أسئلة حول فكر اليسار ومشروعه

النقاش حوله يؤول دائما إلى الباب المسدود ويتحول إلى تنابز بالألقاب واصطفافات في الماضي إبراهيم أقنسوس * يبدو أن فكرة اليسار في بلادنا تحتاج اليوم إلى وقفات هادئة وعميقة، تساهم فيها كل الأطراف المعنية بالنقاش الفكري والسياسي الجاد، من منظورات مختلفة ومتنوعة، وبعيدا عن كل المعيقات النظرية والمؤسسية والإيديولوجية والحزبية، بغاية تقديم قراءات جديدة وواعدة ومنتجة لمجمل التحولات والمسارات والمنعطفات، التي عايشتها الفكرة اليسارية، أو كانت موضوعا لها. يسهل أن نلاحظ اليوم أن معظم النقاشات التي يكون موضوعها الفكر اليساري، نظرية أو ممارسة، اختيارا أو تدبيرا، وخاصة بين الأطراف اليسارية، أو التي تقول بذلك، تؤول غالبا إلى الباب المسدود، وتتحول بسرعة، غير مفهومة، في كثير من الأحيان، إلى تنابز بالألقاب وإلى اصطفافات مغلقة تنجر إلى الماضي وتستنجد بالتاريخ، أو بتأويل معين للتاريخ، طلبا للاحتماء، وبحثا عن حظوة وموقع، ما يعني أن الأمر لا يتعلق بنقاشات مجددة ومنتجة للمعنى، بقدر ما هي مناسبات يتم استغلالها للتعبير عن رفض الآخر، والتضايق من وجوده. وفي النهاية يحضر كل شيء إلا النقاش الجدي والمواطن والمسؤول، الذي يعني طرح الأسئلة الواضحة التي تعني الفكرة اليسارية، منظوراتها واختياراتها، عوائقها الموضوعية والذاتية، إمكاناتها وآفاقها، والبحث لكل ذلك عن أجوبة واعدة وناجعة، في علاقة بالقضايا المركزية التي تهم المعيش اليومي للمواطنات والمواطنين، الشيء الذي يعني ويهم الأطروحة اليسارية ابتداء. إن الميل إلى إحياء الخلافات التاريخية والرغبة في إثارتها والإمعان في تحيينها في كل مناسبة، يحول النقاشات النظرية، بين أقطاب اليسار خاصة، إلى مجموعة من الرجعيات الجديدة والبئيسة. هي الرجعيات نفسها التي يقولون بنقدها وتجاوزها، بتنويع آخر، لا أقل ولا أكثر. مثير للانتباه، ضمور لغة المشاريع الفكرية والمجتمعية، المرتبطة بالفكر اليساري، وبالنظرية الإشتراكية، بالمعنى العلمي والنضالي للكلمة، ومثير للإنتباه ضيق الأفق الذي تصدر عنه الكثير من الأصوات المتحدثة باسم اليسار وتاريخ اليسار، في بلادنا، ومثير للإنتباه تحول الرهانات التقليدية لليسار، أو لقطاعات معتبرة من اليسار، (دولة الحق والقانون والمؤسسات، الديمقراطية السياسية والاجتماعية، الحداثة، المضمون الاجتماعي للبدائل والأطاريح...)، إلى مفردات انتخابية تنفع في السجال الموسمي وتفيد في دغدغة عواطف الأنصار والمتعاطفين مع التوجهات اليسارية، أو ما يسمى كذلك، ضدا على التوجهات المخالفة، أو المناقضة. بالطبع، وكيفما كانت التقييمات المتعلقة بواقع فكر اليسار ومشروعه في بلادنا، فالمؤكد أن العديد من المؤشرات الفكرية والسلوكية أصبحت تتحول مع الأيام إلى ظواهر سلبية ملفتة، تشير إلى وجود إشكالات حقيقية لدى المكونات التي تنتصر لفكرة اليسار، أو تزعم ذلك نظريا على الأقل. هل الأمر يتعلق بانسداد الأفق، الناتج عن خيبة الأمل، بعد سلسلة الإخفاقات التي تعرضت لها الفكرة اليسارية، سواء بالنسبة إلى الهيآت التي اختارت المشاركة ضمن المؤسسات القائمة، بشروط وضمانات، بدا أنها لم تكن كافية، أو تعلق بالهيآت التي ظلت ترفض المشاركة، في انتظار توفر الشروط التي تراها ضرورية لإنجاز المهمة بالشكل الصحيح؟ أو هكذا تعتقد. هل الأمر يتعلق بضياع الفكرة، الناجم عن التلف الذي لحق طبيعة الصراع، وضمور وعود وآمال جيل ما سمي سنوات الرصاص؟ هل الأمر يتعلق بتعب قيمي وسياسي، أصاب مناضلي اليسار، ورمى بهم إلى الهوامش والحواشي والذاتيات؟ هل الفكرة اليسارية عندنا هي فكرة للمعارضة، وأريد لها، رغبة ورهبة، أن تظل كذلك، وتنتهي كذلك؟ بالمعنى السلبي للكلمة. هذه نماذج لبعض الأسئلة والانشغالات التي من شأنها أن تنتشل النقاش العمومي حول فكر اليسار ومشروعه، من الأنانيات والمضايق الفكرية والحزبية، ومن مآزق التقاطبات الهشة، في أفق بلورة رؤى جديدة، تحسن قراءة التاريخ، بما يفيد الإقناع بمضامين الفكر اليساري، بكل تعبيراته، النظرية والتدبيرية، وبما يساعد على تنزيل مشاريعه ووعوده إلى واقع الناس. * طالب

أسئلة حول فكر اليسار ومشروعه

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنعبدالله ينافس العثماني في دائرة المحيط

الصحافة الورقية وصراع البقاء

مقالات ذات صلة