شهادات

نقل رئاسة النيابة العامة إلى محكمة النقض مجازفة السلطة القضائية هي سلطة الفصل في المنازعات، والمسؤولة عن تحقيق العدالة وضمان مصداقية القوانين ودولة الحق والقانون، ومقياس مدى تطور الدولة واحترامها للحقوق والحريات. وجاء القانونان التنظيميان المتعلقان بالنظام الأساسي للقضاة وبالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بضمانات من شأنها تحقيق استقلالية السلطة القضائية، وجعلها تضطلع بدورها الدستوري المتمثل في تطبيق القانون وحماية الحقوق والحريات والسهر على توفير الأمن القانوني. نقل رئاسة النيابة العامة من وزارة العدل إلى محكمة النقض، مجازفة محفوفة بالمخاطر، لأن الجهة الموكول إليها سلطة توجيه الاتهام والاعتقال تبقى في منأى عن أي رقابة برلمانية أو سياسية، إذ من سيُساءل في تقييم تدبير السياسة الجنائية وعقلنة سلط الاعتقال. كما أن القضاة لا يخضعون في ممارسة مهامهم إلا لضمائرهم، إذ ما زالت بعض المحاكمات والأحكام القضائية تثير استغراب الحقوقيين والمهتمين بالشأن القضائي، خاصة القضايا ذات الصلة بالحياة السياسية أو الأمن العام أو بالمتابعات التي تطول الجسم الصحفي. إن هذا التقدم، لا يمكن أن يحقق الأهداف المتوخاة منه، دون إصدار ترسانة قانونية ملائمة تتمثل في مجموعة من النصوص التشريعية العادية والتنظيمية. لا بد من التذكير بالقانون التنظيمي الذي نصت عليه المادة 133 من الدستور والمتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الرقابة البعدية، على دستورية القوانين آلية من شأنها المساهمة في بناء دولة الحق والقانون لتكريس الحماية القضائية للحقوق والحريات الأساسية للأفراد والجماعات. استقلالية القضاء، سيرورة مركبة ومتشابكة و متعرجة ومتداخلة، تفترض التحول عبر مسار تتفاعل فيه جميع المكونات الأساسية للجماعة الوطنية، اعتمادا على طاقات تمتلك ما يلزم من الكفاءة والنزاهة والمصداقية من أجل تعبئة كل ما هو مشترك بين جميع المكونات. استقاها: محمد إبراهمي (أكادير) *محام بهيأة أكادير هيأة المحامين قادرة على تنزيل استقلالية القضاء إن الحديث عن استقلال القضاء بالمغرب أخذ، في الآونة الأخيرة، حيزا كبيرا، على اعتباره من أهم المستجدات التي شهدها المغرب، التي يقع الرهان عليها لتحقيق العدل، إلا أنه بعد سنوات من إقراره وهيكلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، نسجل بوضوح أولا هيمنة تمثيلية القضاة على تشكيلة هذا المجلس، مما يجعلنا أمام هيكلة بأغلبية خالصة للقضاة، وهو ما يعبر عن انفصال السلطة القضائية عن باقي السلط وليس الاستقلال عنها. ويؤيد ما ذهبنا إليه انعدام الرقابة على السلطة القضائية من باقي السلط (التنفيذية والتشريعية)، وهو ما يعد مسا واضحا بأهم أسس الديمقراطية، التي تظل بحاجة ماسة إلى قضاء مستقل قادر على مقاربة مختلف القضايا والملفات بنوع من الجرأة والنزاهة والموضوعية، بعيدا عن أي تدخل قد تباشره السلطات الأخرى، مثلما يظل القضاء من جانبه بحاجة إلى شروط موضوعية مبنية على ممارسة ديمقراطية تعزز من مكانته وتسمح له بتحقيق العدالة المنشودة، بعيدا عن أي استهتار أو انحراف بالقوانين. كما أؤكد أن استقلالية القضاء لا تكون إلا باستقلال المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن القضاة أنفسهم، بإسناد مهمة الرئيس المنتدب لجهة مستقلة، إذ نظرا لأن هيأة المحامين، التي ظلت في طليعة المدافعين عن استقلالية القضاء المغربي لسنوات، وتعتبر الجهة الوحيدة المتمتعة بالاستقلال على المستوى الإداري والمالي، أرى أنها قادرة على ضمان استقلالية القضاء، وبالتالي سيكون إسناد مهمة الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية لهيأة المحامين أكثر مصداقية وفعالية في تنزيل مبدأ استقلالية القضاء وتحصينه. استقاها : المختار الرمشي (طنجة) * (محام بهيأة طنجة) حقق ضمانات يعتبر ميلاد المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ترجمة فعلية لواحدة من أهم التغييرات التي جاء بها دستور 2011 الذي يعتبر محطة فاصلة عن سابقتها، واستوعب مختلف التراكمات المزكية للتغيير. ويمتاز بتنوع تركيبته القانونية والحقوقية والمهنية، وترؤسه من قبل جلالة الملك الضامن لاستقلاله. وأعطت هذه المؤسسة الدستورية في ظل أربع سنوات مرت على تأسيسها في أبريل 2017، نتائج مهمة، مقارنة بما مضى، خاصة بتحقيق ضمانات لفائدة القضاة سواء على مستوى التعيين أو الانتقال أو المسؤولية وضمان الاستقلالية لأداء المهام بكل حياد و تجرد و نزاهة، وكذلك على مستوى تخليق العدالة والدبلوماسية القضائية. واشتغل المجلس الأعلى للسلطة القضائية وراكم نجاحات رغم الصعوبات المرتبطة بتوفير الآليات العملية والقانونية لضمان استقلال القضاة، وذلك لفائدة المرتفق أيضا. إن حصيلة العمل التي ظهرت بعد تأسيس المجلس، بينت الدينامية الإصلاحية والحقوقية التي ظهرت مع اجتهادات قضائية ومبدئية هامة، و التي تكرس المحاكمة العادلة، وطالما أبرزها الرئيس المنتدب غير ما مرة في محافل تحضرها نساء ورجال القانون. إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، هيأ جوا من الحياد للتطبيق السليم للقانون وخلق منافسة عالمية في حفظ الحقوق والحريات طبقا للمواثيق الدولية و النصوص الوطنية. وهو بذلك حقق هدفه الأول والأخير، وهو توفير الأمان لدى المرتفق في مؤسساته القضائية. وهذا ظهر جليا بعد تكريس استقلالية السلطة القضائية وفقا للفصل 107 من دستور 2011، لأنه قبل ذلك كان القضاء يعتبر مجرد مرفق تابع لوزارة العدل، قبل أن ينظم الدستور مبادئ حماية القضاة من أي تأثير أو تدخل أو تلقي أي تعليمات، ما كرس فعليا استقلالية السلطة القضائية. استقاها : حميد الأبيض (فاس) *(محام بهيأة فاس) تسريع وتيرة البت في القضايا شكل استقلال السلطة القضائية، محورا أساسيا لنقاشات وتجاذبات سياسية وحقوقية، إبان الإعداد لتعديل الوثيقة الدستورية لسنة 2011، في إطار ما سمي بالحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، وكان صدور دستور 2011، أساس ميلاد سلطة قضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وخروج القضاء من عباءة وزارة العدل. وتكرس هذا التوجه بصدور القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تطبيقا للفصل 116 من الدستور، وكذا القانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، إضافة إلى نصوص قانونية أخرى تصب في الاتجاه نفسه. يصعب كثيرا تقييم تجربة استقلال السلطة القضائية، وهي في بداياتها، لكن يمكن وصفها بالإيجابية في مجملها، إذ يلاحظ تنامي الوعي لدى المواطنين بحقهم في اللجوء إلى القضاء، باعتباره الضمانة الأساسية لاحترام حقوق الإنسان وحماية مصالح الأفراد والجماعات وضمان سيادة القانون. هذا دون أن نغفل أثر استقلال القضاء على التنمية الاقتصادية من خلال البت في نوع محدد من القضايا بالسرعة والفعالية اللازمة، ما ساعد على دوران عجلة الاقتصاد وتشجيع الاستثمار، خاصة في ظل وجود قضاء متخصص في البت في المنازعات التجارية والإدارية. المرأة والطفل وحقوقهما، كانا كذلك في صلب اهتمامات القضاء منذ استقلاله، إذ صدرت تعليمات صارمة لصيانة حقوقهما، بإحداث أقسام خاصة، بالنيابات العامة، للتكفل بالمرأة والطفل، والأمر نفسه في ما يتعلق بأفراد الجالية المغربية بالخارج.ولابد من الإشارة كذلك، إلى أن استقلال السلطة القضائية، كان له أثر واضح على الوضعية الفردية للقضاة، بما يضمن استقلالهم ونزاهتهم ومكانتهم داخل المجتمع، وكذا ضمان حقهم في الانضمام إلى جمعيات مهنية خاصة بهم، مع إلزامهم بالالتزام بواجب التحفظ، انتهاء بصدور مدونة الأخلاقيات القضائية التي أعدها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي نشرت بالجريدة الرسمية، بتاريخ 08 مارس 2021. كذلك لابد من تسجيل أنه خلال السنوات الأخيرة، تم تسريع وتيرة البت في القضايا بجميع أنواعها، والحديث عن عمرها الافتراضي للقضايا، ما أثر بشكل كبير، في اعتقادنا، على جودة الأحكام، إذ تم تغليب مقاربة الكم على مقاربة الكيف. استقاها:عادل بلقاضي (مراكش) * محام بهيأة مراكش ورئيس المؤسسة المغربية للشفافية ومحاربة الفساد حماية المقاولة وتشجيع الاستثمار من بين إيجابيات العمل القضائي الجديد، مؤازرة المشرع المغربي للمقاولات عبر إصدار القانون رقم 17-73 بتاريخ 23 أبريل 2018 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون 15.95 المتعلق بمدونة التجارة في ما يخص مساطر صعوبات المقاولة، والذي حل محل نظام الإفلاس الذي ساد في المغرب لمدة طويلة، والتي كان لها تأثير واضح في المجال الاقتصادي والمالي والاجتماعي. إن الهدف من مساطر صعوبات المقاولة هو إنقاذ المقاولات سواء كانت شخصا طبيعيا أو معنويا، والحفاظ عليها من أجل استمرار نشاطها حتى تستطيع الإسهام في الاقتصاد الوطني، بالموازاة مع ضمان حقوق الدائنين (عمال، مؤسسات بنكية وعمومية وشبه عمومية)، وذلك بتبني حل يقضي باستمرارية النشاط أو اعتماد مخطط التفويت، أما إذا كانت المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه فسيكون مصيرها التصفية القضائية، وذلك حفاظا على حقوق الدائنين، كما أنه من بين قوة الحضور القضائي الجديد، تأييده ودعمه لمميزات القانون رقم 73.17، من حيث أنه جاء ببعض المقتضيات المماثلة لتلك التي تضمنها القانون الدولي سواء من خلال قواعده المسطرية أو أهدافه. ومن حسنات العمل القضائي الجديد كذلك، أنه عمل على تنظيم شروط وكيفية الولوج إلى المساطر الأجنبية، وذلك في إطار تطبيق المقتضيات الخاصة بالمساطر العابرة، ما أعطى دفعا جديدا للعمل التجاري والمقاولاتي وتشجيع الاستثمار. استقاها: محمد المرابطي (وجدة) دكتور في إدارة الأعمال مستشار في قانون الأعمال والمقاولات سنديك معتمد في صعوبة المقاولة

شهادات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مدونة الأخلاقيات ... بوصلة القاضي

لا يسلم القضاء من الأذى حتى يثبت العكس!!

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات