لم يرق لمستوى التطلعات ونساء يبعن حليهن للوفاء باحتياجات أسرهن من لباس العيد انتعشت الحركة التجارية نسبيا مع اقتراب عيد الفطر، سيما تجارة ملابس تقليدية يحافظ الفاسيون على ارتدائها بهذه المناسبة الدينية. لكنها لم ترق لما كانت عليه في سنوات سابقة قبل انتشار فيروس كورونا، ولم تنعش جيوب تجار تأزمت أوضاعهم كما زبناؤهم، الذين فقدت نسبة مهمة منهم شغلها ومدخولها. الإقبال على متاجر الملابس في المدينة العتيقة وأحياء أخرى سيما في "النرجس" و"السعادة" و"المدينة الجديدة"، زاد. لكنه لا يرقى لتطلعات تجار ركدت تجارتهم شهورا بسبب الوباء وتداعياته وانتشار الباعة الجائلين، منافسيهم، في انتظار القضاء على ظاهرة استشرت في كل مكان بالعاصمة العلمية. أوضاع مزرية "نحمد الله. هناك رواج أحسن مما كان. حقا حجمه متوسط، لكن على الأقل نكسب ما نتدبر به أمورنا"، يقول عبد الإله، تاجر ملابس بحي "النرجس"، مؤكدا أن الإقبال ملحوظ على ملابس الأطفال بنسبة كبيرة، مقارنة مع تلك المخصصة للكبار، ما برره بأن كسوة الطفل أولى وضرورية في العيد والمناسبات. ويوضح أن زبناءه من الجنسين لا يشترون إلا قطعة أو اثنتين في أحسن الأحوال، وهو ما رده للأوضاع المزرية التي تعيشها الأسر بالأحياء المجاورة بسبب تداعيات "كورونا". يقول "كثير من أرباب الأسر فقدوا الشغل وبالكاد يتدبرون مصاريفهم اليومية، ويكتفون بقليل من اللباس لإسعاد صغارهم في العيد". ثلاث نساء وجدن في محل هذا التاجر عشية الثلاثاء الماضي. انهمكن في اختيار ما يروق لصغارهن لباسا في عيد لا يشبه الأعياد إلا في رمزيته دون ما ألفنه من تقاليد وعادات لم تعد ظروف أسرهن تسمح بالوفاء بها. الصورة نفسها تتكرر بمحل ملابس مجاور بتفاصيل متقاربة وبعدد أكبر من الزبناء. ركود تجاري "كنا غير مشمسين كنشو على الدبان. كنا فعطلة. دابا الحمد لله"، يقول إدريس المتحدر وجاره من تاونات، دون أن يخفي امتعاضه من ركود تجاري عرفته المدينة مدة سنتين وأثر سلبا على تجار اضطر بعضهم لإغلاق محلاتهم حتى أنه "الله يحسن العوان لا لينا ولا للمواطن. ما بقا فالجيب ما يتصرف". اللغة والحسرة نفساهما على لسان جل تجار مختلف الدروب والأزقة في هذا الحي، وبقلب المدينة العتيقة، حيث بدت الحركة أحسن عصر الأربعاء الماضي، خاصة ب"الطالعة الكبيرة" و"الملاح" و"فاس الجديد" وفي سوق "الرصيف" بالمدينة العتيقة، الذي استعاد نشاطه بعدما أحرقت النيران محتويات متاجره وكبدت التجار خسائر. أثمنة متضاربة "إلى متى سنبقى في انتظار المناسبات الدينية، كي نكسب؟" يتساءل تاجر ملابس ب"الطالعة الكبيرة" لم ينكر تحسن حجم الرواج قبل ليلة القدر ومع اقتراب العيد، فيما لاحظ تاجر حلي ب"الملاح" لجوء عدة نساء لبيع مجوهراتهن للوفاء بحاجيات أسرهن في رمضان وكسوة أبنائهن، لأن "زينة النساء مؤجلة". الإقبال تحسن على مختلف محلات بيع الملابس التقليدية، ما استغله بعضها للزيادة في الأثمنة، دون اعتبار لظروف الزبناء، ما أقر به تجار استفسرتهم "الصباح"، وأكدوا أن الأثمنة مختلفة وقد تتضارب وتخضع لدرجة خبرة التاجر وشطارة الزبون، وتختلف أيضا بسبب جودة المعروض للبيع. وضرب أحدهم مثلا بثمن "الفواقي" و"الكنادر" والجلابيب الرجالية أو النسائية، التي يكثر عليها الإقبال في العيد، مشيرا إلى أن أثمنتها تنخفض إلى 80 درهما وقد ترتفع أحيانا لتقارب 1000 درهم، سيما تلك المصنوعة باليد، ولاحظ أن ملابس الأطفال أكثر رواجا لارتباط المناسبة بشكل كبير بهم. أما ملابس الكبار، فيكثر الإقبال على الجلباب بأنواعه و"الكندورة" و"الجبادور"، اعتبارا لأن أهل فاس يحافظون على ارتدائها في المناسبات الدينية وبشكل متوارث، كما "البلغة" و"الشربيل"، فيما تختار أسر شراء الثوب وخياطة حاجياتها من الملابس التقليدية حسب ذوقها ومقاسها ورغبتها. وموازاة مع الاهتمام باللباس، خاصة التقليدي منه، تحافظ الأسر الفاسية على تقاليد مختلفة مرتبطة بالعيد الذي يستقبله بعضها بجيوب مثقوبة أرهقتها تداعيات فيروس "كورونا" وارتفاع الأسعار في ظل تراجع قدرتها الشرائية، ما تضررت منه حتى أسر متوسطة الدخل تقف حائرة أمام احتياجات العيد. ومن هذه العادات والتقاليد ما تعده من حلويات و"شهيوات"، خاصة بهذه المناسبة الدينية، فرطت عدة أسر فيها ولجأت إلى اقتنائها من محلات تجارية مختصة بأسعار ملتهبة، لكنها قد تكون أخف مما يكلفه إعدادها في ظل ارتفاع أسعار كل المواد المشكلة لها، ولو كانت بجودة أقل وطعم أقل لذة. حميد الأبيض (فاس)