موجة الحر… هروب نحو البحر

هجوم على الشواطئ والوديان وحظر تجوال اختياري بأغلب المدن يعيش المغاربة في جل مدن المملكة، أسبوعا حارقا بسبب ارتفاع درجات الحرارة، نتيجة كتل هوائية ساخنة قادمة من الصحراء الكبرى، حسب ما أعلنته مديرية الأرصاد الجوية، حولت حياة كثيرين إلى جحيم، إذ لم يعد الأمر مقتصرا على المدن الجافة وشبه الصحراوية، إنما امتد الأمر إلى المدن الساحلية، التي كانت تعتبرا ملاذا للهاربين من لهيب الحرارة، ما دفع السكان إلى شن هجوم على الشواطئ والوديان وقنوات سقي الأراضي الفلاحية، بعدما أصبح المكوث داخل المنازل مهمة مستحيلة، خاصة في بعض المناطق. إنجاز: عصام الناصيري ليس كورونا وحده، من فرض على المغاربة هجر الشوارع والأزقة والأسواق، إنما موجة الحرارة أيضا، التي باغتت المغاربة في غفلة من أمرهم، وقلبت روتينهم اليومي، إذ أصبح جلهم يبحث عن ملاذ للاحتماء من لهيب الحرارة، إلى درجة أصبح فيها الارتماء في الماء ضرورة، وليس من أجل الاستجمام، فمنذ الجمعة الماضي، شهدت الشواطئ والأنهار والسدود إقبالا غير مسبوق، فبالإضافة إلى الشباب الذين اعتادوا زيارة هذه الفضاءات، التحقت بهم أسر ونساء ومسنون بدورهم، لأن المكوث داخل البيوت غير مطاق. الشواطئ تختنق أدت موجة الحرارة إلى تزايد عدد الوافدين عليها، إلى درجة امتلأت عن آخرها، خاصة في يومي نهاية الأسبوع الماضي، فحتى تلك غير الصالحة للسباحة، بسبب تلويثها بنفايات المناطق الصناعية، ارتفعت قيمتها ولم يعد المصطافون يترفعون عنها، بل شنوا عليها هجوما كاسحا، وقضوا بها يومهم هربا من جحيم الحرارة. ولم تستطع العاصمة الاقتصادية، التي تضم عددا كبيرا من الشواطئ، من استيعاب مواطنيها، إذ هرب كثيرون إلى المدن المجاورة، من قبيل المحمدية وبوزنيقة وسيدي رحال وغيرها من الشواطئ المتاخمة، وهو ما يلاحظ من حجم التنقلات، والازدحام في وسائل النقل العمومية. وعاينت "الصباح" ازدحاما غير مسبوق، في محطات القطار، عشية السبت الماضي، بسبب المصطافين الذين حلوا بالمحمدية وبوزنيقة، إذ أصبح الحصول على تذكرة نصرا كبيرا، كما اضطر البعض إلى انتظار نصف ساعة من أجل الوصول إلى شباك التذاكر بمحطة بوزنيقة، خاصة أن إدارة المحطة، فوجئت بهذا العدد الكبير من الوافدين، إذ لم يكن سوى شباك واحد، وهو ما ضيع على كثيرين فرصة السفر في الوقت المناسب. وعجت مواقع التواصل الاجتماعي، بصور وفيديوهات مغاربة في الشواطئ، وجلهم يعبر عن سعادته لما جادت به الشواطئ عليهم من انتعاش وبرودة، افتقدوها في فضاءات أخرى، كما أن الصور المنتشرة، تظهر حجم المصطافين في جل الشواطئ، من قبيل عين السبع وعين الدياب وشواطئ سلا والرباط والمحمدية وبوزنيقة، التي كانت تعج بالأسر والشباب، في مشاهد غير معهودة، سببها موجة حرارة غير مسبوقة. مدن قابلة للاشتعال ومن حسن حظ سكان المدن الساحلية، وجود فضاءات يمكنهم الاحتماء بها، لكن المأساة كتبت في المدن شبه الصحراوية والبعيدة من المحيط، إذ عانى ويعاني فيها السكان منذ نهاية الأسبوع الماضي، إذ تحولت هذه المدن إلى ما يشبه "الفرناتشي"، لا يستطيع سكانها القيام بأي نشاط، فلا هم قادرون على النوم ولا مغادرة البيوت ولا الأكل في راحة. واقتربت بعض المدن من كسر الرقم القياسي، لدرجة الحرارة الأعلى وطنيا، والتي سجلت في أكادير في 1940، والتي بلغت 51.8، إذ تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورا توثق لارتفاع غير مسبوق في درجة الحرارة، إذ وصلت في بنسليمان إلى 49/50 درجة، وتجاوزت 46 بفاس ومراكش ووجدة، ومدن أخرى تجاوزت بدورها حاجز 40 درجة، مثل بني ملال وخنيفرة ومدن الجنوب الشرقي. وغالبا ما يحول المغاربة مأساتهم إلى مادة للسخرية، إذ تداولوا على نطاق واسع، "ميمات" موضوعها ارتفاع درجات الحرارة، إذ منهم من أجرى مقارنات بين سكان المدن الساحلية والداخلية، وآخرون يسخرون من سكان الشمال، الذي اشتكوا من الحرارة، بينما آخرون ذهبوا بعيدا لتقليد بعض التجارب، مثل محاولة طهو البيض في الشارع، وغيرها من "الميمات" والفيديوهات التي تظهر مدى تضرر السكان من هذه الموجة الحارقة.

موجة الحر… هروب نحو البحر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فساد دقيق "الفقراء" يخرج سكانا للاحتجاج

مافيا الآبار تفضح سلطات البيضاء

مقالات ذات صلة