رغم وجود قوانين إلا أن تفعيلها صعب جدا في وجود حماية الحق في الحصول على المعلومة ومصدر الخبر يناقش برنامج الزمالة "آي تي بي"، لمنظمة "نيراس" الموجود مقرها بالسويد، حريات الصحافة وحدودها في وسائل الإعلام بأنواعها (مكتوب، سمعي، سمعي بصري...)، إضافة إلى صورة المرأة في الخطاب الإعلامي ومسألة الأخلاقيات، خاصة في زمن التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي. كما يسمح للمشاركين فيه، من المغرب وتونس ولبنان، فهم نظام التنظيم الذاتي في الممارسة الصحافية، والتفكير في السبل التي تجعله ممكنا وقابلا للتطبيق رغم اختلاف السياقات. شاركت "الصباح" في هذا البرنامج الذي تموله مؤسسة "سيدا" وأتت بأهم النقاط التي ناقشها، والتي نترك للزملاء الصحافيين، والقراء المهتمين، حرية مقارنتها بواقع الممارسة الصحافية بالمغرب. إنجاز: نورا الفواري (موفدة "الصباح" إلى ستوكهولم) أكد المسؤولون داخل هيأة الصحافة والإذاعة السويدية (الهيأة العليا للإعلام والصحافة السمعية البصرية بالسويد)، أن القرارات التي تتخذها مؤسستهم مستقلة، رغم أنها تشتغل تحت إشراف وزارة الثقافة، ويتم تعيين أعضائها من قبل الحكومة السويدية. وأوضحوا، في لقاء على هامش برنامج الزمالة، الذي تنظمه مؤسسة "نيراس" السويدية، حول حرية التعبير والتنظيم الذاتي للصحافيين، أن مهمتها هي دعم حرية التعبير والإعلام أولا، ورصد المضامين الإعلامية وتقديم الدعم المالي لمختلف وسائل الإعلام، وفق معايير محددة من بينها نسب الاستماع والمشاهدة وحجم الاشتراكات، إضافة إلى الصعوبات المالية التي تمر منها بعض المؤسسات الإعلامية، وهي المساعدات التي وصلت في 2021 إلى 10 ملايين أورو، استفادت منها 106 وسائل إعلام سويدية. ويتكون مجلس الهيأة، الذي يجتمع 6 مرات في السنة، من 12 عضوا معينا من الحكومة، إضافة إلى الرئيس ونائبه، اللذين يتم اختيارهما من سلك القضاء، و4 خبراء إعلام و8 تمثيليات حزبية. حرية التعبير لا سقف لها تعتبر مجموعة "بونيي"، التي زارت "الصباح" مقرها، واحدة من أهم الإمبراطوريات الإعلامية في السويد. استحوذت على مجموعة من وسائل الإعلام في البلد، بشكل تدريجي وعبر مراحل. وهي تعتبر حرية التعبير لا سقف لها، ودقة الخبر مسألة مقدسة، مع الوعي في الوقت نفسه بأهمية المراقبة الذاتية التي يمارسها الصحافي على كل حرف من المقالات التي يكتب، من أجل تفادي المتابعة، في إطار وجود مجموعة من القوانين التي تحد من حرية الصحافة مثل المساس بالأمن العام وبشخص الملك، رغم أنها لا تفعل في معظم الحالات. المجموعة تملك العديد من المطبوعات الورقية إضافة إلى مواقع إلكترونية وقنوات على "الويب". انتقاد المستشهرين ممكن يمكن للصحافيين في السويد انتقاد المجموعة الإعلامية أو "الميديا" التي يشتغلون داخلها، وكتابة مقالات حولها في المنشورات نفسها التي تصدر عنها، دون أن يتعرضوا لأي نوع من العقاب أو المساءلة من طرف الإدارة التي لا تتدخل في نوعية المقالات التي يكتبونها، كما لا تضع أمامهم أي خطوط حمراء. كما يمكن للصحافيين انتقاد الشركات المستشهرة والمعلنين، مع ذكر أسماءهم كاملة، إذا اعتبرت رئاسة التحرير وهيأتها أن الأمر له علاقة بمصلحة العموم والمواطنين. حماية المصادر والحق في الخبر توجد في السويد هيأة مكونة من استشاريين عدليين، أو مدعين عامين، تضم 50 عضوا، معظمهم من القضاة، مهمتهم مراقبة مدى احترام حرية الصحافة والبت في القضايا التي تتعلق بها والتعويض عن الأضرار. وتتم تسمية أعضاء هذه الهيأة من الحكومة، لكنها في الوقت نفسه، لا تملك الحق في طرد أحد أعضائها أو عزله، باعتبارها هيأة مستقلة لا يمكن التدخل في عملها. وتقرر الهيأة في مبلغ التعويضات في حالة وجود شكاوى من المواطنين ضد السلطات العمومية أيضا. ولا يمكن للهيأة أن تثير قضية أو تحيلها على القضاء العادي، إلا في حالة وجود شكوى ضد الصحيفة. كما تحمي الهيأة الحق في الحصول على المعلومة وحماية مصادر الخبر، إذ يمكن للصحافي في السويد أن يطلع على البريد الإلكتروني للوزراء والمسؤولين أو على هاتفهم الخاص، كما من حقه التكتم عن مصدر خبره أمام الهيأة التي تحمي هذا الحق، إلا في حالات نادرة جدا تتعلق بانتهاك الحقوق الدينية أو التوجهات الجنسية. كما يمنع اتخاذ إجراءات عقابية ضد المصدر. المدعي العام المستشار العدلي أو المدعي العام (الذي تم ذكره في ما قبل) هو سلطة تهدف إلى التحقق من امتثال السلطات الأخرى للقوانين السويدية والقوانين الأخرى. منذ عام 1998، كان لدى وزير العدل إشراف أكثر شمولا يركز بشكل أساسي على اكتشاف الأخطاء المنهجية في الأنشطة العامة. تتمثل مهمته، نيابة عن الحكومة، في أن تفي السلطات ومسؤولوها في الولاية والبلديات بواجباتهم وفقا للقواعد القانونية المعمول بها في الدولة. وبصفته ذلك، فإن المدعي العام هو الشخص الوحيد الذي له الحق في المقاضاة على انتهاكات حرية التعبير والصحافة (وفقا لقانون حرية التعبير وقانون حرية الصحافة في السويد). الأدلة يقدمها المشتكي يحمي القانون في السويد الصحافي وحقه في التعبير وإبداء الرأي والحصول على المعلومة. وحتى في حالة التقاضي، أو رفع شكاية أو قضية ضد صحافي أو مؤسسة صحافية، من قبل "متضرر"، سواء كان مسؤولا أو مواطنا عاديا، يكون على الطرف المشتكي أن يأتي بنفسه بالأدلة التي تثبت أن الكلام الذي كتب في حقه غير صحيح، في حين لا يطلب من الصحافي الإدلاء بأيـة وثيقة على صحة كلامه، لأن مصداقية الخبر ودقته مقدسة في الممارسة الصحافية المهنية في السويد، ولا يمكن لأي صحافي أن يكتب شيئا دون أن يتحرى فيه الصدق تماما، وبالتالي، فإن تهمة الكذب والافتراء تستبعدها المحكمة تماما. صحافة... "آوت" يتهم العديد من المتابعين، ومن بينهم مشاركون في برنامج "الزمالة"، الإعلام السويدي بالانحياز وبعدم الحياد في مجموعة من القضايا، خاصة التي تتعلق باللاجئين والعرب والمسلمين الذين يتمركزون بالضواحي، والذين لا تحظى مشاكلهم ومعاناتهم بالاهتمام اللازم، كما يتم انتقاد وسائل الإعلام، خاصة التلفزيون، على التعتيم على العديد من الأخبار والأحداث التي تهز الرأي العالمي، مثل حدث مقتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، الذي مر على شكل خبر صغير جدا في نشرة لها علاقة بالأخبار الثقافية، في الوقت الذي تهاجم تيارات إسلامية محافظة من بين المهاجرين، الإعلام السويدي، لأنه يفتح المجال لانتقاد جميع الشخصيات حتى ولو كانت مقدسة دينيا، رغم أن حرية الصحافة لا تعترف بمقدسات أو حدود للكتابة والسخرية، مثلما وقع في مقالات صحافية سبت الإسلام أو تنمرت على نبيه. المجلة "الجنسية" الأكثر مقروئية تعتبر تجربة مجلة "أوتار"، فريدة من نوعها في السويد. فهي مجلة تعنى بشؤون التربية الجنسية وحقوق النساء والمثليين، بعيدا عن أسلوب الإثارة أو الفضائح، وأقرب إلى التوعية والتثقيف. وقد استطاعت هذه المجلة، في غضون سنوات قليلة، أن تفرض نفسها داخل المشهد الإعلامي في البلد، بل وحتى خارجه، بعد أن أصبحت تحظى بنسبة مقروئية كبيرة سواء على مستوى المطبوع الورقي، أو على الموقع الإلكتروني التابع لها، مما حذا بمسؤولتيها، إلى تجربة طبع أعداد باللغة الإنجليزية، من أجل استقطاب وبلوغ القراء الأنجلوساكسونيين في مختلف أنحاء العالم. وتناقش المجلة، بأسلوب راق، العديد من القضايا الهامة من بينها "المعارك المقدسة ضد حقوق الجسد" و"الصحة الجنسية في زمن كوفيد 19" و"الطابوهات حول الحيض" و"التواصل الجنسي"، كما تمنح مساحة لمجتمع الميم من أجل التعبير عن نفسه والدفاع عن قضاياه في مجتمعات ما زالت ترفض المثليين، رغم أن القانون يحمي حقوقهم.