رفعت موجة الجفاف الحالية وتيرة الأصوات المحذرة من خطورة الوضع على الأمن الغذائي، داعية إلى ضرورة إعادة النظر في السياسة الفلاحية وتوجيه الاختيارات حسب الحاجات، معتبرة أن ما يكسبه المغرب من بعض الصادرات يخسره بالأضعاف بالنظر إلى كلفتها المائية. وأوضح عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل الأسبق، أن الاقتصاد في استنزاف الماء يمر أساسا من إصلاح زراعي، على اعتبار أن الفلاحات المسقية تستهلك 85 في المائة من الموارد المائية للمغرب، مشددا في تصريح لـ»الصباح» على ضرورة اعتماد توزيع عادل بين الفئات والجهات للمادة الحيوية، لأنها ملك عمومي وحق من حقوق الإنسان، لذلك وجب تقنين استعمالها بشكل منصف. ودعا الصديقي إلى مراجعة بعض الممارسات وإعادة النظر في نموذج التنمية الفلاحية، بسبب مواجهة مشكل خطير يستحق أكثر من اجتماع للجان البرلمانية، ويتطلب نقاشا وطنيا حقيقيا يتجاوز الصراع وثنائية الأغلبية والمعارضة، إذ يجب على الحكومة أن تخرج من متاهة الانتظار غير المبرر، لتتخذ تدابير وإجراءات ملموسة، وتقدم المساعدة اللازمة لأولئك الذين يعانون في صمت بسبب العزلة، والذين يشعرون بنوع من اللامبالاة، نتيجة القانون الجهنمي للعرض والطلب، والذين يقفون حائرين، أمام جفاف منابع المياه، والنقص الحاد في المراعي لمواشيهم الهزيلة. وأوضح القيادي في التقدم والاشتراكية أن الجفاف الذي أصبح معطى هيكليا في السنوات الأخيرة، يفرض ضمان تزويد السكان بالماء الشروب سواء في العالم القروي أو في المدن، وحماية الماشية بتوزيع مواد العلف إما مجانا أو بأسعار تفضيلية على الفلاحين، وإطلاق أنشطة مدرة للدخل لفائدة القرويين، وإعادة جدولة الديون المستحقة تجاه القرض الفلاحي، بكل شفافية ودون أي محسوبية. ومن جهته وجه مصطفى إبراهيمي، عضو المجموعة النيابية لـ «العدالة والتنمية»، نداء إلى السلطات من أجل التحرك العاجل، خاصة في ما يتعلق بدعم الفلاحين المتضررين من الجفاف بدعم العلف في مناطق الرعي، موضحا على الموقع الرسمي للحزب أن مواد العلف تضاعف ثمنها أربع مرات، والمضاربة ساهمت في تكريس الأزمة، في غياب أي تدخل من الدولة لتوفير هذه المواد بأثمنة مناسبة. وأوضح المتحدث أن الفلاحة السقوية والحبوب أيضا تضررت، في غياب أي تدخل للتعويض عن الجفاف، أو في ما يتعلق بتوفير هذه المواد، أو في ما يخص المراقبة، حتى لا يكون هناك أي احتكار أو رفع من الأثمان، محذرا من الاستمرار في توجه استراتيجي خاطئ يرتكز على الفلاحة السقوية، رغم أن المغرب يعاني ندرة مياه تتفاقم مع مرور السنوات والاعتماد على زراعات مستنزفة للماء. وحذر خبراء من مشكل التبعية للخارج وعدم القدرة على تغطية الحاجيات من الحبوب، وتداعيات ذلك على الميزان التجاري، مشددين على ضرورة اعتماد تدبير عقلاني في استعمال الماء وانتقاء أنسب الزراعات التي تحصن السيادة الوطنية على الغذاء. ياسين قُطيب