هكـذا خسـر المغـرب حـرب الميـاه

الحكومة تكشف لأول مرة معطيات مخيفة حول المخزون الوطني والسدود والحقينة وشبح العطش قدم نزار بركة، وزير التجهيز والماء، صباح أمس (الثلاثاء)، معطيات مخيفة حول ندرة المياه بمختلف مناطق المغرب، وفشل السياسات المتعاقبة في الحفاظ على مخزون قار من هذه المادة الحيوية، كما تحدث، في كلمة أمام أعضاء لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، عن حصيلة إنجاز السدود منذ 2009 إلى اليوم، ومشروع تحلية مياه البحر، والمناطق المهددة بالعطش في السنوات المقبلة. إعداد: يوسف الساكت قال نزار بركة, وزير التجهيز والماء, إن ندرة المياه تعتبر مشكلا هيكليا، إذ أبانت دراسة منجزة في 2008 حول المعطيات المناخية والموارد المائية على الصعيد العالمي عن معاناة العديد من المناطق بسبب مشكل ندرة موارد المياه بما فيها المغرب. ولمواجهة هذا المعطى الهيكلي الذي سيزداد تفاقما مع ارتفاع درجة الحرار ة وقلة التساقطات المطرية والاستغلال المفرط للفرشات المائية، تم إعداد الإستراتيجية الوطنية للماء، قدمت أمام أنظار الملك في 14 أبريل 2009. وترتكز هذه الاستراتيجية على ستة محاور أساسية، منها التدبير المحكم للطلب على الماء وتثمينه، وتدبير وتنمية العرض، وحماية الموارد المائية والمحافظة على المجال الطبيعي، والتقليل من تأثير الأخطار المرتبطة بالماء والتأقلم مع تغير المناخ، ثم متابعة إصلاح الإطار التشريعي والقانوني، وعصرنة الإدارة وتطوير وتأهيل الموارد البشرية. فشل المشاريع عرفت الإستراتيجية الوطنية للماء في ما يتعلق بالسدود والبالغ عددها 57 سدا، تأخرا في وتيرة الإنجاز حسب الوزير الذي قال إن الحكومة أنجزت منذ 2009 إلى اليوم تسعة سدود كبيرة، في حين يوجد 15 سدا في طور الإنجاز. وعرف مشروع تحويل المياه من أحواض لاو واللوكوس وسبو إلى أحواض أم الربيع وتانسيفت تأخرا في إنجازه، حسب التقرير نفسه المقدم أمام البرلمان، ما نجم عنه تأثير على تلبية الحاجيات من الماء الصالح للشرب لكل من المدن الساحلية الأطلسية ومراكش، وسد الحاجيات من مياه السقي للأراضي السقوية بدكالة وبني عمير وتاساوت. وعرفت مشاريع تحلية مياه البحر تأخرا في الإنجاز، وخص الوزير بالذكر المشاريع المتعلقة بدعم تزويد البيضاء الكبرى بالماء الصالح للشرب التي من المتوقع أن تعرف عجزا من الماء على المدى المتوسط (2025) وكذا مشروع تحلية مياه البحر بالسعيدية (لسد حاجيات مياه كل من السعيدية والدريوش والناظور وبركان)، مما ترتب عنه عجز مائي خاصة للمدن الشمالية الشرقية، وكذا تأخير توسعة محطات سيدي إفني وبوجدور والعيون. تدهور الفرشات الجوفية حددت الإستراتيجية 34 فرشة مائية تستوجب إبرام عقود تدبيرها، لم يوقع سوى على ثلاثة منها فقط وهي سوس-ماسة والحوز-مجاط وبرشيد، كما توجد ستة عقود جاهزة للتوقيع تخص فرشات فاس-مكناس وتادلة، والداخلة وبودنيب والرمل. وتم إصدار مرسوم يحدد منطقة حماية فرشة اشتوكة وإعلانها حالة ندرة المياه لتسهيل تدبيرها المندمج. أما إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، فقد تم، إلى حدود الآن، تعبئة 71 مليون متر مكعب، ويتم استغلال 54 مليون متر مكعب منها في سقي المساحات الخضراء والغولف والماء الصناعي (المكتب الشريف للفوسفاط)، ما يشكل حوالي 25 في المائة من الحجم المقترح في الإستراتيجية. 170 مليارا ضائعة يقدر معدل الواردات المائية الناتجة عن التساقطات المطرية السنوية في مجموع التراب الوطني بما يناهز 140 مليار متر مكعب، منها 118 مليار متر مكعب تضيع عبر التبخر والرشح الطبيعي، بينما لا تمثل الأمطار النافعة إلا 17 في المائة من هذه الواردات فقط، أي ما يعادل 22 مليار متر مكعب التي تتمثل في سيلان المياه السطحية والجوفية، منها 18 مليار متر معكب في السنة من المياه السطحية و4 ملايير متر مكعب من المياه الجوفية. وتتمركز أهم الواردات المائية في الأحواض الشمالية الغربية، حيث تتوفر أحواض اللوكوس وسبو التي تغطي قرابة 7 في المائة من مساحة المغرب على 51 في المائة من الموارد المائية. كما أن معدل الواردات المائية السطحية البالغ 18 مليار متر مكعب، والمسجل خلال الفترة 1945-2022 يقدر ب 22 مليار متر مكعب، إذا ما احتسبت الفترة الممتدة بين 1945 و1980 و14,6/مليار متر مكعب للفترة 1980-2022، ما يبين تأثر الواردات المائية بالتغيرات المناخية الناتجة عن الارتفاع الحراري الذي أصبح واضحا منذ سنوات الثمانينات. وتم تقدير الحجم المائي الضائع في البحر الذي لم يكن ممكنا تخزينه منذ 1980 بما يزيد على 170 مليار متر مكعب. المياه الجوفية وبسبب ضعف هذه التساقطات المطرية والاستغلال المفرط للمياه الجوفية، عرفت جل الفرشات المائية انخفاضا في الماء على الشكل التالي: *الطبقات المائية التي عرفت معدلا مهما لانخفاض مستوى المياه (أكثر من متر في السنة) وهي الطبقات المائية الأكثر استنزافا ومنها: سوس وسايس والحوز وتادلة والبحيرة. *الطبقات المائية التي عرفت معدلا أقل لانخفاض مستوى المياه (أقل من متر في السنة) ومنها، عين بني مطهر وبرشيد والشاوية وأنجاد والرمل والغرب العيون. جفاف بثلاثة أحواض قال بركة إن المخزون المائي المتوفر حاليا بالسدود قد يؤمن حاجيات الماء الصالح للشرب بالنسبة إلى المدن الكبرى في ظروف عادية، باستثناء الموجودة بأحواض ملوية وتانسيفت، التي من المرتقب أن تعرف بعض الصعوبات في التزويد بالنظر الى المخزون المائي الحالي الضعيف بسدود هذه الأحواض. ولمواجهة هذه الوضعية، أعدت الحكومة مجموعة من الاتفاقيات بين مختلف المتدخلين، من أجل تنفيذ مجموعة من الإجراءات الاستعجالية الرامية إلى ضمان التزويد بالماء الصالح للشرب بمختلف مناطق هذه الأحواض، بكلفة إجمالية تقدر بـ 2 مليار درهم موزعة على حوض ملوية (1318 مليون درهم) وحوض أم الربيع (202 مليون درهم) وحوض تانسيفت (522 مليون درهم). حوض ملوية يحتضر بلغ معدل التساقطات المطرية بحوض ملوية خلال الفترة الممتدة من فاتح شتنبر 2021 إلى غاية 28 فبراير 2022، 36 ميليمترا، أي ما يشكل عجزا بنسبة 70 في المائة، مقارنة مع المعدل السنوي البالغ 119 ميليمترا. ونتجت عن هذه التساقطات المطرية واردات مائية ضعيفة، إذ بلغ الحجم الإجمالي للواردات المائية المسجلة بالسدود الكبرى بحوض ملوية منذ فاتح شتنبر حوالي 130.8 مليون متر مكعب، أي بعجز يقدر 77 في المائة، مقارنة مع المعدل السنوي. وأثر هذا الوضع المائي سلبا على المخزون المائي بالسدود الكبرى، حيث بلغ حجم المخزون المائي بتاريخ 28 فبراير 2022 حوالي 70.9 مليون متر مكعب، أي ما يعادل 8.9 في المائة نسبة ملء إجمالي مقابل 30.6 في المائة سجلت في اليوم نفسه من السنة الماضية. عجز بـ89 في المائة بلغ حجم الواردات المائية المسجلة بمجموع السدود الكبرى منذ فاتح شتنبر 2021 حوالي 714 مليون متر مكعب، ما يشكل عجزا يقدر ب 89 في المائة مقارنة بالمعدل السنوي للواردات. وبسبب ضعف التساقطات المطرية المسجلة منذ 2015، تأثر المخزون المائي بالسدود وبالفرشات المائية الجوفية بشكل كبير، إذ تراجعت نسبة ملء السدود الكبرى من 83 في المائة في 2015 الى 69.9 في المائة في 2018، ثم إلى 51.5 في المائة في مارس 2021. في حين بلغ حجم المخزون المائي بحقينات السدود إلى غاية 28 فبراير الماضي، حوالي 5.28 ملايير متر مكعب، أي ما يعادل 8.32 في المائة كنسبة ملء إجمالي، مقابل 49.2 في المائة سجلت في التاريخ نفسه من السنة الماضية. وسجلت كل من أحواض ملوية وتانسيفت وأم الربيع وسوس ماسة نسبا متدنية، تراوحت بين 9 في المائة بملوية و38 في المائة بتانسيفت. برنامج إنقاذ بالقرى أعدت الحكومة البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي خصص محورا خاصا لتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالمجال القروي بغلاف مالي يقدر بحوالي 27 مليار درهم. ويرمي هذا المحور إلى تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي وتأمينه عبر مشاريع مهيكلة والقضاء على الهشاشة التي تعرفها بعض المناطق، خصوصا خلال فترات الجفاف من خلال تسريع وتيرة إنجاز البرامج المسطرة من قبل مختلف المتدخلين، أو في إطار برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، إضافة إلى اعتماد برنامج تكميلي بالنسبة إلى المناطق التي لا يشملها أي من البرامج. وستهم هذه المشاريع 820 مركزا قرويا وأكثر من 18.000 دوار، كما سيشرع في 2022 في إنجاز عدد مهم من المشاريع الجديدة بكلفة إجمالية تبلغ أكثر من ملياري درهم، لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب للسكان الموجودين بـ50 مركزا قرويا و1970 دوارا. ومن المنتظر أن تشهد بعض المراكز الصغرى والتجمعات القروية في بعض المناطق نقصا في مياه الشرب. ومن أجل ذلك، هيأت الحكومة برنامجا استعجاليا وتكميليا بغلاف مالي إضافي يقدر بـ 1153 مليون درهم. ويخص هذا البرنامج إنجاز سدود تلية وسدود صغرى بمبلغ 173 مليون درهم، وكراء شاحنات صهريجية بمبلغ 249 مليون درهم، وشراء شاحنات صهريجية بمبلغ 236 مليون درهم، وتثبيت محطات لتحلية المياه متنقلة بمبلغ 240 مليون درهم، وإنجاز أشغال وشراء تجهيزات لتزويد جهة درعة تافيلالت بالماء الشروب بمبلغ 67 مليون درهم، ثم برنامج غيث بغلاف مالي 38 مليون درهم، وبرنامج الحد من البطالة بـ 150 مليون درهم.

10 سنوات لــ"المرأة الحديدية" بأكادير

مجلس الشامي يوصي بدعم المبادرة

مقالات ذات صلة

مانع إعلانات!!!