كيف تقرؤون نتائج الاجتماع الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء؟ اجتماع مجلس الأمن بتاريخ 20 أبريل خصص لتقديم إحاطة شملت جانبين أساسيين من جوانب الملف، وهما الجانب السياسي الذي قدم فيه ستيفان دي ميستورا إحاطته التي تعتبر الأولى منذ تعيينه وأتت بعد أول جولة سياسية قام بها للمنطقة في يناير الماضي، التي شكل فيها رؤية أولية حول مواقف الأطراف ومدى انخراطها بجدية لإنهاء النزاع. الجانب الثاني وهو مهم يتعلق بالنقط التقنية أو العسكرية التي قدمها رئيس بعثة مينورسو وكان مناسبة ليطلع مجلس الأمن على كل ادعاءات وافتراءات النظام الجزائري، في إطار البروباغندا التي يقوم بها منذ العملية العسكرية الأمنية، التي قام بها الجيش المغربي في الكركرات. وعكس دعاية الخصوم، لم يسجل رئيس البعثة أي حوادث عسكرية يمكن أن تعتبر مؤشرا على وجود حرب في المنطقة. لذلك، فأهم مستجد هو المتعلق بهذه الجوانب المختلفة التي قدمت أمام مجلس الأمن، التي أكدت على إنهاء النزاع وفقا لمقررات الأمم المتحدة وميثاقها وعلى أرضية مبادرة الحكم الذاتي، كما أكدت على أن المنطقة هادئة لا تشهد حوادث يقدمها إعلام النظام الجزائري الذي يسعى لدفع العملية السياسية للانهيار، ضدا على إرادة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. ما دلالات تأكيد دي ميستورا على استئناف جولة جديدة لاستئناف المسلسل السياسي؟ كان دي ميستورا واضحا في رغبته نحو الذهاب إلى جولة ثانية من المشاورات، بعد الجولة الأولى. الآن، هو يريد إطلاق جولة ثانية اعتبرها "جولة إقليمية". عندما يصفها المبعوث الأممي بالإقليمية، فهو يقر على أن النزاع ليس ثنائياً بين المغرب، وتنظيم بوليساريو، كما تدعي دعاية النظام الجزائري، بل هناك أطراف أخرى تعتبر رئيسية وأساسية أولها الدولة الجزائرية، ما يعني أن الثوابت الأساسية، التي تقوم عليها العملية السياسية لم تتغير وهذا مهم للمغرب، والملف في أفق إنهاء معاناة السكان المقيمين بالمخيمات. شكل الاعتراف الأمريكي والموقف المتقدم لإسبانيا وألمانيا دعما كبيرا لموقف المغرب. ما هي تداعيات هذا التحول على تدبير الملف الصحراء؟ هذه الاعترافات أتت من دول فاعلة دوليا، فألمانيا لها حضور اقتصادي قوي في أوربا، وتعتبر قوة لها مكانتها وتأثيرها في الإتحاد الأوربي، لذلك فموقفها سيكون له أثر إيجابي لدفع الاتحاد الأوربي نحو تعميق وتقوية شراكته مع المغرب، خاصة في أقاليمه الجنوبية. أما الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر صاحبة القلم الذي يعد مسودة مشروع القرار، ولها مكانتها الكبيرة داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة، فاعترافها بمغربية الصحراء له تأثيره الكبير لصالح مبادرة الحكم الذاتي، وهو الاعتراف الذي تعزز بالموقف الإسباني الأخير الذي يعتبر موقفا تاريخيا، لأنه يأتي من دولة كانت مستعمرة للصحراء وهي التي سلمتها للمغرب، بموجب اتفاقية مدريد، التي وقعت بينهما إلى جانب موريتانيا، وهي أكثر الدول التي لها وثائق تعترف بمغربية الصحراء. لذلك، فهذه المواقف ليست داعمة للمغرب فقط، بل تخدم السكان بالمخيمات، إذ أن تسارع الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها المبادرة الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء، هو الذي من شأنه ليس طي الملف فحسب، بل إنهاء المعاناة الإنسانية والحقوقية وهو ما سعى إليه المغرب بتقديمه لمبادرة الحكم الذاتي. أجرى الحوار: برحو بوزياني (*) نوفل البوعمري محام باحث في ملف الصحراء