أضحية العيد… أسعار ملتهبة

غلاء الأعلاف ومحدودية القطيع ترفعان ثمن الكبش على بعد أسابيع من مناسبة عيد الأضحى، أصبح حديث الأضاحي يشغل الأسر والمهتمين، خاصة بعد الأخبار التي خرجت إلى الوجود في الأيام الأخيرة، والتي تنذر بغلاء الأسعار، ونقص كبير في أعداد الأضاحي، مقارنة بالعام الماضي. وبدأ "الكسابة" وسماسرة الأضاحي في عرض منتوجاتهم للتسويق، داخل الضيعات والأسواق الأسبوعية، غير أن الأسعار المقترحة جعلت كثيرين يترددون قبل اقتناء الأضحية، طمعا في أن تشهد الأثمان تراجعا ولو بشكل طفيف، في ظل الأزمة المالية، التي أرخت بظلالها على الجميع، نتيجة فقدان كثيرين مصادر دخلهم، بسبب تداعيات جائحة كورونا. إنجاز: عصام الناصيري وتصوير (أحمد جرفي) تعرف منطقة البروج والجماعة القروية كيسر، انتشارا كبيرا للسلالات الممتازة للأغنام، إذ تتميز بتربية سلالة "الصردي" التي تعتبر أجود أنواع الأضاحي بالمغرب، إذ يزور الراغبون في اقتناء أضحية العيد هذه المناطق، الموجودة في إقليم سطات، نظرا للشهرة التي اكتسبتها أغنامها على الصعيد الوطني. كيسر تفاخر بسلالاتها يعرف السوق الأسبوعي بالجماعة القروية "كيسر"، على أنه من بين أكبر الأسواق المستقطبة لأجود سلالات الأغنام على المستوى الوطني، خاصة أن أغلب مربي سلالة "الصردي"، ينتمون لهذه الجماعة والجماعات المتاخمة لها، من قبيل دائرة البروج، التي تشتهر بدورها بسلالة "الصردي"، المعروفة بشكلها الأنيق، وجودة لحومها، وكذا جمال قرونها. ومع اقتراب عيد الأضحى، تحولت كيسر إلى معرض مفتوح للأغنام، إذ يقصد "الكسابة" سوقها الأسبوعي، من أجل عرض منتوجهم، الذي حرصوا على تعليفه طيلة السنة، وجعله في حلة بهية، استعدادا لعيد الأضحى، إذ منذ الساعات الأولى ليوم الجمعة، يتوافد المنتجون والمستهلكون على السوق، ويعرضون سلعهم التي يفاخرون بها أمام المدن والمناطق الأخرى. وحلت "الصباح" بهذا السوق الأسبوعي، وعاينت كما هائلا من الأغنام المعروضة للبيع، يوازيه عدد الراغبين في اقتناء الأضاحي، سواء أفراد الأسر أو السماسرة، الذين يقتنون أجود الأنواع، على أمل أن يعيدوا بيعها مقابل قسط من المال، إذ تنتشر هذه الظاهرة في الأسابيع الأخيرة التي تسبق العيد. وبالنظر إلى شهرة السوق، وتزايد عدد الوافدين عليه، قرر المسؤولون هذه السنة، نقل "رحبة الحولي" خارج السوق الأسبوعي العادي، الذي تباع فيه سلع مختلفة، وخصصت له مساحة كبيرة ومسيجة، تجنبا للمشاكل التقنية التي تنتج عن إدخال شاحنات الأغنام إلى السوق. وأكد مهنيون داخل سوق الأغنام بكيسر، أنه رغم العدد الكبير للأضاحي هذه السنة، إلا أنها لا تقارن بالعام الماضي، الذي شهد عرضا وافرا، مبرزين أن القطيع هذه السنة تقلص بما يقارب الثلث، وهو ما أدى إلى ارتفاع في الأسعار. دفوعات الكسابة يجمع "الكسابة" والتجار ومسؤولو القطاع، على أن هذه السنة تشهد ارتفاعا في أسعار الأضاحي، لأسباب مختلفة، أولها غلاء الأعلاف، وتوالي مواسم الجفاف، إضافة إلى تراجع حجم القطيع هذه السنة. وفي هذا السياق، يقول حمو التقي، عضو الغرفة الفلاحية للدار البيضاء سطات، في تصريح لـ "الصباح"، إن "الغلاء الذي لمسه المستهلكون في أسعار الأضاحي، راجع بالأساس إلى غلاء مواد العلف، التي يستعملها "الكسابة" لتسمين قطعانهم استعدادا للعيد". ويفصل حمو في مسألة الأسعار قائلا، "حينما يقتني الكساب قنطار شعير بـ 500 درهم، والذرة بـ 300 درهم، من أجل تسمين قطيع مكون من 20 أضحية، لمدة عشرين يوما، فإنه لا يظهر في الواقع في أنه دفع من جيبه 800 درهم في وقت قصير، إذ لا يتغير حال القطيع، إذ يحتاج مدة طويلة من أجل تسمينه، وهو ما يرفع كلفة الإنتاج، ويرفع الأسعار". وأضاف عضو الغرفة الفلاحية، أن "ارتفاع الأسعار يبقى نسبيا، إذ ليست هناك زيادة مهولة، من شأنها أن تثير الخوف في نفوس المستهلكين، لأن الأسرة التي ألفت أن تضحي بكبش قيمته 2000 درهم، ستجد أن الزيادة لا تتعدى 200 درهم، بينما الأسرة التي تقتني الأضحية بـ 4 آلاف درهم أو 5 آلاف، ستجد أن الفرق يتراوح ما بين 7 مائة درهم وألف". وأجمع المنتجون في تصريحات متفرقة لـ "الصباح"، أن هناك ارتفاعا في الأسعار، غير أنهم يشددون على أن مواد العلف، شهدت زيادة بدورها، بالنظر إلى توالي سنوات الجفاف، مبرزين أن المستهلكين يجب أن يتحملوا بدورهم قسطا من كلفة الإنتاج، خاصة أن جهود تربية الأغنام لا تقدر بثمن، ناهيك عن الأزمات التي يمكن أن تواجه الكساب، من قبيل مرض القطيع، أو تراجع المحاصيل الزراعية وغيرها من التحديات، المرتبطة بهذا النوع من الإنتاج. جودة عالية يجمع المهنيون والمسؤولون الذين تحدثت إليهم "الصباح"، إلى أن الأغنام المعروضة للبيع في إقليم سطات، تتميز بجودة عالية، بغض النظر عن الأسعار، التي تختلف من موسم لآخر، ومن منتج لآخر، غير أن عامل الجودة حاضر في جميع المواسم. وفي هذا السياق، يقول الحاج الميلودي، وهو مالك ضيعة لتربية سلالة كبش "الصردي" بمنطقة البروج، "هذه الأغنام نعتني بها طيلة السنة، لأننا نتعامل مع زبائن معينين، يأتون من الرباط والبيضاء ومراكش، لهذا فإننا نشرع في تسمين الأضاحي منذ ولادتها، وليس في الأشهر الثلاثة الأخيرة التي تسبق العيد، خاصة أن تربية سلالة الصردي صعبة للغاية، لأن إهمالها يوما واحدا، يضيع مجهود شهر من العناية". وأضاف المتحدث ذاته، أنه متخصص في تربية سلالة "الصردي" وحدها، وهو عضو الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، مبرزا أنه لا يتاجر في الأكباش حديثة الولادة، موضحا "هويتي أن أبيع أكباشا كبيرة الحجم، إذ لا أبيع أبدا تلك التي يقدر سعرها بـ 3 آلاف درهم أو ما شابهها، بل ؤجل بيعها للموسم المقبل، كما أن القطيع المعروض للبيع مصنف ضمن السلالات الجيدة لـ "الصردي" من قبل الجمعية". قطيع محدود رغم أن المغرب من البلدان التي لا يجد سكانها أنفسهم أمام قلة العرض، في ما يتعلق بقطيع الأغنام والماعز في فترة عيد الأضحى، إلا أن هذه السنة يرتقب أن تعرف نقصا حادا في العرض، إذ أعلن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أنه تم ترقيم 5.8 ملايين رأس من الأغنام والماعز، خلال الفترة ما بين 17 أبريل و17 يونيو 2021، في إطار الاستعدادات لعيد الأضحى المقبل. وأشارت ‘’أونسا" إلى أن عملية الترقيم متواصلة وأن الحالة الصحية للقطيع جيدة ويتم تتبعها عن قرب، مبرزة في بيان صدر أخيرا، أن الفدرالية البيمهنية للحوم الحمراء والجمعية المغربية لمربي الأغنام والماعز، قامت خلال الفترة ما بين 17 أبريل و17 يونيو 2021، بترقيم 5.8 ملايين رأس من الأغنام والماعز التي يتم تسمينها للعيد. ورغم أن هذا الرقم يبدو كافيا، إلا أن عدد الأسر يتجاوز بكثير عدد الأضاحي المرقمة، علما أن عدد الأسر يتجاوز 8 ملايين أسرة، وهو ما يشكل نقصا بـ 3 ملايين رأس غنم، إذا سلمنا أن كل أسرة ستضحي بكبش واحد، في حين أن الكثير من الأسر تقتني أكثر من رأس غنم في هذه المناسبة. ويضاف إلى هذا، أن الإحصائيات التي جاءت في بيان "أونسا" غير مضبوطة حسب المهنيين. وقال "الكسابة» الذين تحدثت إليهم "الصباح"، إن الأرقام غير مضبوطة، إذ ليست جميع الأغنام والماعز المرقمة ستعرض للبيع، إذ تم إحصاء أكباش صغيرة، لن يعرضها أصحابها للبيع، وهو ما أكده أحد "الكسابة»، الذي قال إنه يتوفر على قطيع من 500 رأس محصية، بينها 150 رأس لن تعرض للبيع هذه السنة، وهي المعلومة التي أكدها فاعلون كثر.

أضحية العيد… أسعار ملتهبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قروض بنكية ضائعة فاقت 8200 مليار

الأغلبية... نموذج فاشل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات