الثقافة الكورية «تستلب» شبابا وأطفالا مغاربة وتعزلهم عن المجتمع من المواضيع التي لا تثار في النقاش العمومي المغربي، هو إلى أي حد يمكن للشباب المغربي الانفتاح والانغماس في الثقافات الأجنبية، والكورية الجنوبية على وجه الخصوص، التي أصبحت تستوعب جزءا مهما من النشء المغربي، بشكل غير مفهوم يميل إلى الاستلاب أكثر منه إلى الانفتاح، وهو ما حول هذه الفئة من القاصرين والشباب المغاربة، إلى عرضة للتنمر والسخرية. ولبسط الموضوع، فالحديث هنا عن آلاف المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و25 عاما، وفئة الأطفال والمراهقين بشكل أدق، الذين أصبحوا يعيشون نمط الثقافة الكورية، ولديهم مجموعاتهم الافتراضية ولقاءاتهم الدورية، وأماكن لاقتناء الملابس والأكسسوارات، إضافة إلى الألعاب وغيرها، إذ تحول هذا الاستلاب إلى اقتصاد أيضا، إلى درجة ظهور محلات خاصة ببيع منتوجات الثقافة الكورية، وتنظم معارض وملتقيات تجمع محبي الكوريين. ودخلت الثقافة الكورية عن طريق الأغاني والدراما، خاصة بعد ظهور فن "الكي بوب"، وبلوغه العالمية في العقد الثاني من الألفية الثالثة، إذ وصل صيت هذا الفن إلى كل بقاع العالم، غير أنه لم يمر مرور الكرام على المغرب، بل وجد قابلية للانتشار، حتى تحول جزء من المغاربة إلى مدافعين شرسين عن هذا الفن ونجومه. وبما أن هذا الفن وجد لنفسه مكانا في المغرب، فإن عشاقه من الأطفال، أصبحوا عرضة للتنمر، من قبل زملائهم، خاصة بعد تأسيس فروع المعجبين بفرق غنائية بعينها، كما هو الأمر بالنسبة إلى "بي تي اس"، التي كسبت جمهورا مغربيا كبيرا من الأطفال والمراهقين، وأدى حب الفرقة بالمعجبين إلى تأسيس مجموعات افتراضية، وتنظيم لقاءات وغيرها، الأمر الذي أصبح يظهر للبعض أن هؤلاء الأطفال ضحية استلاب. ويجب التفكير في المرحلة المقبلة على الأقل في منع التنمر على هؤلاء المعجبين، خاصة الأطفال من قبل زملائهم، لأنهم ينادون بـ "العبيد"، بسبب حبهم الكبير للفرق الموسيقية والثقافة الكورية عامة، الأمر الذي يولد لديهم عنفا مضادا تجاه كل شخص ينتقدهم أو ينتقد فرقتهم الموسيقية أو مظهرهم، لأن جل المعجبين دخلوا في جو الثقافة الكورية، وتعلموا اللغة الكورية، ويلبسون لباس الكوريين ويقلدونهم في تسريحات الشعر، وكل شيء تقريبا، وهذا أمر غير مفهوم، لأن الثقافة الفرنسية والأمريكية، سبقتا الكورية إلى المغرب، لكنهما ظلتا في حدود معينة. ووجب على الآباء حماية أبنائهم، من التنمر الذي يتعرضون له، إذ أنه قبل أسابيع احتضن "مروكو مول" لقاء جمع محبي فرقة "بي تي اس" ومعجبي لعبة "فري فاير"، وهو حفل ومعرض لبيع المنتجات ولقاء المعجبين، لكن النتيجة كانت التنمر والتنقيص من هذه الفئة، التي اندمجت بشكل كبير في الثقافة الكورية، ما يثير الأسئلة لدى كثيرين، عن سر هذا التعلق، ويجعل المراهقين يسخرون من هذه الفئة من المعجبين. عصام الناصيري