ملف الصحراء… دبلوماسية الحواضر

قنصليات إفريقيا ومؤتمرات دولية تثير سعارا جزائريا يهدد مستقبل المنطقة لن ينطلق قطار الاتحاد المغاربي، رغم مرور عقود على بزوغ فكرة اندماج خمس دول شمال إفريقيا في تكتل اقتصادي، لتحقيق ازدهار الشعوب والرقي بها في مصاف الدول الأكثر تصنيعا، ولن يتم فتح الحدود البرية بين البلدان الخمسة، ولن تنعم ليبيا بالاستقرار، ولن تتمكن تونس من ضمان ديمومة الاستقرار المؤسساتي والسياسي، وسيتم التنغيص على موريتانيا والمغرب، لأن جنرالات الجزائر لهم عقيدة الدمار الشامل لكافة الجهود الدبلوماسية السلمية، وهو ما فضحته ردود الأفعال الآتية من الجارة الشرقية بعد تناسل قنصليات دول إفريقية بحواضر الأقاليم الجنوبية وتوالي تنظيم الملتقيات الدولية فيها. مناورات يائسة تعزل الجزائر مهمة الناطق الرسمي باسم بوليساريو كشفت زيف الحياد وأكدت مكانتها في خانة الدول المعنية بالنزاع لا يعقل أن يرمي شباب الجزائر، أنفسهم في البحر غرقا في قوارب الموت، بحثا عن لقمة العيش، مثل شباب باقي الدول المغاربية الفقيرة، وبلدهم يحصل سنويا على عشرات الملايير من الدولارات عائدات النفط والغاز الطبيعي، بما يناهز بلايين منذ الاستقلال إلى الآن. وهل يمكن الثقة في بلد جار يرفض التعاون المغاربي، ويجعل من مناوءة وحدة تراب المغرب عقيدة له، وسياسته الخارجية، إذ يتم فتح نشرات الأخبار بمختلف وسائل الإعلام الجزائرية، باتهام المغرب على محافظته على وحدته الترابية، علما أن الصحراء المغربية لا يوجد بها لا نفط ولا غاز طبيعي، بعكس الصحراء الجزائرية الغنية والتي تم توزيعها على جنرالات يوقعون مع شركات دولية عقودا، وكل شركة تمارس ضغوطات في محافل دولية لدعم جماعة البوليساريو المسلحة التي ولدت بدعم الراحلين، العقيد معمر القذافي، والهواري بومدين، اللذين كان يهدفان في إطار الحرب الباردة، وعلى طريقة الثوريين في أمريكا اللاتينية، إلى قلب نظام الملك الراحل الحسن الثاني، بواسطة مرتزقة بوليساريو، التي ادعت أنها هي التي كانت تدبر الصحراء، والواقع الأممي يؤكد أنها لم تكن موجودة أصلا. ورغم التوقيع بالأحرف الأولى على معاهدة مراكش في 1989، لمنح دفعة قوية لقطار الاتحاد المغاربي بدوله الخمس المغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وموريتانيا، أبت الجارة الشرقية للمغرب إلا أن تعرقل مسار الاندماج المغاربي بمحاولتها فصل جنوب التراب المغربي عن صحرائه، لإقامة دويلة صغيرة بالادعاء أنها تساعد على تحرير الشعوب، علما أن الصحراء ليست جنسية حتى يطلب لها تقرير المصير. كما أن الجزائر لا تعي أن دعمها للانفصاليين، سيشجع على انفصال كل قاطني الصحراء في الجزائر نفسها، وليبيا وموريتانيا ومالي، وفي ايران نفسها، وفي عشرات الدول بأمريكا في صحراء نيفادا واستراليا، وآسيا وافريقيا. فدول الاتحاد المغاربي تتمتع باقتصاديات متنوعة، وتبلغ مساحتها حوالي 5.782.140 كيلومترا مربعا، وتشكل هذه المساحة حوالي 42 في المائة من مساحة الدول العربية مجتمعة، ويصل طول الشريط الساحلي لدول الاتحاد 6505 كيلومترات، ويصل تعداد سكانه حوالي 120 مليون نسمة. كما يبلغ مجموع الناتج المحلي الإجمالي لدول الاتحاد المغاربي 389.6 مليار دولار أمريكي، وهو ما يعادل حوالي 32 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للدول العربية. ورغم كل هذه المعطيات، فإن الجارة الجزائر تصرف أموال شعبها المظلوم، على البوليساريو في كل دول العالم، وترشي منظمات حقوقية ومدنية، وتمارس الضغط ب" لوبيات" في البرلمانات الأوربية والأمريكية، وتعترض على كل إجراء اتخذه المغرب سواء بتوقيع اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي، أو اتفاقية الفلاحة، أو التبادل التجاري، أو ترسيم الحدود الإقليمية البحرية، وفق ما ينص عليه قانون البحار والملاحة الدولية، أو حتى فتح سفارات وقنصليات بالعيون والداخلة، أو تنظيم مباريات كرة القدم، أو منتديات وملتقيات دولية، فالعسكر الجزائري لا يعجبه إلا أن يقول " لا" للمغرب بل دمر حتى اتفاق الصخيرات السلمي السياسي الذي ضمن لشعب ليبيا الاستقرار المؤسساتي، كي يتطور هذا البلاد، وهو أيضا الذي نسق مع دول عربية أخرى مثل مصر والإمارات العربية لإسقاط الاتفاق الليبي، وأيضا عرقلة التوجه الديمقراطي المؤسساتي لتونس. كما يتدخل في موريتانيا حينما تنهج سلوكا سليما لتطوير بلادها. ولم يستمع العسكر إلى نداء عمار سعيداني، الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم، المتحكم في مفاصل الدولة منذ 60 سنة، الذي فجر قنبلة سياسية بما أدلى به من تصريحات مدوية لم يتجرأ أي مسؤول جزائري على الإدلاء بها من قبل، عندما أكد أنه لا توجد قضية اسمها "الصحراء الغربية"، لأنه بكل بساطة "الصحراء مغربية". وقال المسؤول الجزائري المقيم بفرنسا، في تصريح لموقع "TSA"، " أعتبر من الناحية التاريخية، أن الصحراء مغربية، وليست شيئا آخر، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين، وفي رأيي أن الجزائر التي تدفع أموالا كثيرة للمنظمة التي تسمى بوليساريو منذ أكثر من 50 سنة، دفعت ثمنا غاليا جدا دون أن تقوم المنظمة بشيء أو تخرج من عنق الزجاجة"، مؤكدا أن هذا الموضوع يجب أن ينتهي، و يتعين على الجزائر والمغرب أن يفتحا حدودهما ويطبعا علاقاتهما. واعتبر الرئيس السابق للمجلس الشعبي الوطني، البرلمان الجزائري "أن "موضوع الصحراء يجب أن ينتهي وتفتح الحدود وتسوى العلاقات بين الجزائر والمغرب، لأن الأموال التي تدفع لمنظمة البوليساريو، يتجول بها أصحابها في الفنادق الفخمة منذ 50 عاما، فيما مناطق جزائرية مثل سوق أهراس، والبيض، وتمنراست وغيرها، أولى بها. هذا هو موقفي سواء أغضب البعض أو لم يعجب البعض الآخر". أحمد الأرقام

ملف الصحراء… دبلوماسية الحواضر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"كورونا" يضرب بقوة

الكتبيون غائبون عن معرض الكتاب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات