تسبب لهن في أزمات مالية باختفاء الزبناء واستغل معارضوهن الفرصة لطردهن من الأحياء رغم الشكايات العديدة الموجهة إلى المسؤولين والتحريض عليهن، فشل الجميع في طرد "الشوافات" من الأحياء السكنية، كأنهن استعن بطلاسيم خاصة جعلت كل من يقف أمامهن يلتزم الصمت، وفي حال نجح أحدهم في مقاومة مفعولها، يتدخل فتواتهن لردعه ورده إلى "جادة الصواب"، إلا أن كائنا مجهريا يحمل اسم "كورونا"، بعثر أوراق "الشوافات" ونجح في ما عجز عنه "الرجال" في شل نشاطهن، وفضح ألاعيبهن وأن "الخوخ كون كان كي داوي كون داوا راسو". إنجاز : مصطفى لطفي تسببت جائحة كورونا في أزمة مالية كبيرة لـ"الشوافات"، فبعد أن كن يحققن ارباحا يومية خيالية تصل إلى مليون سنتيم، ويحظين بنفوذ كبير في الأحياء التي يقطن فيها، قلب كورونا الطاولة عليهن، إذ صارت مداخليهن لا تتجاوز 700 درهم، نصفها مخصص لاقتناء المخدرات بكل أنواعها لشباب الحي مقابل حمايتهن من اعتداء محتمل للجيران. أزمة خانقة استغلال محل أو منزل في الشعوذة بحي شعبي ليس بالأمر السهل، إذ ستكون له ردود أفعال غاضبة من قبل الجيران، ومن خلفية دينية بأن الإسلام يرفض هذه السلوكات ويفرض الحدود على متعاطيها. هذا الأمر، ألزم "شوافات" البحث عن حلفاء بهذه الأحياء لحمايتهن، فكان الرهان على شباب عاطل ومدمن، ينتفض في كل من حاول التعرض لولية نعمته ويقدم الحماية لزبوناتها. حميد شاب في 25 من العمر، يتحدر من منطقة اسباتة، اعترف بعد تردد كبير، أنه سبق أن عمل تحت إمرة "شوافة" بحيه، مقابل قطع من مخدر الشيرا وحبوب مهلوسة. يوضح حميد أكثر أن المشعوذة كانت ترفض تسليمه وأربعة من زملائه المال، وفي المقابل تجود عليهم بقطع وفيرة من الشيرا و"القرقوبي" وعلب السجائر. وقدر حميد أن ولية نعمته السابقة كانت تنفق عليه وأصدقائه أزيد من 600 درهم يوميا، في البداية قبلوا عرضها دون تردد، فنجحوا في إخراس الأصوات التي كانت تطالب برحيلها، عبر توجيه تهديدات لهم، كما قدموا حماية خاصة لزبنائها في حال حاول شخص التحرش بهن، لكن بعد انتشار جائحة كورونا، قرر تعليق العمل معها، بعد أن صارت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها معهم، إذ بالكاد تضمن قوتها اليومي بعد تراجع كبير في الإقبال عليها. تقديم "الشوافات" المخدرات لشباب الحي، أقر به شاب بمنطقة ابن امسيك كان في حالة غير عادية، وتورط في تخريب أزيد من 10 سيارات، إذ صعد إلى أعلى سور، وبنوع من التحدي، اعترف للمسؤولين الأمنيين ورجال السلطة، بتفشي تظاهرة ترويج المخدرات بكل أنواعها، قبل أن يفجر قنبلة مدوية، عندما اتهم "شوافة" أنها كانت تخصص له يوميا قطعا من الشيرا و"الفنيد" مقابل توفير الحماية لها. صفعة المجال الجوي أكثر المتضررين من قرار وقف الرحلات الجوية بسبب جائحة كورونا هن "الشوافات"، فهذا القرار تسبب لهن في فقدان أبرز زبنائهن وأكثرهن جودا وكرما، ويتعلق الأمر بالمهاجرات، سيما بدول الخليج. كان الإقبال عليهن كبيرا كلما حللن بالمغرب، أو أياما قبل المغادرة، لا يترددن في تسديد ما يطلبه منهن، مقابل أن يكون للطلاسيم فعل مؤثر، لكن بمجرد قرار تعليق الرحلات انقطعت الزيارات وحرارة الهواتف. تحكي أسماء، تبلغ من العمر 32 سنة، مهاجرة بالخليج أنها من أكبر زوار "الشوافات" كلما حلت بالمغرب، سيما بعد أن وقعت في حب خليجي منذ سنة، واتفقا على الزواج، قبل أن ينقلب عليها بعد أن ظهرت منافسات أكثر جمالا منها، فاضطرت للعودة للمغرب للتسلح بـ"حجابات" لاستعادة حبها الضائع، إذ زارت "شوافة" واتفقت معها على أزيد من مليون سنتيم لصنع "حجاب" سيعيد حبيبها إلى رشده. سلمتها 2000 درهم تسبيقا على أن تسلمها باقي المبلغ بعد الانتهاء من إعداد الوصفة السحرية، بعدها مباشرة قررت السلطات تعليق الرحلات الجوية، ففضلت أسماء البقاء بالمغرب، لتغلق هاتفها المحمول عن "الشوافة"، بحكم أنها في حاجة إلى المال لتدبير فترة بقائها بالمغرب. اختفاء "البارميطات" كانت "البارميطات" من أكبر زبناء "الشوافات"، ليس من أجل البحث عن زوج أو حبيب، بل لـ"حلب" جيوب مرتادي الحانات والملاهي والإغداق عليهم بالمال الوفير، لكن بعد إغلاق الملاهي وتراجع الإقبال على الحانات بسبب الجائحة، فقدت "الشوافات" زبونات مخلصات، بعد أن وجدن أنفسهن دون عمل. بمقهى شهيرة بالبيضاء، اعتادت نعيمة، اسم مستعار، تبلغ من العمر 40 سنة، الجلوس في مكان قصي ترتشف قهوتها السوداء وتدخن سجائر اقتنتها بالتقسيط، وفي كل مناسبة تترقب لقاء شخص سبق أن خدمته بحانة ليجود عليها بمبلغ مالي يساعدها على "دواير الزمان". تشعر نعيمة بحسرة كبيرة، إذ كانت تحظى بمال وفير، لم تدخره لليوم الأسود في إشارة إلى جائحة كورونا، إذ حسب قولها أنفقته باستهتار، فوجدت نفسها في النهاية مفلسة. تعترف نعيمة أنها كانت تحقق مدخولا يوميا يصل إلى 1000 درهم، عبارة عن "تدويرات" وإكراميات من زبناء الحانة التي كانت تشتغل بها، إذ كانوا يجودون عليها دون تردد والسر في ذلك يعود إلى "حجاب" للقبول، أعدته لها "شوافة" تقطن بحيها مقابل ثمن يتجاوز 7000 درهم، وأن زميلات لها نهجن الطريقة نفسها، لدرجة أنهن صرن يتنافسن على زيارة المشعوذات. تقر نعيمة أنها كانت تتعمد نزع معاطف وسترات الزبناء بطريقة لبقة ومرحة، بحجة تعليقها بمكان خاص بالحانة، وبطريقة سرية تضع فيها "الحجاب"، وبعدها يبدأ الزبون المستهدف منحها المال دون وعي منه، ولما يهم بالمغادرة تسارع إلى إزالة الحجاب من معطفه وإلباسه إياه مع ابتسامة ماكرة على محياها، قبل أن تعيد الكرة مع زبون آخر. الحظر الليلي يعوض "الحجابات" بعد جائحة كورونا، لم تعد الزوجات شغوفات بزيارة "الشوافات" لاستعادة أزواجهن ودفع أموال طائلة مقابل ذلك، فالزوج في النهاية، وبسبب الوباء، وجد نفسه سجينا بالمنزل بعد فرض السلطات حظر التنقل، وفي زمن تخفيف الإجراءات الاحترازية، صار ملزما بدخول المنزل قبل منتصف الليل. صحيح أنه في بداية الجائحة، تفشت صراعات داخل الأسر، فالزوج والزوجة وجدا نفسيهما وجها لوجه يكابدان الأزمة، لكن في النهاية، ساد بينهما الود والتقدير، وأعلنا عن ولادة عهد جديد في حياتهما الزوجية. وبحكم أن المصائب لا تأتي فرادى، وجدت "الشوافة" نفسها إثر فقدانها حصة الأسد من الزبونات، مهددة بالطرد من الحي بعد تحالف الجميع والجيران، وتخلي "الحراس" عن حمايتها، إذ تحدثت المصادر عن عدد كبير من الشكايات توصلت بها السلطات في الفترة الأخيرة، لطرد كل من احترف الشعوذة. فالأحياء في زمن الجائحة استعادت هدوءها وتخلصت من زيارات غريبات تعمدن تغيير السيارات في كل زيارة ووضع لثام لإخفاء ملامحهن عن الجيران وكاميرات المراقبة المثبتة بمحلات تجارية، ما جعل أحد الظرفاء يعلق ساخرا أن كورونا نجح في القضاء على الشعوذة في وقت فشلت فيه السلطات وكل المتدخلين.