بلالي: عدم الالتزام والغش في الأداء التربوي والابتزاز جرائم تربوية تحولت دروس الدعم والساعات الإضافية المؤدى عنها، إلى تجارة مربحة من طرف بعض رجال ونساء التعليم ومؤسسات خاصة، سيما أثناء الاستعداد للامتحانات الإشهادية وحاجة التلاميذ للتقوية للرفع من مستوى تحصيلهم. وجعلها البعض "همزة" للكسب المضاعف وغير القانوني ضدا على القوانين. مؤسسات فتحت باب الساعات الإضافية مشرعا في وجه كل الراغبين في ذلك وبأثمنة يراد منها ربح مضاعف أكثر من مساعدة التلاميذ، كما عاطلين ومدرسين ومدرسات بعضهم أهمل دوره بمؤسسات عمومية و"يبتز" تلاميذه بإجبارهم على الانخراط في دروس الدعم ويفرضها أحيانا مقابل النقطة. كل ذلك يتم علنا وأمام أعين الكل ودون رضى أولياء التلاميذ ورغما عنهم أحيانا، وضد الترسانة القانونية التي أصدرتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وتمنع منعا كليا تنظيم المدرسات والمدرسين وبأي شكل من الأشكال، لدروس خصوصية مؤدى عنها لفائدة تلاميذهم وتلميذاتهم. هذه الفئة من المدرسين والمدرسات "منعدمي الضمير المهني" حولوا حاجة التلميذ المتعثر لجهود لرفع مستواه التحصيلي، ل"همزة" يراكمون فيها ثروة غير مشروعة، إذ تستهدف جيوب الآباء منهم، خاصة أن بعضهم يتهاون في القيام بواجبه في الحصص الرسمية ومواكبة المتعثرين عبر دروس تقوية مجانية. مع كل بداية موسم دراسي وأثناء الاستعداد للامتحانات وحتى في العطل الصيفية، يشرع هؤلاء "التجار في التعليم والتربية" كما تصفهم الإطار المتصرفة التربوية سناء بلالي، في حملات قوية وخطيرة لإقناع المتعلمين وآبائهم وأولياء أمورهم، عبر مطويات وقصاصات ولوحات إشهارية. تلك الوسائل تحث المستهدفين على اللجوء لدروس الدعم والتقوية، وتوزعها هذه الفئة أمام أبواب المؤسسات التعليمية وفي المقاهي والشوارع وتحت أبواب المنازل، مشجعينهم على الإقبال عليها بداعي منحها على أيدي "أطقم من خيرة الأساتذة الأكفاء والمتمكنين من طرف التدريس والتلقين بأحدث الوسائل والإمكانيات". هذه الأطقم المراهن عليها للربح، هم في الأصل "منتمون إلى وزارة التربية الوطنية ويشتغلون في مؤسسات تعليمية عمومية" تقول سناء بلالي الحارسة العامة للخارجية بسلك الثانوي التأهيلي، مشيرة إلى أن الأمر مؤلم و"أصبح شبيها بالمضاربة العقارية والمالية في مجال المعرفة". ومن الأساتذة من يجبر التلاميذ بطرق مباشرة وغير مباشرة على الانخراط في الساعات الإضافية التي يمنح فيها "دروسا" هي نفسها المقررة في البرامج التعليمية الرسمية للوزارة، ومن المفروض أن تهضم في فصول المؤسسات داخل الحيز الزمني الرسمي المحدد لها إداريا، والمؤدى عنه أجرا شهريا من المال العام. تلك حقيقة صادمة أكدتها بلالي، موضحة أن هذه الدروس "ليست بالضرورة لتقوية مستواهم الدراسي ورفع مردوديتهم، بل مقابل منحهم نقطا إيجابية عالية في الامتحانات والفروض ولو دون استحقاق، محاباة لهم أو عبر طرح أسئلة الواجبات تم التطرق إليها في حصة الدروس الخصوصية". ويشكل ذلك، برأيها، تراجعا خطيرا دراسيا ومهنيا وحقوقيا على أداء المدرسة العمومية، فبعد أن "كانت مكانا للمعرفة وبوابتها الرسمية والمجانية، تحولت اليوم إلى معمل ينتج الخواء العلمي والمعرفي والكوارث التربوية ويضعف مردودية التحصيل المدرسي بمعدلات لا تتجاوز عتبة الانتقال". لقد اقتنع الجميع خاصة أولياء أمور تلاميذ الأقسام الإشهادية، بأن المدرسة العمومية "هي فقط مقر للتسجيل ووضع ملف لاجتياز الامتحان والحصول على شهادة دراسية، فيما تبقى المنظومة التعليمية الموازية الطريق المضمون والمؤمن لمعظمهم للحصول على النقط والمعدلات المرتفعة" تقول سناء بلالي. وتؤكد أن ضرر الساعات الإضافية ليس فقط على مردودية المدرسة العمومية وإنما يتعدى ذلك إلى ضرب منظومة الأخلاق والقيم الإنسانية بخلق جو مشحون من التمييز بين تلاميذ الفصل الواحد ما ينمي في نفوسهم سلوكات خطيرة, من قبيل الحقد والكره والإحساس بالدونية أو بالعجرفة أو بالتفوق غير المبني على المنافسة الشريفة. حميد الأبيض (فاس)