حقيقة مواجهة بين معسكر المستودعات العشوائية وفضاءات حدائق الرياضة تجتمع في عين الشق متناقضات صارخة، إذ يضم ترابها أرقى أحياء البيضاء كاليفورنيا وأكبر التجمعات السكنية العشوائية جنوب الطريق السيار المداري، الذي يخفي مناطق صناعية سرية تمددت إلى الأقاليم المجاورة النواصر ومديونة والهراويين، وتمكن معسكر "القصدير" من فرض حصار على الجماعة منذ الانتخابات الأخيرة ردا على رفض تزكية بعض المنتمين إليه من أجل الترشح إلى رئاسة الجماعة، فأشعل حرب التشكيك في ذمة السلطات المحلية عندما قررت فتح تحقيق حول شبهة استعمال الجماعة للاغتناء وربح الملايين عبر بناء عشرات المستودعات الصناعية العشوائية عن طريق تزوير الوقائع التي كانت ترخص بها. إعداد : ياسين قُطيب وقع المشروع الرياضي رهينة معسكر العشوائي، إذ وصلت حرب "القصدير" ضد"كاليفورنيا" حد الضغط على مسؤولين سابقين بخصوص مشروع مجمع رياضي ترفيهي في منطقة "الوزيس" بمزاعم التزوير واستغلال النفوذ والهدم لتسهيل عملية كراء أرض تابعة لمندوبية أملاك الدولة للغير من أجل إنجاز مشروع تجاري عليها، في حين يرد الجانب الآخر بأن مشروع حدائق كاليوفورنيا تلقى دعم المسؤولين وفق المساطر القانونية، لأنه استثمار لصالح سكان البيضاء، بإحداثه مناصب شغل وأدائه ضرائب لفائدة لدولة، لذلك يدافع أصحابه عن حقه في اللجوء إلى القضاء لمتابعة "مشككين مسلحين باستغلال النفوذ وتزوير الوثائق والتضليل لبناء مستودعات صناعية عشوائية بتراخيص مخصصة لبناء حظائر لتربية الدواجن، يتم كراء كل واحد منها بالملايين، ما جعل المنطقة تعج بالبناء العشوائي وبشركات سرية خارج قوانين التعمير والبيئة والشغل والمالية. تفويض الاستثمار للولاة وصلت أبحاث المفتشية العامة لوزارة الداخلية بخصوص الوثائق المتعلقة بالملف إلى صدور مقرر يرخص بكراء مندوبية البيضاء التابعة لإدارة أملاك الدولة لقطعة أرضية في ملكيتها للغير، بناء على الرسالة الملكية الموجهة للوزير الأول سنة 2002 في موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار وقرار وزير المالية رقم 367.02 لخامس مارس 2002 الذي فوض عبره السلطة إلى ولاة الجهات لكراء عقارات في ملك الدولة الخاص، قصد إنجاز مشاريع استثمارية عليها. واتضح أن القطعة الأرضية موضوع نيران المعسكر الجنوبي باتهام مسؤولين بالتواطؤ لتسهيل استغلالها من قبل شركة خاصة "حدائق الرياضة كاليفورنيا"، وهي العقار ذو الرسم عدد 12468 ومساحته 43786 مترا مربعا كانت موضوع خلاف بين مندوبية أملاك الدولة بالبيضاء والوكالة المستقلة للنقل الحضري المملوكة للدولة بدورها حول وضعيتها القانونية، إذ كانت هذه الأخيرة تستغلها بدون موجب حق بدون علاقة كرائية تستفيد من دخلها المندوبية، ما دفعها لتخيير الوكالة المستقلة للنقل الحضري التي كانت تستغلها، بين دفع مستحقات الاستفادة من الاستغلال أو شراء هذه القطعة من مندوبية الأملاك المخزنية حسب اقتراحها الذي جاء في الرسالة سنة 1990 حتى تكون في وضع قانوني معقول. غير أن الوضعية المالية لم تسعف الوكالة المستقلة للنقل الحضري آنذاك لشراء هذه القطعة الأرضية التي ظلت تستغلها منذ سنة 1983 إلى حين تخلّص الدولة من عبء الوكالة المستقلة التي أثقلت كاهلها بالأموال العمومية الباهظة التي كانت تدعمها بها. تصحيح الوضعية القانونية عندما تحول النقل العمومي بالبيضاء إلى الخواص بالتدبير المفوض، وحل مجلس جماعة البيضاء مكان الدولة للتعاقد مع شركة نقل المدينة سنة 2004، بادرت مندوبية أملاك الدولة إلى مراسلة شركة نقل المدينة التي أصبحت تستغل القطعة الأرضية المذكورة، مع مطالبتها بمستحقات الاستغلال وتصحيح وضعيتها القانونية تجاه القطعة الأرضية التي كانت تستغلها هيأة لم يعد لها وجود، ولا يُمكن إلحاق الأرض بممتلكات مجلس جماعة المدينة بدون سند قانوني، إذ اكتفى العمدة بتحرير شهادة تحت عدد 3625 بتاريخ 22 يونيو 2010 يسجل فيها أنه يتصرف في الأرض بذريعة أنه تسلمها ضمن ممتلكات الوكالة ودون أن يدلي بما يفيد شرعية التصرف في هذه القطعة الأرضية، من قبل الوكالة المستقلة للنقل الحضري سابقًا أو من طرف مجلس المدينة بعد ذلك. ولم يجد ممثل السلطة المفوضة، أي رئيس الجماعة الحضرية بدا من التراجع عن الشهادة المذكورة، ودعا شركة نقل المدينة إلى إخلاء المركب الرياضي برسالتين مؤرختين في 12 يونيو 2010 و09 يونيو 2014 كما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول موضوع سحب هذه البقعة الأرضية. تقرير المجلس الأعلى للحسابات لم يدل مجلس المدينة بما يفيد علاقته القانونية بالقطعة الأرضية التي طالبت إدارة أملاك الدولة بتسوية وضعيتها القانونية، حتى لا تظل محتلة بالقوة، ما فرض وقف احتلال الملك العمومي واستعادة الأملاك المخزنية للقطعة، ما حدا بسلطة الوصاية إلى التدخل، بما أن هذه القطعة الأرضية لا تعتبر من أموال الرجوع، نظرا لعدم وجود ما يفيد استغلالها من قبل مجلس المدينة، لذلك لن تسلم ضمن عقد التدبير المفوض لشركة النقل الجديدة. وبما أن سحب الأرض لا يضر بسير بالشركة ولا بعقد التدبير المفوض حسب ما قاله تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي أكد أنه كان على أطراف عقد التدبير المفوض القيام حضوريا بتشخيص وتقييم ممتلكات الرجوع، وأن غياب هذا الجرد لم يمكن من تحديد ممتلكات التدبير المفوض بدقة، متوقعا أن يكون ذلك سببا في نشوب نزاع لاحق، خاصة أن لجنة التتبع التي يرأسها العمدة قررت إخلاء البقعة الأرضية من المتلاشية ونقلها لمكان آخر تنفيذا لطلب الإفراغ الذي تقدمت به مديرية أملاك الدولة، بحضور السلطات المحلية حسب ما ورد في شهادات عمال شركة نقل المدينة الذي عاينوا عملية الإفراغ من قبل المسؤولين المحليين. 167 مليون درهم سلكت المديرية الجهوية لأملاك الدولة المسطرة القانونية للرد على طلبات كراء القطعة المذكورة، إثر اجتماع للجنة الإدارية بتاريخ 11 أكتوبر 2013، حدد السومة الكرائية وشروط العقد المحدد في دفتر التحملات، وبقرار من الوالي رقم 01/2014 بتاريخ 08 يناير 2024 تم الترخيص بكراء القطعة ذات الرسم العقاري 12462/س لشركة حدائق الرياضة كاليفورنيا مانتج عنـه عقد كراء مباشر بين مندوبية أملاك الدولة وممثلي شركة حدائق كاليفورنيا، وهو العقد الذي تم التأشير عليه من قبل وزير الاقتصاد والمالية بتاريخ 09 يناير 2014، بذلك بدأ تنفيذ مشروع كلّف أصحابه استثمار غــلاف مالي إجمالي قدره 167 مليون درهم أُنجزت منه لغاية اليوم منشآت كلفت حوالي 102 مليون درهم، قبل أن تقوم الشركة برفع قيمة الاستثمار وإحداث أكثر من 200 منصب شغل مباشر و100 منصب آخر بصفة غير مباشرة. تقصير المجلس السابق أبدى تقرير للمجلس الأعلى للحسابات ملاحظاته بشأن هذه المسألة وسجل وجود تقصير من المجلس والشركة اللذين لم يقوما بجرد ممتلكات التدبير المفوض للوقوف على وضعيتها القانونية وتصحيحها، وأوصى باستعادة أموال الرجوع في حالة ما إذا كان المفوض يتصرف فيها أو يملكها بشكل قانوني، لكن في هذه الحالة لم يكن مجلس البيضاء يملك أرض حدائق كاليفورنيا ولا يتوفر على أي عقد للاستغلال وهو ما دفع مندوبية أملاك الدولة والمُفوض إلى المطالبة بإفراغها، وهو ما يعني أن المشروع استعمل ذريعة من قبل معسكر البناء العشوائي لمجابهة السلطة.