العلاقات مع الجزائر … تبون يفتح فمه

تصريحات متشددة للرئيس المنتخب تجاه المغرب خلال الحملة الانتخابية وتسخينات لإذابة الجليد دلت التصريحات المتشددة تجاه المغرب خلال الحملة الانتخابية لعبد المجيد تبون الرئيس الجزائري المنتخب، على أن الخلافات المستعصية بين البلدين الجارين، خاصة الحدود المغلقة والنزاع المفتعل في الصحراء، ستتصدر أجندة السياسة الخارجية الجزائرية في 2020، إذ لم يتردد الساكن الجديد لقصر «المرادية» في اشتراط اعتذار مغربي رسمي بذريعة أن الرباط كانت البادئة باتخاذ قرار إغلاق الحدود البرية بين البلدين خلال 1994. شروط لفتح الحدود تبون قال إن هناك ظروفا أدت إلى إغلاقها وزوال العلة لا يكون إلا بزوال أسبابها حرص المغرب على عدم التدخل في الحراك الذي سبق انتخاب الرئيس الجزائري الجديد، وتأجيل كل خوض في العلاقات المجمدة من قبل الجارة الشرقية، باستثناء رسالة تهنئة قال فيها الملك "على إثر انتخابكم رئيساً للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، يطيب لي أن أعرب لكم عن أصدق التهاني مقرونة بتمنياتي لكم بكامل التوفيق في مهامكم السامية». ومن جهته بدأ الرئيس الجزائري الجديد بخطاب أقل حدة عن الذي كان عليه خلال حملته، خاصة بعد الكشف صراحة عن شروطه لفتح الحدود ، عندما قال إن "هناك ظروفا أدت إلى إغلاق الحدود مع المغرب، وزوال العلة لا يكون إلا بزوال أسبابها"، في إشارة منه إلى مطالبته السابقة بالاعتذار، كما تحدث بنبرة أكثر دبلوماسية مشيرا ًإلى "الروابط الطيبة الجامعة بين الشعبين الجزائري والمغربي». واستبق المغرب الانتخابات الرئاسية بخيار النأي بالنفس عن أي تدخل في الوضع الجزائري الداخلي، ولا في موضوع الحراك الشعبي الذي بدأ في فبراير الماضي، عبر إصدار بيانات رسمية تعلن الالتزام بالحياد وعدم التدخل، بل لم تتردد الخارجية المغربية منتصف أكتوبر الماضي في توجيه توبيخ شديد اللهجة إلى صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية السابق، إثر إدلائه بتصريحات عن الحراك الجزائري، بصفته رئيساً للاتحاد العام لمقاولات المغرب، اعتبر فيها أن «الحراك الجزائري يبعث على الأمل، وأن على المنظومة القائمة أن تتقاسم السلطة مع من يقودون الحراك»، ما كلفه السقوط من على منصبه في مجمع الباطرونا. وتفصح الإشارات الضمنية المتبادلة إلى تفاؤل بترقب تحولات تسمح بإنهاء التوترات بين البلدين، إذ سبق أن وجه الملك، في نونبر 2018 نداء من أجل تجاوز الخلافات وتشكيل لجنة مشتركة لدراسة المواضيع الخلافية، وسط سيل دعوات مغربية للجزائر إلى فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين، مهاجما موقف الجارة الشرقية المتبني و الداعم للطرح الانفصالي في الصحراء المغربية. وفي الوقت الذي تعهد فيه بعض المرشحين للرئاسة في الجزائر، مثل عبد العزيز بلعيد، بفتح الحدود المغلقة مع المغرب في حال انتخابهم، أبدى تبون تشددا واضحا في موضوع إصلاح العلاقات مع المغرب، وتسيد موضوعا الصحراء والحدود مفكرته خلال حملته الانتخابية، إذ ردد غير ما مرة شرط تقديم اعتذار رسمي قبل فتح الحدود المغلقة منذ 1994، في إشارة إلى أن قضية النزاع في الصحراء لم تكن سبباً في إغلاق الحدود بين البلدين. وبالنظر إلى قرب الرئيس تبون من العسكر لا يتردد المحللون في اعتبار انتخابه انتصاراً لقادة الجيش الجزائري، الذين يمثلون التيار الأكثر تشددا في موضوع الصحراء والعلاقات مع المغرب، وتجاوبا مع أجندة بوليساريو، خاصة أن الرئاسيات الجزائرية تزامنت مع استعداد الجبهة لتنظيم مؤتمرها الـ15 في منطقة تيفاريتي التي تعتبرها «محررة» من أراضي الصحراء، إذ ينتظر أن تنتقل القادة الانفصالية من منطقة تندوف الجزائرية نحو منطقة تيفاريتي الصحراوية، ما يعني أن عهد الرئيس الجديد سيبدأ بفترة توتّر جديدة ستديم زمن الأزمة المزمنة. واعتبر رشيد لزرق، الخبير في القانون الدستوري، أن عدم استجابة الجزائر لدعوة الحوار المغربية، يمكن ربطه بوضع الارتباك الذي يطبع مشهد الحكم في الجزائر والذي تصرفه اللوبيات المتحكمة في القرار الجزائري عبر السياسة الخارجية والعلاقات مع الحوار، وهو "ما يؤكد استمرارها في موقفها السلبي اتجاه مطالب إحياء الاتحاد المغاربي في شكل جديد وكذا موقفها المتعنت في قضية الصحراء وعرقلتها المستمرة لمجهودات مختلف المبعوثين الشخصيين لمجموعة من الأمناء العامين للأمم المتحدة خلال عقود متتالية». مبدأ التجاوز الإيجابي سجل لزرق في تصريح لـ "الصباح" أن دعوة الملك الجزائر للتحاور المباشر، هو تعبير من المغرب عن إرادة صادقة لتبني مبدأ التجاوز الإيجابي من أجل بعث الحياة في طموحات وآمال الشعوب المغاربية ومجابهة حالة القلق العارم، التي تحتل جغرافية المنطقة حيال أشكال مختلفة من التهديدات ذات الطابع الجيو إستراتيجي الذي يستهدف أمن المنطقة واستقرارها، بشكل أضحى مركز اهتمام وتتبع كبيرين من قبل الضفة الشمالية للمتوسط، بالإضافة إلى إعلان دول الاتحاد المغاربي بالأخص المغرب والجزائر وتونس عن حالة الإنهاك التي أصابت نماذجها التنموية ومحدودية اختياراتها الإستراتيجية، وما ترتب عن كل هذا من إشكالات ذات طابع اقتصادي واجتماعي، من بطالة وتردي العرض العمومي في مجال التعليم والصحة والشغل. وشدد الخبير الدستوري المتخصص في الشؤون البرلمانية على أن الدعوة التي قدمها جلالة الملك للجار الجزائري هي وسيلة للإنقاذ الشامل للمنطقة المغاربية وإقرار مسؤول بدور الاتحاد المغاربي في إحداث الدينامية اللازمة لإنعاش الاقتصاديات المغاربية التي تطبعها التبعية للاقتصاديات الشمالية. ياسين قُطيب

العلاقات مع الجزائر … تبون يفتح فمه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جبهة مناهضة الإرهاب تدعو إلى متابعة بنكيران

تفويت عقارات جماعات بعقود صورية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات