العدالة والتنمية… ازدواجية الخطاب ولغة التماسيح

رئيس الحكومة يحث وزراءه على الحزم وتحمل مسؤولياتهم بدا رئيس الحكومة حازما في اجتماعه الأخير بوزرائه، ملمحا إلى أن الفاعلية والنجاعة رهانان أساسيان يواجهان حكومته اليوم، بدءا من تحمل حكومته مسؤوليتها عن حادثة الحوز بمراكش التي راح ضحيتها 43 مواطنا وخلفت وراءها عشرات الجرحى والمكلومين بفقدان أفراد أسرهم.وقال رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران٬ في الاجتماع الأخير لمجلس الحكومة٬ إن الأخيرة واعية بمسؤوليتها في حادثة السير التي وقعت مساء الثلاثاء الماضي، وخلفت وراءها 43 قتيلا، مشددا على أن الحكومات في الكثير من الدول تقدم استقالاتها لأسباب أقل مما حدث في المغرب، مضيفا «لولا حداثة عهدهم بالحكومة، لتم اتخاذ الاجراءات المناسبة التي يمليها عليهم تحمل مسؤوليتهم الكاملة في ما حدث».كما لم يفت بنكيران الحديث عن مسؤولية الحكومة في إدارة الشأن العام وتبعات الأخطاء التي قد تحدث في هذا الباب، والتي قد تكون وراءها الإدارة التي يرأسها دستوريا، قائلا «نحن نعي مسؤوليتنا الكبيرة والواضحة كإدارة ودولة بجميع المتدخلين في مجال السلامة الطرقية إثر حادثة السير المؤلمة بإقليم الحوز»، مشددا في السياق ذاته على أن الحكومة توجد اليوم أمام تحدي النجاعة والفعالية في مواجهة حوادث السير٬ خاصة مسؤولية مراقبة الطرق والحافلات واحترام القوانين وغيرها.وقال رئيس الحكومة٬ إن الحكومة ستتخذ "الإجراءات اللازمة لتجنب مثل هذه الكوارث المؤسفة مستقبلا، والتي يجب ألا تحدث بفعل تقصير الإدارة والمتدخلين أو التلاعب والرشوة».كل هذا يحيل على حقيقة لا تقبل الجدل، تتعلق برغبة رئيس الحكومة في تدارك «تقصير» معين يطبع حكومته لحد الآن في التعامل مع قضايا الشأن العام، إذ يلاحظ أن ترتيب المسؤوليات في هذا المضمار قد بدأ ولا هروب لحكومة بنكيران عن مواجهة الحقائق المرتبطة بالسياسات العمومية كما هي، لا من خلال طرح سؤال «من أوصل البلاد إلى هذا الوضع؟»، لأن اجترار الماضي من شيم الفاشلين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تظل الانتظارية طاغية في التعامل مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية العالقة، مقابل تفرغ الوزراء والقياديين في الحزب الحاكم للخرجات الإعلامية المؤسسة لثقافة جديدة تجادل في أسس الحكم والعمل من داخل المؤسسات أو خارجها، بدل التركيز على تدبير شؤون الحكومة.فحزب العدالة والتنمية الذي «طبل» أمينه العام للدستور الجديد، وخاض حملة «سياسية» شرسة لفائدة إعادة توزيع الأدوار والاختصاصات بين المؤسسة الملكية والحكومة والبرلمان كما جاء بها دستور 2011 وواجه حركة 20 فبراير، لا يمكنه اليوم، في نظر العديد من المتتبعين، أن يعود إلى الخلف ليلقي باللائمة في تبرير فشل الحكومة في تنزيل الدستور ومحاربة الفساد، على التماسيح والعفاريت، أو على المحيط الملكي، لأن الحزب قبل بشروط لعبة سياسية تبدو جديدة، بل كان مساهما فيها، كما أن أمينه العام كان واضحا في قوله لمنافسه صلاح الدين مزوار في وقت سابق، «نريد وزيرا أول بمقدوره قول لا لمحيط الملك»، وهو ما يعني أن رئيس الحكومة الجديد، الذي حاز حزبه على أغلبية مريحة في مجلس النواب، لا يمكنه التنصل من مسؤولياته الدستورية والسياسية والأخلاقية التي عبر عنها في خرجاته الإعلامية المتعددة سابقا، مبديا ثقته الزائدة في مواجهة كل ما من شأنه «عرقلة الإصلاح المنشود» بتوافق مع الملك، خاصة أنه يؤمن، وحزبه على ما يبدو، أن لا إصلاح ممكنا، كما قال في مناسبات عديدة، دون دعم الملك، إلا أنه يبدو عاجزا اليوم عن لجم ازداوجية الخطاب التي تسم الخرجات الإعلامية لبعض قيادييه، والتي توحي كلها وكأننا نعيش «ثورة ميدان التحرير في مصر»، ذلك أن اتهام عبد العالي حامي الدين، رئيس منتدى الكرامة وعضو الأمانة العامة للحزب، الملك بخرق الدستور بعد ترؤسه لاجتماع حضره وزير الداخلية والمدير العام للأمن الوطني ومسؤولين عسكريين، يهم شكايات توصل بها الديوان الملكي من أفراد الجالية إزاء ممارسات رجال درك وجمركيين، يعني أن الحزب الحاكم في البلاد مطالب اليوم بتقديم استقالته من الحكومة، والخروج إلى الشارع كما ألمح إلى ذلك برلماني الحزب عبد العزيز أفتاتي عندما دعا إلى ثورة شعبية من طنجة إلى الكويرة.وضع ملتبس من هذا القبيل، يضع الحزب أمام مسؤولية سياسية وأخلاقية جسيمة في مواجهة قاعدته الانتخابية، خاصة أن الانتظارات من حكومة بنكيران، كبيرة، والوضع يزداد تأزما، والمستقبل، في ظل استمرار هذا الجمود، لا يبشر بالخير. رشيد باحة

العدالة والتنمية… ازدواجية الخطاب ولغة التماسيح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العدالة والتنمية يجرب سيناريو الانتحار التدريجي

العدالة والتنمية وإستراتيجية التوتر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات