fbpx
ملف عـــــــدالة

التحرش الجنسي … استغلال القضاء للانتقام

روائح تصفية حسابات فاحت من قضايا استغلت فيها مستخدمات وموظفات

عندما سن المشرع نصوصا قانونية للحماية من التحرش الجنسي، فإنه رمى إلى سد ثغرات في الترسانة القانونية لمواجهة الجرائم التي يمكن أن تقع. كما استجاب إلى فئات من المجتمع المدني، سيما الجمعيات النسائية التي راكمت تجربة في مراكز الاستماع ووقفت على نواقص في التشريع تساهم في تنامي التحرش الناجم عن الإكراه المادي أو المعنوي، الذي تعانيه فئة عريضة من النساء سواء في مقرات اشتغالهن أو في الشارع.

لكن وبعيدا عن غاية المشرع وأهدافه، استعملت جريمة التحرش، سلاحا للانتقام من قبل فئة من المشتكيات، سواء لفائدتهن، قصد تصفية الحساب مع خصومهن، أو باستغلالهن من قبل آخرين، في إطار التضييق على المنافسين والتشهير بهم والتأثير على مراكزهم الاجتماعية والقانونية.

ولعل الإثباث والدليل، هما الفيصل في الدعاوى التي تثار في هذا الباب، إلا أن بعض القضايا كشفت زيف المزاعم وتحولت في ما بعد إلى شكايات من أجل الوشاية الكاذبة والتبليغ عن جريمة يعلم بعدم حدوثها، في مواجهة من زعمن كذبا أنهن ضحايا التحرش الجنسي.

وتظل وسائل الإثبات أو الأدلة المعتمدة في استبيان وقوع الجريمة، أهم ركن يعتمد عليه القضاء، إذ لا يجوز للقاضي أن يحكم ويفصل في النزاع بناء على تخميناته، بل ينبغي له الاستناد إلى المواجهة والمحاججة وبسط الأدلة، سواء تعلق الأمر بإكراه مادي للضحية، أو إكراه معنوي لإرغامها على قبول الاتصال الجنسي، بدون رضاها.

وتجري بالبيضاء محاكمة أربع متهمات، بالوشاية الكاذبة والتبليغ عن جريمة لم تحدث، بعد أن وجهن في السابق شكاية ضد مسؤول بمؤسسة عمومية، يتهمنه بالتحرش بهن، إلا أن التهم لم تصل إلى مبتغاها، وظهرت شاهدات يزاولن رفقة المتهمات أنفسهن، بسطن الحقيقة، ليتم اكتشاف أن المعنيات بالأمر استغللن في حرب بين المسؤولين، وهي القضية التي مازالت تروج ضد المتهمات، اللائي لم يقدمن ولو دليلا واحدا، على وقوعهن تحت أي نوع من الإكراه.

وفي المحمدية أثيرت قضية غريبة، رفعتها مشتكية تم طردها من العمل، إذ بعد أسابيع من فصلها بسبب أخطاء جسيمة، فضلت اللجوء إلى القضاء الجنحي ووضع شكاية ضد رئيسها في العمل، الذي كان سببا في طردها، والادعاء أنه تحرش بها في مقر العمل. ورغم انتقال الضابطة القضائية إلى مقر العمل واستقراء الكاميرات، ورغم حجز هاتف المعني بالأمر وتفتيشه لم يتم العثور على أي شيء يفيد الاستدراج أو الاستمالة لقبول الاتصال الجنسي أو غيره من مسوغات المتابعة بالجريمة، فإن المشتكى به، وضع رهن الاعتقال. أكثر من ذلك أن شاهدات من المستخدمات تقدمن للإدلاء بشهادتهن، لم يسمح لهن بذلك، في حين تم قبول شهادة مستخدمة أخرى تعرضت بدورها إلى الفصل بسبب التهاون في العمل.

وبعيدا عن ذلك، تتزامن بعض الشكايات ذات الحمولة الانتقامية، مع صدور فيديوهات في الأنترنت، للتشهير بالمشتكى به، والتأثير على القضاء، وهو ما يعد فعلا مجرما، إلا أن مرتكبيه يبقون بعيدا عن المساءلة.

المصطفى صفر


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى