fbpx
ملف عـــــــدالة

التحرش الجنسي … بيـن الحقيقـة والباطـل

طبيب تحسس مفاتن قرويات وتشكيلي لامس نهدي طالبة ومعلمات اتهمن جيرانهن طمعا في الانتقال

لم يكن لقضايا التحرش الجنسي وجود بالمحاكم إلى زمن قريب. كان يعتبر إعجابا بجسد وجمال المرأة. ولم ترق إلى مستوى الفعل الجرمي، إلا بعد ظهور قانون يجرمه وأسقط العديد ممن تلذذوا بمفاتن النساء باللمس أو الغمز والهمس والإيحاءات، بل تحول إلى وسيلة ناجعة للانتقام وتصفية الحسابات الضيقة.
قصص التحرش مثيرة في تفاصيلها تختلف وتتباين من حالة لأخرى. فيها الواقعي الملموس ومن بشكاية كيدية ملبوس. الأول بالوقائع والأدلة مفضوح، والثاني فيه الغموض مطروح. وبينهما خيط رفيع قد يقود للزنزانة أو يكشف البراءة ويفضح قمة الدناءة بعد أن يفقد الملبس ثوب الاتهام، حريته أسابيع طويلة.
طبيب رئيس بمستوصف قروي، واحد من أشخاص أوقعت بهم عيونهم الزائغة. تحسس مفاتن أجساد مريضات، وتحرش بهن بكلمات فيها إيحاءات جنسية. وطلب من بعضهن نزع جزء من ملابسهن والتحرك أمامه كلما تحين الفرصة، دون أن يتوقع انتفاضتهن وأزواجهن اشتكوه للوكيل العام باستئنافية فاس.
شهران حبسا موقوف التنفيذ، عقوبة أدين بها بعدما حوكم في حالة سراح بكفالة بعد أيام معدودات قضاها في السجن، في تاريخ سابق لظهور قانون التحرش الذي كان فنان تشكيلي ستيني أول من تم إيقافهم بعد أن تحرش بطالبة بالأقسام التحضيرية بمركز تجاري قريب من مطعم أمريكي بساحة لافياط بفاس.
لم يكتف بإبداء الإعجاب بجمالها وقدها الممشوق، والتغزل بها بعبارات، ولا بحركات إيحائية حاول بها استمالة ودها، بل أمسك بصدرها مدغدغا نهديها بحركات انتبه لها حارس أمن خاص استعان برواد المتجر لإيقافه وتسليمه لعناصر الأمن، ليجد نفسه في السجن قضى به أسبوعا قبل تنازلها وسقوط الدعوى العمومية.
“التحرش الجنسي بأقوال وأفعال وإشارات ذات طبيعة جنسية والإخلال العلني بالحياء” تهم جنحية لم ينقذ التشكيلي الذي لم يذق طعم الزواج في حياته، من عقوبتها إلا تنازل كتابي وقعته الطالبة وأدلى به دفاعه المشكل من محامين أقاربه جبروا خاطرها إنقاذا لسمعته وحريته بعدما سقط سقطة ما توقعوها.
لم يكن الوحيد الحالم بالاستمتاع بجسد إناث قبل أن يستفيق على كابوس الاعتقال، بل تبعه للزنزانة عون سلطة بقيادة عين الشكاك بصفرو تحول جسده مفرغا لغضب شباب حاصروه قرب مستشفى بعد تحرشه بفتاة، كما سائق سيارة أجرة وغيرهما ممن توبعوا في حالة سراح بعدما خمد لهيب قانون تجريم التحرش.
شرطي وجندي بدورهما سقطا نتيجة تحرشهما الجنسي بزوجة راوداها عن نفسها وحاولا اختطافها بواسطة سيارة خفيفة قبل أن ترمي نفسها منها، في قصة مشابهة لتحرش فلاح بشرطية بزي مدني بالشارع العام، وأستاذ بتلميذاته في ثانوية، وأغلبهم توبعوا في ملفات مختلفة وأدينوا بعقوبات سالبة للحرية.
وإن كان التحرش مثبتا بشهود وأدلة وقرائن مادية في هذه الحالات، فإنه تحول في أخرى إلى وسيلة للانتقام بشكايات كيدية ووقائع غامضة على غرار اتهام أخت لشقيقها بالتحرش الجنسي بها وبزوجة أخيه، ما كلفه سنتين قضاهما في السجن بعدما ظهر الخيط الأبيض من الأسود في قصة انتهت على إيقاع فضيحة عائلية.
وقس على ذلك، اتهام أستاذة ابن جارها بالتحرش بها ومحاولة اقتحام منزل تكتريه بقرية، قبل أن يتضح أن الاتهام مجرد حيلة للحصول على انتقال للعمل بمركز جماعة أقرب للطريق الوطنية، في حالة تتكرر في قصص تدعي بعض المعلمات محاولة إيذائهن والتحرش بهن، طمعا في الهروب بعيدا عن بيئة لم يعتدن العيش فيها.
حقيقة ليست للتعميم ولا الإسقاط على حالات تحرش أخرى بمعلمات على غرار تلك بمدرسة بمنطقة إساكن أدلت بثلاث شهادات طبية مثبتة للفعل، فيما قد يتحول التحرش الجنسي إلى وسيلة للانتقام من رجال تعليم في بعض المناطق، باتهامهم بذلك ومحاولة التغرير بتلميذات يدرسونهن في مدارس أو فضاءات مجاورة لها.
ومن ذلك اتهام حارس عام قسم داخلي بمؤسسة تعليمية بتاونات، بالتحرش بتلميذة محرومة من الإيواء، في قصة مماثلة لما وقع في داخلية بالإقليم نفسه، لما حاولت تلميذة الانتحار واتهامها مسؤولا تربويا بابتزازها جنسيا ومراودتها عن نفسها، قبل أن تكشف الأبحاث المجراة في الحادثين، حقيقة زيف الاتهامات.
حميد الأبيض (فاس)


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى