الاتجاه المعاكس لورش الإصلاح. فهما فعلت الدولة وستفعل في المستقبل، ستكون كمن يصب الماء في الرمال، في استمرار "أورام خبيثة" تنخر القطاع وتقدم صورة سيئة عنه، أمام المواطنين، وأمام المستثمرين والأجانب. إن الإصلاح كل لا يتجزأ. والبداية ينبغي أن تكون من النقطة الصحيحة، أي إطلاق حملة تطهير في صفوف الفاسدين ومقاومي الإصلاح، في القطاع العمومي والخاص على حد سواء. يجب على الوزارة الوصية أن ترفع، هنا والآن، شعارا بلا هوادة: "من خاننا فليس منا".

ثورة صحية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فساد بمديريات للطرق

"أخنوش ارحل"... وإلا خنت الشعب!

مقالات ذات صلة