العدالة والتنمية وإستراتيجية التوتر

المواجهة بين الحزب والدولة تتوزع بين القصر والداخلية رغم الإشارات الإيجابية التي بعثها الحزب سعى حزب العدالة والتنمية منذ تعيين أمينه العام، عبد الإله بنكيران، إلى إرسال إشارات مطمئنة إلى من يهمه الأمر بشأن مواقفه السياسية، من موقعه الجديد داخل الحكومة. العدالة والتنمية وإستراتيجية التنازع في البداية دافع الحزب عن فكرة تقاسم السلطة، وعدم الدخول مع الملك في التنازع عليها، وقد شكل عرض قانون التعيين في المناصب العليا، فرصة لتقديم ضمانة جديدة رغبة في تحسين العلاقة مع القصر. تبنت قيادة الحزب فكرة التعاون والتفاهم بين السلطة التنفيذية والمؤسسة الملكية، في بلورة الإطار السياسي الذي يحكم تنزيل الدستور، وهذا ما عبر عنه رئيس الحكومة بالقول: لم نأت لنتنازع مع المؤسسة الملكية بل للاشتغال معها، لأن رئيس الدولة هو جلالة الملك».في حمأة التوتر بين الحزب والداخلية، على خلفية قرار المنع الأخيرة، ركن عبد الإله بنكيران إلى الصمت، وتجنب ألا يدخل في هذا الجدل. فقد اعتذر رئيس الحكومة مرتين، والثالثة ستكون ثابتة، اعتذر للملك عن تصريحات صدرت عنه، بشأن غياب التواصل بينه وبين محيط الملك، قائلا «إنني لا أملك إلا أن أعتذر لجلالة الملك عن أي إساءة غير مقصودة أكون قد تسببت فيها٬ ومن خلاله لمستشاريه المحترمين»، وقبلها اعتذر عن تصريحات صادرة عنه مفادها أن المحيطين بالملك لا يكونون دائما أوفياء، ليعود بعدها ويصحح بالقول إن كلامه تعرض للتحريف.لقد اجتهد حزب العدالة والتنمية إلى تبديد مخاوف هذه الجهات، ومحيطه بالأساس، بالمقابل، قبلت المؤسسة الملكية بعملية ديمقراطية تضمن للحزب الوصول إلى السلطة وتؤمن له الأغلبية، غير أن الصراع الذي يفرزه تدبير الشأن العام، يكشف أن العلاقة بين على ما يرام دائما، وإن وقعت الأزمة هذه المرة من داخل الحكومة نفسها، بأن منعت وزارة الداخلية، نشاطا سياسيا كان سيحضره رئيس الحكومة نفسه، وإن بصفته أمينا عاما للحزب. لم يعد الأمر ينحصر في «ضيق الهامش المتاح أمام الحكومة ذات الطابع السياسي برئاسة عبد الإله بنكيران»، كما قال الأمير مولاي هشام، في محاضرة له بفرنسا، لكن الأمر تحول إلى ضيق في صدر وزراء العدالة والتنمية، الذين انبروا يهاجمون وزارة الداخلية بدون تحفظ أو حياد. "البيجيدي" والدولة من القصر إلى الداخلية الحديث عن علاقة العدالة والتنمية بالدولة، يقتضي الإشارة بالضرورة إلى علاقتها بأحد الفاعلين الأساسيين داخل الدولة، يتعلق الأمر بالقصر. فقد قدم الأمير مولاي هشام، في محاضرة بالمدرسة العليا للتجارة في العاصمة الفرنسية حول الأوضاع في العالم العربي، قراءة مختلفة لما يجري منذ تعيين القصر لأمين عام العدالة والتنمية رئيسا للحكومة. فقد تحدث الأمير عن «ضيق الهامش المتاح أمام الحكومة ذات الطابع السياسي برئاسة عبد الإله بنكيران، واستحالة قيام المؤسسة الملكية في وضعها الراهن والقوى المؤسساتية بحل للمشاكل البنيوية التي تعانيها البلاد».بالمقابل، لا يستبعد بعض المتتبعين للعلاقة بين الدولة والحزب «وجود منافسة بين الطرفين، خاصة أن القصر يرتاب في هذا الحزب نوعا ما، الأمر الذي سيدفع الحزب في البدء إلى إبداء الولاء في محاولة منه لتبديد تلك الشكوك»، يقول مولاي هشام في معرض مداخلته، مثيرا وجود اختلاف في استراتيجية الطرفين، لأن «المؤسسة الملكية تريد أن تجعل من وصول العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة انعكاسا للانفتاح السياسي، بينما يبحث العدالة والتنمية عن تقديم نفسه قوة سياسية لا محيد عنها في الظرفية الحالية».حزب العدالة والتنمية يفعل كل ما في وسعه من أجل تبديد هذه المخاوف، لكن لا أحد يضمن أن يفقد الحزب أعصابه في ظل «الحرب النفسية»، كما يقول لحسن الداودي، التي تقوم أطراف داخل الدولة. فالانخراط في المؤسسات بدأه الراحل عبد الكريم الخطيب، أحد أقطاب إستراتيجية احتواء إسلاميي العدالة والتنمية، وقد نجحت العملية بفعل المراجعات السياسية، وهذا ما يكشف «وجود رغبة لدى القصر ولدى حزب العدالة والتنمية في تجاوز الأزمات، لأن كل ضغط من الحزب على القصر قد يدفع الملكية إلى وضع حد لهذه التجربة، الأمر الذي سيجعل حزب العدالة والتنمية في موقف حرج ويفقده المصداقية أمام المجتمع المغربي بسبب الثقة الزائدة في المخزن». إحسان الحافظي

العدالة والتنمية وإستراتيجية التوتر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العدالة والتنمية... ازدواجية الخطاب ولغة التماسيح

بروفايل: بوانو... عين الحزب على الداخلية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات