عبد النباوي يشكو أزمة اكتظاظ المحاكم بالقضايا وتأثيرها على جودة القرارات

كشف الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، اليوم الأربعاء بالرباط، أن عدد القضايا الرائجة بمحاكم المملكة، زاد بـ34 بالمائة خلال السنة الماضية مقارنة مع 2020.
وأوضح، عبد النباوي، خلال افتتاح السنة القضائية لـ 2022، أن %89 من القضايا تروج أمام محاكم أول درجة (4.126.520 قضية من أصل 4.611.361)، مشيرا إلى أن محكمة النقض لم تسلم بدورها من هذه الأزمة حيث راج أمام غرفها خلال 2021 ما مجموعه 90.948 قضية، وهو ما يمثل 2% من القضايا الرائجة بالمحاكم.
وأضاف عبد النباوي أن قضاة المحكمة قد استطاعوا خلال هذه السنة إصدار حوالي 45.304 قرارا بمعدل يناهز 300 قرار لكل مستشار وهو رقم غير مسبوق، ويمثل، 92.61% من المسجل الذي بلغ 48.919 قضية، مشيرا إلى أن المحكمة استأنفت أشغالها في مطلع السنة الجارية، وفي سجلاتها 45.644 ملفاً مخلفاً عن السنوات السابقة، وهو ما ينذر، على حد قوله، بمواجهة صعوبتين اثنتين خلال السنة وفي المستقبل.
وتابع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن الصعوبة الأولى التي أنذر بها تتجلى في تفاقم أجل البت، حيث إن ازدياد القضايا يؤدي إلى تأخر البت فيها أكثر من المعتاد، فيما تتمثل الصعوبة الثانية والأشد، في أن الضغط العددي للملفات، قد يؤثر على جودة القرارات، سيما وأن زيادة عدد المستشارين والقضاة، قد يؤدي إلى تضارب الاجتهادات، بسبب صعوبة التنسيق داخل الغرفة الواحدة، كلما ازداد عدد هيئات الحكم بها، مقدما المثال بالغرفة المدنية التي تتكون حالياً من عشر هيئات، والغرفة الجنائية من اثنتي عشرة هيئة.
وناشد محمد عبد النباوي السلطات المختصة بالتشريع للتدبر مليا في هذه الوضعية، ووضع المساطر القانونية المناسبة للحد من الطعون غير الجادة، التي ترهق قضاة النقض وتؤثر على جهودهم بالنسبة للطعون الأهم، لافتا لى أن 75% من الطعون بالنقض يتم رفضها أو عدم قبولها، وهو مؤشر دال بوضوح، على حد تعبيره، على المبالغة في استعمال الطعن بالنقض، رغم أن محكمة النقض ليست درجة ثالثة للتقاضي.
وذكر المتحدث ذاته، أن تعدد درجات التقاضي يكون باستعمال محاكم الموضوع (وهي محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف)، بيد أن إغراق محكمة النقض بالطعون في قضايا بسيطة أو ذات قيمة مادية زهيدة، لا يخدم مصالح المواطنين في توفير عدالة ناجعة تتوفق في التطبيق العادل للقانون.
من جهة أخرى، أبرز الرئيس الأول لمحكمة النقض، أن المجلس تبنى استراتيجية عمله الأولى للفترة ما بين 2021 و2026، إذ استهدفت إتمام تأسيس هياكل المجلس وتأطير علاقاته بالقضاة وبالمحيط وبمؤسسات العدالة، بالإضافة إلى إسهامه في النجاعة القضائية ودوره في تخليق القضاء وتأطير المسؤولين القضائيين والقضاة للحفاظ على قضاء مستقل محايد متجرد، متشبع بالقيم الأخلاقية الفضلى وبالنزاهة والاستقامة، ومحافظ على المبادئ الناظمة لمهنة القضاء، كما حددها الدستور والقانونان التنظيميان للمجلس والنظام الأساسي للقضاة.
كما تطرق للحديث عن البرنامج المعلوماتي، الذي يتم إطلاقه مزامنة مع الجلسة الرسمية لافتتاح السنة القضائية الجديدة، والمتعلق بنشر الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض على الموقع الإلكتروني. وهي مبادرة طال انتظارها من قبل القضاة والمحامين وباقي المهتمين، تتحقق اليوم وفقاً لتوجيهات جلالة الملك. ويراد منها توفير الاجتهاد القضائي للجميع وبالمجان، باعتباره إطاراً لتحقيق الأمن القضائي وتعميم اتجاهات محكمة النقض.
(ي.ع)