المحامية غرابي طالبت بتفعيل مراقبة صارمة لمحاصرة الأفعال الجرمية خصص المشرع إطارا قانونيا خاصا بالتعاونيات، وهو القانون 112.12 الذي يتحدث عن تشكيلها وتسييرها وشروط الانخراط فيها وكيفية عقد جموعها وحصص الاكتتاب في رأسمالها ووجوب ضبط ملفها المحاسباتي. وترى صفية غرابي، المحامية بهيأة الرباط، أن القانون المنظم للتعاونيات، حدد تعريف التعاونية باعتبارها جماعة تتألف من أشخاص طبيعيين لإنشاء مشروع السكن مثلا، الغرض منه تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها، وتشجيع الروح التعاونية لديهم، كما أحدثت الدولة إلى جانب التأطير القانوني للتعاونية جهازا إداريا يسمى "مكتب تنمية التعاون" يسهر على تشجيع مجالات التعاون في قطاعات السكن والفلاحة والصناعة. وأوضحت المحامية غرابي أن الإطار القانوني للتعاونيات يمنح حق اكتساب الشخصية المعنوية التي تؤهلها في تدبير شؤونها المالية والإدارية بنوع من الاستقلالية، كما أن العضوية فيها تكون اختيارية ومفتوحة للجميع وتدار بشكل جماعي، ويساهم فيها جميع الأعضاء المنخرطين ماليا، كما تقوم بدور التكوين والتحسيس وتقاسم المعلومة، بغية بلوغ الأهداف المنشودة. وإذا كان نظام التعاونيات يعطي الصلاحية لأعضائها في تدبير شؤون التعاونية وتسيير شؤونها بنفسها، تضيف المحامية غرابي، في حديث مع "الصباح"، فإن هذا لا يعني أنها تتمتع باستقلالية مطلقة، ذلك أنها تستفيد من الدعم ومن بعض الامتيازات الضريبية المقدمة من قبل الدولة. كما أن الدولة تبسط رقابتها على التعاونيات بدءا من التأسيس إلى مرحلة العمل، مراقبة شاملة، إداريا وقانونيا وماليا، قصد إدارتها وفق ما يقضي به القانون، وضمانا لحسن سيرها ونجاحها في بلوغ أهدافها المسطرة مسبقا في نظامها الأساسي. وحسب المحامية، فإن مظاهر المراقبة تتجلى في التأكد من انعقاد الجموع العامة بصفة منتظمة وقانونية ومحترمة للشكليات التنظيمية في الاستدعاء والآجال والوثائق والنصاب القانوني، ونقط جدول الأعمال. كما تهم أيضا مسك السجلات والوثائق الإدارية ومحاضر الاجتماعات، والحسابات المالية بطريقة قانونية ومهنية. ونظرا للتشابه -إلى حد ما- ما بين طريقة اشتغال الشركات وطريقة اشتغال التعاونيات، والاختلاف الكبير مع الجمعيات، فإن التتبع المالي لهذه الأخيرة، تقول غرابي، يطرح العديد من التعقيدات، خصوصا أنها أصبحت الآن تدبر أرقاما مالية تعد بالملايير. وترى غرابي أن قانون المالية 2018 حاول الحد من هذه الإشكالية بتحديد بعض الضوابط التنظيمية للقطاع من قبيل تنظيم مساحة السكن للفرد، وحصر الاستفادة في مرة واحدة، وفرض الضريبة على الجمعيات، التي أثبت نظامها المحاسباتي، أنها جمعيات ذات هدف ربحي. كما حدد المشرع الجهات المسؤولة التي أوكل لها مهام تسلم ملفات تأسيس الجمعيات ودراستها ورصد انحرافاتها قبل تسليمها وصل التصريح المؤقت والنهائي، والمصالح المكلفة بتسليم رخص المشاريع والتصاميم والإشهار. ورغم وجود قانون ينظم تأسيس التعاونيات وأهدافها، ووجود "مكتب تنمية التعاون"، فإن ذلك، تقول غرابي، لم يمنع من وقوع النصب والاحتيال على المواطنين، الذين دفعوا أموالهم من أجل توفير سكن ملائم، بسبب " الغموض الذي يلف القانون المنظم للتعاونيات، والفراغ الذي يعانيه القانون المنظم للجمعيات". وأكدت غرابي في قراءتها للقانون المنظم للتعاونيات، أن الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم شروط تأسيس الشركات أو التعاونيات من ناحية الكفاءة والقدرة أو النزاهة، باتوا يتوجهون صوب تأسيس جمعيات تعتمد في تسييرها على قوانين أساسية وداخلية تعلو فيها المنفعة الشخصية على حساب مصالح المنخرطين، بدون مراعاة لركائز العمل الجمعوي. وبخصوص الإشكالات التي يطرحها قانون التعاونيات، في ظل ارتفاع أعداد الملفات المحالة على القضاء، والاختلالات التي تميز تدبير العديد منها، ترى المحامية بهيأة الرباط ضرورة تفعيل مراقبة صارمة من قبل الجهات المعنية، حتى لا تتكرر الأفعال الجرمية المرتكبة من قبل مافيا مكاتب الوداديات السكنية، من نصب واحتيال وتزوير واحتيال وخيانة الأمانة التي كانت ضحيتها مجموعة من المنخرطين والمنخرطات بوداديات سكنية وتعاونيات في مختلف المدن، حماية لأموال المواطنين. ب. ب