fbpx
ملف عـــــــدالة

كمائـن الخيانـة الزوجيـة

فخاخ بالاستعانة بتطبيقات إلكترونية وأخرى بطرق تقليدية

الخيانة الزوجية هي جريمة لها خصوصيات تميزها عن باقي الجرائم المتعلقة بالأخلاق العامة، إذ أنها تفرض أن تكون هناك شكاية من الطرف المتضرر، ويمنع على النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية، كما هو ثابت في باقي الجرائم، إذا لم يتقدم زوج الجاني بشكاية يطلب فيها المتابعة باستثناء الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 491 التي تخص ما إذا كان الزوج متغيبا خارج المغرب وزوجته تتعاطى الفساد بصفة ظاهرة، فإنه يمكن للنيابة العامة أن تتابعها دون أن يتوقف الأمر على شكاية الزوج المتغيب.
الملاحظ أن الخصوصية التي منحها المشرع لهذا النوع من الجرائم والتقييد الذي وضعه في شأن طريقة الإثبات والتي تكون إما من خلال محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس، أو بناء على اعتراف تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي، دفعا بعض الأزواج إلى التفنن في صنع كمائن ينصبونها للشريك للإيقاع به متلبسا بتلك الجريمة وحتى تكون دلائل واضحة على تلك الجريمة، وهو المنحى التي ذهبت فيه بعض الاجتهادات القضائية، التي سارت في الاتجاه نفسه لإضفاء الشرعية على وسائل الإثبات ومن ضمنها الكمين.
كريمة مصلي

“موبيـل تراكـر” لإسقـاط خائنـة

أدانتها المحكمة رغم غياب التلبس وقبلت بتركيب الزوج جهازا عاكسا لمحادثات ساخنة

في واقعة مثيرة ناقشتها المحكمة الابتدائية بتمارة، قبل ثلاث سنوات، واقتنعت فيها بوجود خيانة زوجية لتدين زوجة بثلاثة أشهر حبسا نافذا وبشهرين حبسا لعشيقها بتهمة المشاركة في الخيانة، رغم غياب حالة التلبس في الممارسة الجنسية بينهما، واعتمدت في إصدار الحكم على رسائل نصية ومكالمات ساخنة عبر تطبيق الرسائل الفورية “واتساب”، التقطها الزوج بعد تركيبه جهازا يعكس محادثات الزوجة على هاتفه عبر تطبيق “موبيل تراكر”، وقبلت المحكمة مبادرة الزوج، كما اتخذت قرار الاعتقال الاعتقال الاحتياطي بسجن العرجات.
كان الزوج يشتغل بإحدى الدول الأوربية تاركا الزوجة بتمارة، فأثارته شكوك، ليركب التطبيق بهاتفه الشخصي والذي عكس المحادثات والصور الخليعة، انطلاقا من هاتف زوجته، وهو تطبيق “تجسس” يمنحك إدخال الرقم المراد مراقبته والتوصل فورا بمختلف الصور والفيديوهات والرسائل وموقع الهاتف. ووضع الزوج الحائر مكالمات الفيديو في أقراص مدمجة، كما نسخ الكتابات وضمنها بشكايته الموجهة إلى النيابة العامة، مطالبا بفتح تحقيق قضائي في الموضوع، واستعجلت الضابطة القضائية بفتح البحث التمهيدي.
واستمعت الضابطة القضائية إلى المشتكي الذي أقر أنه يشك في زوجته، التي تملك محلا تجاريا بأن لها علاقات مشبوهة مع شخص، ما دفعه إلى تركيب التطبيق المعلوماتي للتأكد من الخيانة، وهو ما ثبت فعلا فعكس التطبيق الهاتفي محادثاتها الساخنة، انطلاقا من هاتفها على هاتفه، وبعدما اطلع على المحتويات، تبينت له صحة نواياه.
وبعدما اطلع نائب وكيل الملك على المحتويات الرقمية المقدمة مع الشكاية المكتوبة، اقتادت الضابطة القضائية الزوجة إلى مقرها وبعد مواجهتها بالتهمة المنسوبة إليها أقرت بواقعة الرسائل المتبادلة، مضيفة أن العديد من الزبناء الذين يترددون على محلها يتحرشون بها ويرغبون في ربط علاقات عاطفية معها، كما أقرت بطريقة غير مباشرة بالعلاقة الغرامية التي تجمعها بالخليل، فأمرت النيابة العامة بوضعها رهن الحراسة النظرية رفقة المشارك في الخيانة الزوجية للتحقيق معهما في الموضوع.
وأثناء مناقشة القضية أمام القاضي الجنحي المقرر في قضايا التلبس أنكرت الموقوفة تهمة الخيانة، مضيفة أن لها مشاكل مع زوجها، الذي تزوجها في 2013، لكن القاضي المقرر، اعتمد في إثبات الخيانة على الرسائل النصية ومكالمات الفيديو والصور المخلة بالآداب، التي كانت الموقوفة تبعثها لعشيقها وآخرين.
وظلت الزوجة والعشيق ينفيان طيلة مراحل مناقشة حيثيات الملف بقاعة المحكمة، كما اعتبر دفاعهما أن المشرع دقق في إثبات جريمة الخيانة الزوجية، والتي تقتضي معاينة ضابط الشرطة القضائية للممارسة الجنسية، وبعدما رفع القاضي القضية للتأمل والنطق بالحكم، أصدر في حقهما عقوبات حبسية نافذة وغرامات مالية لفائدة خزينة الدولة.
واستأنف كل من المدانين والمشتكي الحكم الابتدائي، إذ لم يقتنع الزوج المشتكي بمدة العقوبة الصادرة في حق زوجته، كما كانت أسرة الزوجة والعشيق تأملان في البراءة، بعدما اعتبرت العديد من المحاكم أن المحادثات الرقمية غير موجبة للخيانة الزوجية، ويقتضي الأمر معاينة ضابط الشرطة القضائية لحالة التلبس في الممارسة الجنسية، أو حجز مناديل ورقية بها بقايا الحيوانات المنوية، وكذا إجراء تحاليل الحمض النووي لهما، حتى تساعد الخبرة القاضي المقرر في الحكم لإصدار قراره الملائم.
عبدالحليم لعريبي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى