لم يجد المجلس الوطني الاستشاري للصحة، طريقه بعد للخروج إلى حيز الوجود، رغم إصرار الكثير من الفعاليات على التسريع به، منذ المناظرة الوطنية للصحة بمراكش في 2013، والتي أكدت خلالها رسالة بعثها الملك محمد السادس للمؤتمرين، حاجة المغرب إلى هيأة مستقلة في الصحة. وطالبت من جديد الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، بالإعلان عن المجلس الوطني للصحة، باعتباره مؤسسة دستورية وطنية مستقلة عن الأحزاب، ولو تطلب ذلك تعديلا دستوريا، يكلف بوضع السياسة الصحية ببلدنا، ويضم نخبة خبراء الطب والصناعة الدوائية والبحث العلمي، وخبراء العلوم القضائية والقانون وعلم الاجتماع، وممثلي الأحزاب الوطنية والنقابات والمجتمع المدني، وكل من ثبت أنه سيعطي الإضافة لهذا المجلس. وسجلت الرابطة ما وصفته بـ "الوضعية الكارثية" لآلاف المراكز الصحية المنتشرة بالوسطين الحضري والقروي، والتي تعاني نقصا مهولا في وسائل التطبيب والأطر الطبية والإدارية، مع وجود حالات عديدة تفتقد للأمن والماء والكهرباء والتطهير. ودعت الرابطة إلى إنقاذ المنظومة الصحية الوطنية من الانهيار، والتأسيس لقطاع صحة عمومي جيد، على اعتبار أن الخطة الوطنية لمواجهة وباء كورونا يجب أن تضع في حسابها، تأهيل القطاع الصحي. وشددت الجهة ذاتها، على ضرورة تمكين وبشكل مستعجل كافة عمال الرعاية الصحية من معدات الحماية الشخصية، لحمايتهم وحماية مرضاهم من الإصابة بالعدوى، ونقلها إلى الآخرين، مبرزة أنه "لا يمكننا وقف تفشي عدوى كوفيد-19 دون حماية العاملين الصحيين أولا". وأضافت الرابطة أن فيروس كورونا بالمغرب مستمر بالانتشار بشكل مقلق، مؤكدة أن ارتفاع نسبة الوفيات مقارنة بعدد الإصابات، يفسر نتيجة الوضع السيئ والمتدهور لقطاع الصحة ببلادنا، ونتيجة سياسات حكومية فاشلة، مبرزة أن هذا الواقع "أفرز ظهور أمراض معدية خطيرة كالسل، علاوة على تفشي الأمراض المزمنة (السكري والسرطان والقصور الكلوي وأمراض القلب والشرايين وأمراض الصحة العقلية والنفسية)، وهو نتيجة للتخلي التدريجي لوزارة الصحة عن برامج الوقاية والتربية الصحية، الشيء الذي سيزيد من ضحايا الفيروس في حال تفشيه"، خاصة مع تعثر كل البرامج المعتمدة من قبل المنظمة العالمية للصحة في الوقاية والرعاية الصحية الأساسية، حيث يؤكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات ذلك، بعد تتبعه لوضعية عدد من المستشفيات الجهوية والإقليمية عبر ربوع التراب الوطني، إذ توجد العديد من الاختلالات الخطيرة، التي تتعلق بالتخطيط الإستراتيجي والبرمجة، وعملية تدبير المواعد والبنايات والتجهيزات، التي تشكل عائقا أمام تقديم خدمة عمومية بالجودة المطلوبة، في ظل غياب عدد من الخدمات الصحية التي يمكن اعتبارها ضرورية. عصام الناصيري