مائدة مستديرة احتضنتها «الصباح» سلطت الأضواء على السلبيات وألحت على استكمال الرقمنة شكل موضوع ترحيل محاكم البيضاء، محور مائدة مستديرة احتضنتها «الصباح» الأربعاء الماضي، لمناقشة مقترحات وزارة العدل، على الخصوص، بناء قصر للعدالة بزناتة. وساهم في النقاش، محمد الشهبي، النقيب الأسبق، ممثلا عن نقيب هيأة المحامين بالبيضاء، وعدنان المتفوق، ممثلا عن نادي القضاة، ولطيفة مبتسم، ممثلة للجمعية المغربية للنساء القاضيات، ونور الدين حيار، الرئيس الجهوي لعدول استئنافية البيضاء، وسعيد حيمو، رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين، ومحمد مكرم عواد، ممثل ودادية موظفي العدل. وأجمعت المداخلات على رفض مقترح وزارة العدل، داعية إلى الانكباب على استكمال الرقمنة، إذ بتفعيلها مائة بالمائة، لن تكون هناك حاجة إلى هدر المال العام لتشييد بنايات جديدة للمحاكم، بل حتى الموجودة ستكون فارغة بالنظر إلى تعميم الارتفاق والاتصال عن بعد والمذكرات والمقالات الإلكترونية، مع استثناءات بالنسبة إلى القضايا الجنحية.وأجمع المشاركون المنتمون إلى أهم مهن العدالة، على أن المبادرات الوزارية في شأن القطاع ينبغي أن تسبقها دراسات توقعية للسنوات المقبلة، وأن تتم بترو وتشارك بين مختلف الفاعلين ولو عبر الاستشارة، لا أن تعتمد التصورات الشخصية لكل وزير يتحمل المسؤولية... إنجاز: المصطفى صفر - كريمة مصلي - مصطفى لطفي - محمد بها وتصوير: عبد اللطيف مفيق بين التجميع والتفريق أشار محمد الشهبي، النقيب الأسبق لهيأة المحامين بالبيضاء، إلى مسألة مهمة ظلت تتخبط فيها محاكم البيضاء بين التجميع والتفريق منذ عقود من الزمن، إذ كل مرة يتم اتخاذ قرار ويتم العدول عنه بعد أن يتبين عدم صلاحه. وأكد النقيب أن المشكل في البيضاء بدأ منذ 1974 ومازال مستمرا، إذ لم يستقر الأمر على قرار نهائي، فبين تجميع وتشتيت، تجميع وتشتيت ثان، تتخبط محاكم البيضاء، وقال "في 1974 كانت البيضاء بها المحكمة الابتدائية وثلاث محاكم سند، وكانت الأمور عادية، وبعد تعديل قانون المسطرة المدنية في 1974 وبدون موائد مستديرة مسبقة، وبدون نقاش تقرر إلغاء محاكم السند وتجميع كل القضايا في المحكمة الابتدائية، تلك العملية أصابت البيضاء ساعتها برجة، لأزيد من ستة أشهر وظل الكل يعاني في البحث عن الملفات. وبعد أحداث 1981 وتقسيم البيضاء إلى خمس عمالات تقرر مرة أخرى تقسيم البيضاء إلى خمس محاكم، في إطار تشتيت المحاكم، في بداية 2000 اتخذ قرار توحيد المحاكم بدون نقاش ولا موائد مستديرة فعلية وبدون دراسات مسبقة لجدوى ووضعية المدينة في المستقبل وهل ذلك القرار صائب أم لا؟ فوزير العدل آنذاك نام وحلم واستفاق وقرر تجميع المحاكم، وما للقرار من تداعيات. وجاء قرار آخر بعد ذلك بتقسيم المحكمة الابتدائية إلى أقطاب الجنحي والمدني، ومن بعد ذلك إلى محاكم مدنية واجتماعية وزجرية. وقال النقيب إن ما عاشته محاكم البيضاء من 1974 إلى الآن بين هزة وأخرى وتخبط، نوقش بشكل جدي خلال الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة في 2012، إذ تم تدارس إمكانية خلق مركب للعدالة وهل سيكون مجديا في الخمسين سنة المقبلة، ونوقش آنذاك هل البيضاء في حاجة إلى قصر للعدالة، أو بالأحرى إلى مدينة للعدالة واستقر الأمر ساعتها على أن الواقع لا يسمح بذلك. تحف فنية لا تمكن إبادتها قال النقيب الشهبي إن البيضاء تتوفر على خمس محاكم كبرى، من بينها التحفة الفنية التي بناها الاستعمار، في 1920، محكمة آنفا التي تضم الآن مقر المحكمة المدنية، والتي تشكل معلمة حقيقية ومفخرة للعاصمة الاقتصادية، التي كان يفضل الاقتداء بها وبتصاميمها خلال تشييد أي محكمة. وأثار النقيب نقطة مهمة بشأن ما يتم دفعه من قبل وزارة العدل في الإنارة بالمحاكم في البيضاء لأن المهندسين الذي بنوا المحاكم الجديدة لم يفكروا في الأمر جيدا ما جعلها محاكم مظلمة، بخلاف محكمة أنفا التي لا تستهلك فيها الإنارة بالنظر إلى التصميم الهندسي الذي تمتاز به، مضيفا أنه يشعر بتخوف أن يكون مصير ما يزعم بتسمية قصر العدالة الذي يراد تشييده في زناتة، هو ما تشهده المحاكم الجديدة، وحينها سنكون في حاجة إلى ضوء يستعمل في المغرب كاملا لإنارة ذلك "القصر". ما هو المشكل الآن؟ تساءل النقيب الشهبي هل هناك مشكل يدعو إلى اتخاذ قرار التجميع، فالمشكل في البعد في المحاكم الحالية، وليس لأنها متعددة، وقرار الوزير يضاعف المشكل، أما واقع المحاكم على علاته في ما يتعلق بتصميم بنائها، فهو مجد إلى حد ما، مشيرا إلى أن الكتاب الذي بعثه نقيب هيأة المحامين بالبيضاء إلى الوزير أكد من خلاله أن الأمر يحتاج إلى دراسة وتوضيح وبيان، وأنه إذا أراد الوزير تجميع محاكم البيضاء فالهيأة لها بديل، ومفيد لجميع الأطراف من خلال استغلال بعض الأماكن فموقع محكمة الاستئناف قابل للتوسعة وبجوارها هناك أراض في ملكية الدولة، المكتب الوطني للنقل ملك عمومي، مشيدة على آلاف الأمتار ومنذ سنوات وهي مغلقة ومهجورة، والعديد من البنيات في ملكية الدولة داخل الوعاء العقاري للبيضاء ووسط العاصمة، ولن يكلف اقتناؤها أي مبلغ مالي، عكس مشروع وزير العدل بزناتة. وأثار النقيب مسألة مهمة بشان الأموال التي صرفت في تشييد تلك المحاكم الحالية وفي توسعتها وهي أموال باهظة فكيف سيتم التعامل معها، هل سيتم السماح فيها كما تم السماح في محكمة الأحباس التي تشكل جريمة في حق العدالة بالعاصمة الاقتصادية، كانت هناك المحكمة الإقليمية، بين عشية وضحاها تم الاستحواذ عليها وأضحت مقرا للجهة، في حين كان من الممكن توسعتها، وضمنها للبناية الإدارية الحالية. دراســة مســتــقـبـلـيـة وجه النقيب الشهبي في حديثه سؤالا إلى وزير العدل الذي غاب عن المائدة المستديرة، رغم الدعوة، هل قام بدارسة حقيقية ومستقبلية بشأن محاكم البيضاء، وما تحتاجه في أفق العشرية المقبلة وفي أفق 2040 و2050 من قاعات ومن مكاتب للموظفين والقضاة ومن المرافق خاصة بالمرتفقين، وأمكنة السيارات وعدد المترددين عليها، ومرافق الصحية، بحيث إن هذه هي الدراسة التي يجب أن يقدمها وزير العدل في تسويقه لمشروع تجميع المحاكم وعلى ضوئها تتم مناقشة الموضوع، وليس سياسة الأمر الواقع التي يريد الوزير تطبيقها. وذكر النقيب أن الدراسة التي وضعها الوزير لمشروعه تحدثت عن احتمال تردد 7000من المهنيين، وهنا يطرح السؤال هل تم التفكير في إحداث مرآب للسيارات يتحمل العدد نفسه. فالوضع الحالي في محاكم البيضاء باستثناء المحكمة التجارية أنها لا تتوفر على مرأب للسيارات، الأمر يتطلب دراسة توقعية، فاليوم هناك 54 قاعة بمحاكم البيضاء، ويجهل إن كانت ستكون كافية في 2030 أم لا، فالموضوع غير مدروس وليست هناك معطيات كافية ومفيدة تضمن الولوج السليم للمتقاضي. المحـــكـمـة الــرقمــيــة هــي الـحــل أكد محمد الشهبي، النقيب الأسبق للبيضاء، أن الحل الحقيقي والذي يتطابق مع مقتضيات الظروف الحالية، هو الاستمرار في ورش المحكمة الرقمية، الذي انطلق العمل به وتم تفعيله في بعض الجوانب، مشيرا إلى أن كسب رهان المحكمة الرقمية، سيقرب القضاء من المواطن بشكل كبير وسيجعل الذهاب إلى المحكمة إلا عند الضرورة القصوى، فالتطبيقات التي تم تفعيلها خفضت التنقل إلى المحكمة بنسبة 50 في المائة بشأن الإجراءات التي يتم من خلالها التنقل إلى المحكمة، وأصبحت تدار من داخل المكتب من خلال تلك التطبيقات، مشيرا إلى أن العديد من المحاكم فعلت تطبيقات قللت من الزيارة المباشرة للمحكمة، خاصة في الميدان التجاري والمدني، وذلك من نتائج الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة والتي اتخذ فيه المصطفى الرميد وزير العدل الأسبق قرارا بجعل المحكمة 2020 بدون ورق، وهو المشروع الذي تعثر بعض الشيء إلا أن ذلك لا يمنع من الاستمرار فيه، خاصة أن التطور التكنولوجي أضحى من الضرورة مواكبته بتطور في المحكمة الرقمية، وقد أظهر تفعيل المحاكمة عن بعد في القضايا الزجرية، خلال الجائحة نجاحا كبيرا لتلك التجربة التي يمكن تطويرها، ومن ثم فمع التقدم الرقمي لن نكون محتاجين للذهاب للمحكمة فما الداعي إذن من بنائها، وتلك الملايير التي تصرف على البنايات يجب استثمارها في التقنيات الحديثة والرقمنة. أخلف الموعد أخلف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، الموعد لأجل طرح وجهة نظره في موضوع تجميع المحاكم البيضاء، في المائدة المستديرة التي نظمتها جريدة "الصباح" للمساهمة في النقاش العمومي بشأن قرارات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها ارتجالية، في غياب دراسة معمقة للموضوع. حضر نقيب بقيمة الشهبي، يمثل أعرق هيأة للمحامين، والتي لها تصورات جادة وإسهامات فعالة في إصلاح القضاء، وقضاة من النادي ومن جمعية النساء القاضيات، ورئيس جهوي لعدول البيضاء، ونظيره عن المفوضين القضائيين وممثل لودادية موظفي العدل، الكل استجاب للدعوة، لأنها تحمل موضوعا بالغ الأهمية، يتعلق بمصير مؤسسة حساسة، لها دور حاسم في جل مناحي الحياة، بل حتى من لم يحضر اعتذر في الوقت المناسب، والاعتذار من شيم الكبار، وظل كرسي الوزير فارغا. أن يرمي وزير العدل، مقترحات بحجم تحويل البيضاويين إلى خارج مدينتهم، للتقاضي والارتفاق المرتبط به، ويترك النقاش جانبا، بل ويرفض الحضور أو إرسال من ينوب عنه لترجمة موقفه، فهذا لا يمكن أن يكون إلا تجاهلا لأهم حق من حقوق دستور 2011، ألا وهو الحق في الوصول إلى المعلومة، بل يفتح الباب أمام تأويلات عدة، ربما أهمها غياب رؤية واضحة وإستراتيجية لديه، وأن المشروع كما قال عنه المصطفى الرميد الوزير الأسبق وزميله في مهنة المحاماة ، وربان مبادرة الحوار الوطني لإصلاح العدالة، التي ترجمت على أرض الواقع، من خلال ميثاق إصلاح منظمة العدالة وصادق عليها جلالة الملك، أن مشروع مدينة زناتة الذي يشرف عليه صندوق الإيداع والتدبير يعاني مأزق التسويق، واقتراح إحداث قصر العدالة في تلك المنطقة سيصب في النهاية، في مصلحة الصندوق المذكور، أكثر من خدمته لمرفق العدالة، ولو أنه كان في مصلحة العدالة اولا، ثم في مصلحة الصندوق المذكور ثانيا، لكان ذلك مفيدا بل أمرا مطلوبا. حديث الوزير يجر إلى مسألة مهمة تحدث عنها جميع المتدخلين في المائدة المستديرة حول مآل البنايات الحالية، هل هناك نية للاستحواذ عليها من جهة معينة، كل تلك الاستفهامات والأسئلة كان من الممكن توضيحها لو حضر الوزير. وهبي، وزير العدل الحالي والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي اتخذ من "كسب رهانات التحديث والتنمية البشرية والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية" شعارا له، خسر رهان الحوار والمناقشة، وغاب دون عذر أو اعتذار. دراسة معمقة قالت لطيفة مبتسم، عضو الجمعية المغربية للنساء القاضيات، إن مشروع تجميع المحاكم الذي دعا إليه وزير العدل، أخيرا، بشأن إحداث مركب للعدالة، جاء بشكل مفاجئ ويتطلب دراسة حقيقية للوقوف على سلبياته وإيجابياته، على اعتبار أن أي مشروع مهما كانت سلبياته إلا أنه يتضمن بالمقابل بعض الإيجابيات، التي قد تظهر في أن التجميع قد يشكل طوق نجاة بالنسبة للمحامين والمرتفقين، من خلال إزالة ثقل ومشقة التنقل بين المحاكم، في ظل أزمة التنقل، التي تعانيها العاصمة الاقتصادية، غير أن ذلك حسب مبتسم وبالنظر إلى المكان الذي اختير لأجل إحداث ذلك التجميع، فإنه سيزيد من معاناة التنقل بالنظر إلى بعد المسافة، وهو ما لم تتم فيه مراعاة المحيط الاجتماعي للقاضي والمحامي وباقي مساعدي العدالة والموظفين وحتى على أعوان السلطة، إذ أن ذلك التنقل في البداية سيكون صعبا للجميع، في غياب رؤية إستراتيجية بشأن البنية التحية المرافقة للمشروع، وما يصاحبها من مشاكل، ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك على أن الموضوع يحتاج إلى دراسة معمقة تشترك فيها جميع الفعاليات للوقوف على واقع المشروع وتحديد السلبيات والإيجابيات. انعدام معطيات دقيقة قال عدنان المتفوق عضو نادي قضاة المغرب، إن الدائرة الاستئنافية للبيضاء، هي أكبر دائرة قضائية كما وكيفا، إذ تعد مدرسة للاجتهادات القضائية، التي يتم اعتمادها في جميع المحاكم. وبشأن موضوع المائدة المستديرة التي تخص تجميع محاكم البيضاء، فذلك يشكل مشروعا كبيرا وضخما، مضيفا أن المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب، عقد اجتماعه الأول في العاصمة الاقتصادية، وكانت هناك جلسة تواصلية مع قضاة الدائرة الاستئنافية، وكان من ضمن المواضيع التي طرحت للنقاش تجميع محاكم البيضاء، وتعذر اتخاذ موقف بشأن الموضوع، لانعدام المعطيات الدقيقة، ومن ثم خلص المكتب التنفيذي إلى تشكيل لجنة تترأسها الأستاذة إيمان مساعف لدراسة الموضوع من جميع جوانبه، مراعاة للمصلحة العامة، والموضوع مازال قيد الدراسة و"أعدكم عندما ستنتهي اللجنة سيتم تعميم التقرير على جميع الفاعلين وعلى الصحافة"، مضيفا أنه ليس هناك موقف لقضاة البيضاء الذين التقاهم المكتب التنفيذي. بالمقابل أكد عدنان أن توفير بنية تحتية جيدة ضرورية، فإذا كان القاضي مرتاحا ستكون العدالة أيضا مرتاحة، والشيء نفسه بالنسبة للمحامي وكاتب الضبط والمرتفق. تقريب القضاء من المتقاضي أكد عدنان المتفوق أن لازمة تقريب القضاء من المتقاضي، كانت تدرس منذ السنوات الأولى في كلية الحقوق، باعتبارها مدخلا حقيقيا لقضاء مواطن، خاصة من خلال تشييد بناية قريبة منه، هذا المفهوم أصبح متجاوزا اليوم "الآن نتحدث عن تقريب الخدمة من المتقاضي، وهو أمر لا يقتضي بناية لأنه في وجودها وعدم توفير الخدمة من خلال الانتظار الذي يصاحب تلك الخدمة، قد يصل إلى ساعات، فهذا ليس تقريب خدمات، نحن نحتاج إلى محكمة رقمية وتحيين النصوص القانونية"، لأن المحاكمة عن بعد التي تتم الآن تمارس في إطار الاجتهاد القضائي، التي فرضتها كورونا. نحتاج إلى نصوص قانونية محينة في قانون المسطرة المدنية، ومن ثم فالتفكير في بناية أعتبره نقاشا متجاوزا، ينبغي التفكير في تقريب الخدمة والعدل من المتقاضي، فهذه هي الترجمة الفعلية لتقريب القضاء من المواطن. تغييب المقاربة التشاورية قال محمد مكرم عواد ممثل ودادية موظفي العدل، إن مشروع تجميع محاكم البيضاء عبر ترحيلها إلى زناتة، جاء بصيغة القرار المفروض من قبل الوزارة الوصية وليس بشكل تشاوري يهدف إلى الاستماع لآراء واقتراحات الموظفين والمهنيين، المرتبطين بمرفق العدالة بالعاصمة الاقتصادية. وأوضح عواد في المائدة المستديرة التي نظمتها "الصباح"، أن قرار ترحيل محاكم البيضاء وتجميعها في مشروع قصر العدالة بزناتة، اتخذ بشكل انفرادي تم فيه تغييب المقاربة التشاركية، "فودادية موظفي العدل آخر ما يعلم، إذ لم نتوصل بأي إشعار سواء كان رسالة حول المشروع أو ورقة تقنية، كما أنه لم يتم إشراكنا في اتخاذ القرار وهذا إشكال كبير، وهو ما يجعل المهنيين يرفضون هذا القرار الأحادي". وأضاف المتحدث نفسه أن وزارة العدل لم تعط اختيارات لتنزيل المشروع وإنما اكتفت بمبادرة وحيدة تتمثل في ترحيل محاكم البيضاء إلى زناتة لفرض سياسة الأمر الواقع، في حين أن هذا النوع من القرارات المصيرية كان ينبغي أن يُتخذ بشكل تشاوري من أجل وضع تصور يكون على أرضية واضحة، يراعي المصلحة العامة للمهنيين والمرتفقين. إهدار للمال والجهد شدد ممثل ودادية موظفي العدل، على أنه إذا كان من الضروري تجميع محاكم البيضاء داخل فضاء واحد وهو قصر العدالة، فإنه كان الأجدر البحث عن وعاء عقاري داخل المدينة وليس خارجها لتقريب الخدمة من المرتفقين، وأيضا مراعاة لمصلحة الموظفين، الذين يوجدون في نقاط مختلفة بالعاصمة الاقتصادية مضيفا "وبالتالي يصعب عليهم على مستوى الكلفة الاقتصادية والزمنية التنقل من مكان بعيد بالكيلومترات للوصول إلى منطقة زناتة، وهو ما يمس الجانب النفسي للموظف وسينعكس سلبا على مسألة تجويد العمل". وأضاف عواد، أنه في ظل النقاش السياسي العام يجمع الجميع على أنه توجد أزمة اقتصادية خانقة، فبعد الخروج منهكين من انعكاسات وباء كورونا دخلنا مرحلة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وفي الوقت الذي تبحث فيه الدولة عن حلول لترشيد النفقات، نجد وزير العدل يقرر ترحيل محاكم البيضاء وتجميعها في مشروع آخر سيكلف الملايير بمنطقة زناتة البعيدة عن المهنيين والمرتفقين. ولم يفت ممثل ودادية موظفي العدل التأكيد على أن المشرفين على مشروع ترحيل محاكم البيضاء وتنقيلها إلى زناتة، لا يهتمون بالموظفين والمهنيين، مشيرا إلى أنه كان عليهم استحضار المصلحة العليا للمواطنين، وبالتالي مراعاة مصالح المرتفقين الذين يجب خدمتهم لا تعميق معاناتهم. تجويد الخدمات قال محمد مكرم عواد ممثل موظفي وزارة العدل، إن المحكمة الرقمية هي الحل لتجويد خدمات العدالة، ومواجهة مشكلة التنقل والازدحام والاختناق المروري، عوض مشروع متجاوز مكلف للمال والوقت ومسبب للمعاناة للمهنيين والمرتفقين. وأضاف عواد أنه عوض رصد تلك الملايير لبنايات لن تنفع، فإنه من الأجدر تخصيص تلك الميزانية لمشروع المحكمة الرقمية والعمل على إخضاع جميع فرقاء العدالة بالبيضاء للتكوين لإنجاح هذا الورش الكبير، إضافة إلى مواصلة العمل بالمحاكمة عن بعد، الذي أثبت نجاحه بعدما أملته ظروف جائحة كورونا. وشدد ممثل ودادية موظفي وزارة العدل، على أن المثير في هذا المشروع الذي سيكون وبالا على الموظفين والمرتفقين على حد سواء، هو أن كل تجربة تقبر التجربة السابقة في العمل السياسي بالمغرب بعد تولي حزب ما الإشراف على وزارة أو قطاع ما، وهو معيق ذاتي وموضوعي، "إذ أن كل وزير جديد يلغي المبادرات والمشاريع التي خلفها الوزير السابق بما لها وما عليها، حتى وإن كانت ناجحة، وهو إشكال يطرح أزمة استمرار المرفق والخدمات العمومية". اصطدامات واقعية قال نور الدين حيار، رئيس المجلس الجهوي للعدول باستئنافية البيضاء، "ما أن يتحمل وزير أو مسؤول سياسي، في مغربنا العزيز، المسؤولية حتى يهدم أوراش من سبقه، ويأتي بقرارات دون استشارات". وألح على أن الاستشارة بطبيعة الحال، لابد أن تشمل جميع المعنيين، سواء من قريب أو من بعيد، ولو اقتضى الحال مرتفقا واحدا، يتعامل مع ذلك المرفق فإنه ينبغي ان نأخذ رأيه، لماذا؟ لأنه معني بالاتصال والتواصل بتلك المؤسسة التي نفكر في فتحها أو إغلاقها أو نقلها إلى مكان آخر. صعوبات التنقل وزاد قائلا نحن في قطاع التوثيق العدلي نتعامل مع المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالبيضاء، في إطار الاختصاصات المخولة لنا قانونا في هذا الإطار، خاصة حينما نتحدث عن الزواج أو الطلاق أو توثيق العقود التي نباشرها يوميا وباستمرار لدى لدى المحكمة أو القاضي المكلف بالتوثيق. وعندما سمعنا مسألة تجميع المحاكم، اعتقدنا أن الأمر فيه خير ونقصان مشقة على جميع من يتعامل مع المحاكم، إلا أنه ينبغي تهييء البنيات التحتية بجميع مستوياتها، وأن نراعي، كما دعا إلى ذلك النقيب، هندسة البنايات حتى يشعر المرتفق أو الموظف من اعلى درجة إلى أدناها، بالراحة النفسية حتى يتمكن من تجويد عمله وأن يؤدي مهامه في أحسن الظروف، سواء كان مرتفقا أو موظفا أو مساعدا للقضاء. واعتبر المتحدث أن أول شيء سنصطدم معه في إطار مقترح ترحيل المحاكم إلى زناتة، هو الحدود الجغرافية والترابية للعمالة، فالمرتفق الذي يريد التنقل على متن سياراة أجرة صغيرة، ليس بمقدوره أن يستقل وسيلة النقل هذه من مختلف أحياء عمالات ومقاطعات الدار البيضاء إلى زناتة، لأن سائق السيارة سيضطر إلى التوقف عند نهاية المدار الحضري للبيضاء، ليطلب من الزبون النزول لإكمال باقي المسافة بين المشي أو البحث عن ناقلة أخرى مرخص لها بالتجول في تراب الإقليم الذي شيدت عليه المحاكم الجديدة. ثم ثانيا مسألة الأمن والأمان، وهل تم التنسيق مع السلطات الأمنية لمواكبة نقل المرافق القضائية وتوقعات عدد القضاة والموظفين والمرتفقين ومساعدي القضاء، الذين سيفدون كل يوم إلى قصر العدالة المزمع تجميع المحاكم داخله؟ الحلول داخل البيضاء وتساءل حيار أنه لو كانت الإرادة قوية وحقيقية لتجويد العمل القضائي، وتيسير تعامل المرتفقين مع القضاء لتعزيز ثقة المرتفق، لتم اعتماد مقترحات تصب في سياسة تقريب الإدارة من المواطن، وهو ما يقتضي البحث عن الحلول داخل البيضاء وليس خارجها. وكما قال النقيب عند سرده لكرونولوجيا البنايات والتجميع والتشتيت، وما أصبحت عليه هندسة بعض البنايات بالبيضاء، فإن بعض المحاكم بالفعل حين تلجها تفقد الثقة في نفسك وفي من ستواجه، خاصة أن المواطن يطمح إلى العدالة، وإذا افتقدت العدالة في البنايات فكيف يعقل أن تجدها في تسهيل الولوجيات والأداء الوظيفي وغير ذلك؟ تعقيدات وعرقلة وأوضح أن العدول يتعاملون يوميا مع المحكمة، ولديهم علاقة مباشرة بالمواطن، وهناك مرتفقون يقصدون العدول بصفة استعجالية، ما يقتضي تلقي العقد في حينه وتحريره والتنقل إلى المحكمة بسرعة لإنجازه والمخاطبة عليه في اليوم نفسه، سيما في فصل الصيف الذي ترتفع فيه المعاملات التوثيقية للمهاجرين المقيدين بعطل قصيرة الأمد، فكيف للعدل أن يتلقى إشهادا أو يحرر عقدا بدار بوعزة أو أولاد صالح بالنواصر، ويحمله إلى زناتة مع طول المسافة وصعوبة المواصلات؟ معتبرا أن التنقيل بهذه الصورة سينعكس سلبا على الأداء وتلبية حاجات المرتفقين لدى العدول، كما أنه سيزيد من المصاريف التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحملها العدل لوحده. قطاعات ستتضرر وزاد رئيس المجلس الجهوي للعدول قائلا إن قطاعات أخرى ستتضرر من هذا الترحيل أو التنقيل، فالمحاكم اليوم بالبيضاء، موزعة بشكل خلق تجمعات اقتصادية واجتماعية مرتبطة بهذه المحاكم، إذ أن محيطها يعج بحركة رواج اقتصادي واجتماعي يمثله أصحاب المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم ونسخ الوثائق والكتاب العموميون ومختلف المكاتب المهنية لمساعدي القضاء والمهن الحرة وحراس السيارات وغيرهم، فكل هذه التجارة والمهن ستبور، رغم أن توزيعها يجلب الفائدة لخمس عمالات وأكثر من 20 مقاطعة حضرية، المحكمة المدنية بعمالة مقاطعات آنفا، والإدارية بمرس السلطان الفداء، والزجرية بعين السبع الحي المحمدي، والتجارية بسيدي عثمان، والاجتماعية بعمالة الحي الحسني. فترحيل المحاكم سيقضي على الرواج ويشرد أسرا تقتات من حركية محيط المحاكم. تكلفة إضافية وطرح نور الدين حيار استفهامات حول التكلفة التي سيتكبدها أصحاب المهن الحرة، للبحث عن مكاتب بجوار قصر زناتة، وهل سيتخلون عن مكاتبهم التي يؤدون أقساطها أو سومتها الكرائية المعقولة، أو يبيعونها في حال تملكهم لها، للبحث عن مكتب بأسعار خيالية يتم الإعلان عنها بمحيط قصر العدالة الجديد؟ وختم وجهة نظر مهنيي القطاع بعبارة "التجميع قد يكون الحل، لكن داخل نفوذ البيضاء، وبالنظر إلى علاقتنا العامة مع مختلف المتدخلين، فإنه ينبغي التريث واعتماد دراسات جدوى وأخرى توقعية، للحفاظ على المصالح العامة والمكتسبات، ولا يمكن أن نقوم بين عشية وضحاها بترحيل عشوائي أصفه شخصيا بالزلزال". حيمو: يجب كشف خلفيات القرار قال سعيد حيمو رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء، إن هناك قطاعات تستحق الإشادة لأن القائمين عليها يحرصون على إشراك المهنيين في المشاورات وإبداء الرأي حيث الكل يدلي برأيه، إلا أنه في بعض الإدارات والوزارات يأتي المسؤول بفكرة يصر على تطبيقها، بغض النظر عما إذا كانت صائبة أو خاطئة. وأضاف حيمو في الندوة التي نظمتها "الصباح"، أن هناك مسؤولين ببعض الوزارات يقررون تنزيل مشاريع مقترحات وقرارات مهمة، دون إشراك المهنيين المعنيين والمجتمع المدني الذي يمثل المواطن، ويأتون لفرض فكرتهم، رغم أنه لا جدوى منها ولا نعرف خلفيات تنزيلها. دواعي الترحيل وانتقد رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء، قرار عبد اللطيف وهبي وزير العدل، ترحيل محاكم البيضاء بجميع درجاتها لتجميعها في قصر للعدالة يرغب في إنشائه بالمدينة الجديدة زناتة البعيدة عن وسط وضواحي العاصمة الاقتصادية بعدة كيلومترات، متسائلا بشكل استنكاري "نقولها مرة أخرى ما هي أسباب نزول هذا القرار؟ نتمنى أن يصارحونا بالسبب الرئيسي الذي يدفعهم لاتخاذ قرار ترحيل محاكم البيضاء وتجميعها في مكان آخر ليس ذا جدوى". وأضاف المتحدث نفسه وهو يتساءل بحرقة "نريدهم أن يطلعونا على الأسباب الحقيقية من هذا القرار الذي لا فائدة منه سواء للمهنيين أو للمرتفقين، لأنه إذا كان الموضوع يتمحور حول المال والأعمال فيجب أن نعرف ذلك، فالجميع يعرف قيمة الوعاء العقاري والسعر الخيالي لبيعه أو شرائه". وشدد حيمو، على أن المواطن اليوم سئم من انتشار الاسمنت المسلح بمدينته، بعدما تم القضاء على المناطق الخضراء مقابل فسح المجال للبناء، قبل أن يتم الانتقال إلى الإجهاز على بنايات وفضاءات مهمة تعتبر جزءا لا يتجزأ من تاريخ وهوية وذاكرة العاصمة الاقتصادية للمملكة. وأكد رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء، على أنه لا يمكن محو ذاكرة البيضاويين التي تعتبر إرثا مشتركا لهم ولجميع المغاربة، من أجل تنزيل مشروع لن يشكل أي إضافة، بل سيكون سببا لمعاناة المهنيين والمرتفقين على حد سواء، مضيفا "باعتباري بيضاويا مازلت أبكي على التخلي عن محكمة الاستئناف الأولى التي توجد بمنطقة الأحباس وتغيير تخصصها، والدليل على أهميتها أن جل الأفلام والأعمال الفنية تسلط الضوء عليها، لأنها معلمة تاريخية، ولهذا فالذي دخل ذلك الصرح القضائي ولم يبك أو لم يتألم لحال المسرح البلدي بالبيضاء الذي تم هدمه خاصة الأشخاص الذين ينتمون لجيل الستينات والسبعينات، فلا يمكن له البكاء على المواطنة بالمغرب أو على البيضاء". دراسة معمقة شدد حيمو على أنه كيف يعقل التفكير في مشروع بناء قصر للعدالة بمنطقة بعيدة عن جميع البيضاويين، دون القيام بدراسة قبلية معمقة لمعرفة إيجابيات هذا المشروع وسلبياته. وأشار رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء إلى أن سلبيات المشروع تكمن في تحويل يوميات المعنيين سواء كانوا مهنيين أو مرتفقين إلى جحيم، سواء في ما يتعلق بتضييع الوقت والمال في التنقل من وإلى المحكمة أو في ما يخص تهديد استقرار أسر المهنيين الذين سيتوجب عليهم الانتقال من مناطق متعددة بالبيضاء وبيع منازلهم للاستقرار قرب زناتة، وهو ما يعني التأثير بشكل سلبي على نفسية أبنائهم وتحصيلهم الدراسي، دون نسيان التبعات الاقتصادية التي سيخلفها الإجهاز على عدة مهن مرتبطة بالمحكمة الابتدائية الزجرية عين السبع والمحكمة التجارية بأنفا ومحكمة الاستئناف بشارع الجيش الملكي والمحكمة الابتدائية بأنفا وكذا المحكمة الاجتماعية بالألفة، وبالتالي نشر البطالة والأزمة في وسط عدة مناطق، مقابل تنمية منطقة واحدة. التقاضي عن بعد كشف سعيد حيمو رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء، على أن جائحة كورونا كان لها التأثير السلبي على السير العادي لمحاكم المملكة والإدارات بشكل عام، مشيرا إلى أن الوضع الصحي لتأمين حياة القضاة والمحامين والمهنيين والعاملين والمرتفقين فرض العمل عن بعد، ببرمجة جلسات "المحاكمة عن بعد" التي تتم بعد موافقة المعتقل ودفاعه، في إطار مساهمة السلطة القضائية والإدارة القضائية، في تنزيل التدابير الصحية المتخذة لمكافحة تداعيات وباء فيروس كوفيد 19، وهي الجلسات التي يتم فيها التواصل بين القاضي والمتهم المعتقل بالصوت والصورة بحضور محاميه. وأوضح حيمو أن بنايات المحكمة أصبحت أمرا متجاوزا لأن حاجتنا اليوم لعدالة رقمية تفرض علينا إسراع وتيرة مضينا نحو محكمة رقمية تستجيب لمتطلبات العدالة و أحقية المواطنين في ممارسة حقهم في التقاضي عن بعد، بشكل يلامس التطلعات الملكية السامية المرسومة، التي جعلت من إصلاح القضاء ورشا مفتوحا على الدوام قوامه "جعل القضاء في خدمة المواطن". وشدد رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء، على أنه إذا كانت هناك رغبة في إصلاح حقيقي للقضاء وتحديث الإدارة القضائية، فإن تقليص عامل الزمن يستوجب التعجيل بمشروع المحكمة الرقمية الذي سيشكل لا محالة قفزة نوعية في العدالة بالمغرب ومكسبا وطنيا يحق لنا به الالتحاق بمصاف دول متقدمة معلوماتيا في أنظمتها القضائية، والتي ستسهم من جهة أخرى في ضمان سيرورة الخدمات القضائية بجميع الظروف والصعاب مهما كانت. قالوا: حيار: قرار متسرع قال نور الدين حيار رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية البيضاء، إن قرار تجميع محاكم البيضاء يحتاج إلى دراسة معمقة، قبل اتخاذ أي قرار متسرع لتنفيذه على أرض الواقع، تفاديا لانعكاسات سلبية على المهنيين والمرتفقين. وأوضح حيار أن سياسة تقريب الإدارة من المواطن تقتضي البحث عن حلول داخل البيضاء للمحافظة على المصلحة العامة وليس بترحيل المحاكم إلى زناتة والتسبب في معاناة للمهنيين والمرتفقين، مشددا على أن المحكمة الرقمية هي السبيل الأوحد لتجويد خدمات مرفق العدالة. حيمو: مشروع فاشل ختم سعيد حيمو رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء، مشاركته في اللقاء، بالتأكيد على أنه باعتباره مهنيا ورئيسا للمجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء، أو مواطنا من سكان العاصمة الاقتصادية، يرى أنه مشروع فاشل ولا يجب أن يخرج للوجود لأنه مضيعة للوقت والمال العام. وتساءل رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالبيضاء، قائلا عن مسألة ترشيد النفقات "بالنسبة إلى هذه الملايير الكثيرة التي ستُرصد لمشروع قصر العدالة بزناتة، فإننا بحاجة ماسة إليها في ظل الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة وفي إطار التنمية الاجتماعية التي تبذل مجهودات لتحقيقها". النقيب الشهبي: جريمة دعا محمد الشهبي النقيب الأسبق لهيأة المحامين بالبيضاء، إلى الاستثمار في مجال الرقمنة، عوض مشروع سيكون جريمة في حق المجتمع وفي حق المعالم التاريخية للعاصمة الاقتصادية. وأوضح النقيب الأسبق لهيأة المحامين بالبيضاء، أنه يجب المحافظة على الإرث التاريخي للبيضاء عوض الإجهاز عليه وطمس معالمه، مشددا على أن المحاكم التي خلفها المستعمر تتميز بجماليتها وجودتها، وبالتالي يجب استغلالها عوض تفريغها وتدميرها وصرف ميزانيات كبيرة في مشروع خارج المدينة لن يشكل أي إضافة، بقدر ما سيكون عائقا أمام المرتفقين والمهنيين. مبتسم: دراسة معمقة قالت لطيفة مبتسم، عضو الجمعية المغربية للنساء القاضيات، إن الضجة التي جاء بها مشروع ترحيل محاكم البيضاء وتجميعها في مدينة أخرى، مرده غياب دراسة معمقة تهم جميع الفاعلين في المجال حتى لا يتم المس بالمصلحة العامة للمرتفقين والمهنيين. وشـــددت عضو الجمعيـــة المغربيـــة للنساء القاضيات على أن رقمنة المحاكم هي الحل لتجاوز هـــذا الإشكـال المطروح حول التــداعيات السلبية لتنقيل محاكم البيضاء إلى زناتة. المتفوق: الرقمنة ورش للمستقبل قال عدنان المتفوق عضو المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب، إن الرقمنة تعتبر ورشا للمستقبل لتجويد خدمات القضاء وتوفير شروط المحاكمة العادلة، وبالتالي ضمان إحقاق الحق وترسيخ العدالة المنشودين. وأضاف المتفـوق أن المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب لم يخرج بأي موقف رسمي حول ملف مشروع ترحيل محاكم البيضاء، إلا أنه يرى أن مشروع المحكمة الرقمية أصبح يفرض نفسه في وقتنا الراهن لكسب رهان الجودة والوقت ومواكبة عصر التطور. عواد: فتح نقاش عمومي قال محمد مكرم عواد، ممثل ودادية موظفي العدل، إن مشروع ترحيل محاكم البيضاء إلى زناتة، ينبغي أن يعرف فتح نقاش عمومي في أقرب وقت ممكن، يشارك فيه المهنيون وفعاليات المجتمع المدني التي تمثل المواطن والمرتفق، باعتبار المقاربة التشاركية عنصرا أساسيا لضمان نجاح أي مشروع كيفما كان نوعه. وشدد عواد على أنه ينبغي استحضار المصلحة العامة حتى لا يتم الوقوع في خطأ مكلف، مشيرا إلى أن المحكمة الرقمية تبقى الحل الأنسب لتجاوز نقاش البنايات الذي لم يعد ذا جدوى في ظل عصر التطور والتكنولوجيا.