مختبر الشرطة… العلم في خدمة العدالة

تجهيزات متطورة وعناصر ذات تكوين وخبرة في صراع يومي لفك ألغاز الجرائم أسس المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية سنة 1995 بمقره القديم قرب ولاية الأمن بالبيضاء، وطيلة الـــــــسنوات الماضية اقتنت المديرية مجموعة من الآلات المساعدة على فك لغز الجرائم، قبل أن تقع ثورة في الأسابيع الماضية، حينما دش عبد اللطيف حموشي، المقر الجـــــــــــديد الحــامل لمواصفات عـالية والمشتـــغل بتقنيات عالمية.زارت «الصباح» المختبر والتقت ببعض مسؤوليه، وحاولت تقــريب القـــارئ مـن عمل عناصره. إنجاز: الصديق بوكزول - نصوير: (عبد الحق خليفة) هدوء أمام المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية بالبيضاء، وبمدخله وأثناء التجول بطوابقه الخمسة. هدوء يعطي للزائر انطباعا مختلفا عن ذاك الذي يشعر به حينما يزور مقرات الامن، حيث الحركة الدؤوبة لرجال شرطة بزيهم المدني أو الرسمي مصطحبين مشتبه فيهم. "التكرديف" للآلات التحية أو «التكرديف» هنا للآلات وليس الأشخاص" يقول أحد المسؤولين بالمركز في إجابة عن تبادل التحية بين المسؤولين والعاملين تحت إمرتهم دون "تكرديف»، قبل أن يضيف مبتسما وهو يلوح بيده لزميل مر على مقربة منه بوزرته البيضاء، "كل صباح نحيي الآلة والمعدات التي تمكننا من فك لغز الجرائم". الكل داخل المختبر منهمك في عمله، بدءا من الطابق الأول حيث توجد مصلحة الاحتفاظ بالأدلة الجنائية، وهي مصلحة تستقبل يوميا عشرات طلبات الخبرة من قبل عناصر الأمن بمختلف مدن المغرب. «نستقبل جميع أنواع الأدلة الجنائية التي من شأنها أن تساعد الشرطة على فك لغز بعض الجرائم" يقول مسؤول بالمصلحة قبل أن يضيف "يجب أن نحتفظ بالأدلة على الحالة التي توصلنا بها قبل أن نعيدها إلى المصلحة الأمنية المعنية أوهيأة المحكمة". الحفاظ على الأدلة يتطلب تجهيزات، ولهذا فالمديرية العامة للأمن الوطني، وفرت كل المتطلبات، إذ أن المختبر يتوفر على غرف باردة من شأنها أن تحافظ على بعض المحجوزات، مثل العظام والجثث دون أن يطولها الإتلاف. الطوابق الخمسة مجهزة بأحدث التقنيات، بدءا بمصلحة الوثائق المزورة القادرة على إثبات كل تزوير أو تلاعبات تطول شيكات أو عقودا أو أوراقا مالية، وحتى فك شفرات بعض الكتابات ومقارنتها بأخرى تخص مشتبها فيهم. يحي : 80 في المائة من الخبرات جينية من جهتها كشفت حكيمة يحي، عميدة ممتازة، رئيسة المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية عن أهمية المختبر في محاربة الجريمة، مضيفة أنه يتوصل بطلب الخبرات من مصالح الشرطة القضائية بالمغرب بأكمله ومن المحاكم كذلك، قصد إجراء خبرات على محجوزات من شأنها أن تساعد الشرطة في حل لغز بعض الجرائم، وتساهم في تحقيق العدالة. وقالت إن المختبر يقدم جميع الخبرات كيفما كان نوعها، مضيفة أن الخبرات الجينية هي الأكثر طلبا من قبل المصالح سالفة الذكر، خاصة المرتبطة بمحجوزات متحصلة من سرقات أو أدلة جنائية تم العثور عليها بمسرح الجريمة، هذا إضافة إلى الخبرات الجينية، المرتبطة بجرائم هتك العرض أو الاغتصاب أو الحمل والتي تحدد النسب أو مقترف الجرم ، من خلال تقنية الحمض النووي. «هذا العمل يتطلب لوجستيك كبيرا"، تضيف يحي، ولهذا فقد اقتنت مديرية الأمن الوطني أنظمة لاستخراج الحمض النووي العالي الصبيب، وهذه سابقة في إفريقيا، إذ يمكن من تحديد الخبرة الجينية في جرائم معقدة. ويقدم المختبر، حسب يحي، خبرات في جرائم الحرائق، إذ تؤخذ عينات من مسرح الجريمة لمعرفة ما إذا كان الحادث عرضيا أم أن هناك مؤجج حرائق مثل البنزين. وكذا خبرات في حال إطلاق النار، وخبرات عن المتفجرات. حماية المعلومات بدورها تعرف مصلحة المخدرات وخبرات التسمم، حسب يحي، نشاطا كبيرا من خلال تقديم خبرات عن نوعية المخدرات ومدى تركيزها (مثل الكوكايين والهرويين ...)، وكذا خبرات عن التسميم، إن كان الضحية قد تناول مواد سامة أم قتل عن طريق إعطائه إياها مع تحديد نوعها. ولا تشتغل المصالح سالفة الذكر، حسب يحي، بمعزل عن بعضها، إذ أن العديد من المصالح يمكن أن تشتغل على قضية واحدة، من أجل تقديم خبرات متكاملة تساعد على فك لغز الجرائم. وتحتاج كل هذه المصالح إلى مصلحة أمن المعلومات، التي تقوم حسب يحي، بحماية المعلومات المتحصل عليها من خلال الخبرات، حتى يتم استغلالها عند الحاجة إليها، من خلال مقارنة المعطيات الواردة بها مع معطيات جريمة جديدة. وأكدت يحي أن المختبر يشتغل بشكل كبير على الخبرات الجينية التي تحال عليه من قبل الشرطة أو مختلف المحاكم، مضيفة أن 90 في المائة من الخبرات الجينية مرتبطة بالسرقات.. وخلصت يحي إلى القول أن الجرائم أصبحت معقدة والهدف دائما هو تطوير الموارد البشرية والآليات والتقنيات، مذكرة هنا بآلية يتوفر عليها المختبر تمكن من تحديد هوية جثة مشوهة (في حال حرائق أو سقوط طائرات...) وهي تعمد إلى تقريب ملامح الجثة بالرغم من انها مشوهة بشكل كبير، إذ تمكن من رسم صورة تقريبية للضحية (مثل تحديد لون الشعر والعينين والبشرة)، ما يسمح برسم "بورتري» يكاد يشبه صاحب الجثة.

مختبر الشرطة… العلم في خدمة العدالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نخب سياسية تورث المناصب

غضب بسبب احتلال شارع ببوفكران

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات