من المؤكد ان الكثير منا لا يعرف ما هى "المادة المظلمة" ، فهو تعبير عن شئ غير مألوف لدينا ، فى الواقع عدد قليل جدا من الاشخاص حول العالم يحاولون ان يفهموا ما يحتويه ذلك الاسم ، و لا نتحدث فقط عن الاشخاص غير المهتمين بالفيزياء ، ولكن ايضا العلماء لديهم فكرة بسيطة جدا عن ماهية "المادة المظلمة" ، حيث ينفق العلماء الان الملايين من الدولارات لبناء ألات سريعة ومعدات معقدة لكى تساعدنا لفهم هذا الشئ الغامض! كان لدي اليونانيين القدماء فكرة بسيطة عن الكون ، فقد اعتقدوا انة يتكون فقط من اربعة عناصر هما (التراب والهواء والماء والنار) ، وعلى الرغم من اخطاء تلك النظرية الا انها لا تزال الى الان رائعة لبساطتها ، حيث تقول الفكرة انة ينبغى علينا فقط جمع تلك العناصر بطرق مختلفة ، لننتج كل ما فى الكون من تنوعات بديعة ، ولكن فيما بعد اتضح الخلل الكبير فى تلك النظرية ، لكونها لا تشمل اى شئ يمكن قياسة ، حيث ان القياس يعتبر اساس العلم التجريبى ، الذى بدورة اثبت خطأ تلك النظرية فيما بعد ، ولكن استمر العلماء اليونانيين فى البحث والتأمل للتوصل الى حقيقة يمكن اثباتها بالتجارب ، وفى القرن الخامس قبل الميلاد ظهر فيلسوف يدعى "ديموقريطوس" بأحد اهم قواعد العلم الخالدة ، حيث اكتشف ان كل ما نراه يتكون من اجزاء متناهية فى الصغر لا تتجزأ واسماها الذرات ، هذة النظرية بسيطة ومميزة ، كما انها افضل من نظرية التراب والماء والهواء والنار ، لكونها صحيحة فقد فسرت قرون من الافكار و التجارب العلمية ، حيث اثبتت ان العناصر كا (الهيدروجين و الكربون والحديد) من الممكن تجزئتها الى ذرات ، وبحسب نظرية "ديموقريطوس" فأن الذرة هى اصغر جزء من المادة ، لا يمكن تجزئتها ولكن يمكن تمييزها ، وكان الخطأ الوحيد فى تلك النظرية هو ان الذرات قابلة للتجزئة بعكس ما توقع ، علاوة على ذلك اتضح ان النظرية تشرح فقط جزء صغير جدا عن مكونات الكون . وفى عام 1930م عندما حاول الفلكيون وزن المجرات ، فمن المعلوم ان هناك طريقتين للقيام بذلك . الاولى تكون عن طريق قياس لمعان المجرة ، بحساب مقدار كمية الضوء الصادرة من النجوم ، ثم تحويل ذلك الضوء الى كتلة . والطريقة الثانية هى رصد حركة النجوم ، فكل شئ فى الكون يدور ، الارض تدور حول محورها وباقى الكواكب ايضا وكل ذلك يدور حول الشمس التى تدور حول مركز مجرتنا "درب التبانه" مع مليارات النجوم الاخرى فى المجرة ، هذا الدوران يقدم الطريقة الثانية لقياس وزن المجرات ، وببساطة شديدة كل ما كان سرعة دوران المجرة اكبر كل ما كانت كتلتها اكبر ، وعند عمل حسابات للطريقتين واجهتهما مشكلة كبيرة ، وهى ان كل مجرة كان يتم وزنها بتلك الطريقتين ، يكون لكل طريقة وزن مختلف عن الاخرى ، فطريقة قياس وزن المجرة تعطى كتلة اكبر بكثير جدا من طريقة قياس لمعان ضوئها ، وبما انهما كانا متأكدين من صحة عملية القياس للطريقتين ، فقد استنتجا ان هناك مادة بين النجوم لا يمكن قياسها او رصدها وهى سبب الزيادة الهائله فى الكتلة ، حيث تسبب التسارع الكبير بين النجوم البعيدة عن مركز المجرة ، حيث ان وبحسب قانون الجاذبية ، تبطئ النجوم البعيدة عن المركز من النجوم القريبة للمركز ، ولكن ذلك لم يحدث ، حيث وجدوا ان النجوم جميعها تقريبا تتحرك بنفس السرعة ، ومن هنا جاء بما يسمى "المادة المظلمة" لتعويض تلك الكتلة المفقودة ذات التأثير القوى على السرعة ، وعلى تماسك المجرة . فأن (المادة المظلمة أو المادة المعتمة أو المادة السوداء) ، هى مادة افترضت لتفسير جزء كبير من مجموع كتلة الكون ، لايمكن رؤيتها بشكل مباشر باستخدام التلسكوبات ، حيث أنها لا تبعث ولا تمتص الضوء أو أي إشعاع كهرومغناطيسي آخر على أي مستوى ، عوضًا عن ذلك، يستدل على وجود المادة المظلمة وعلى خصائصها من آثار الجاذبية التي تمارسها على المادة المرئية ، والاشعاع والبنية الكبيرة للكون . و وفقا لفريق "بعثة بلانك" واستنادا إلى النموذج القياسي لعلم الكونيات ، فإن مجموع (الطاقة – الكتلة) في الكون المعروف يحتوي على المادة العادية بنسبة 4.9٪، والمادة المظلمة بنسبة 26.8٪ والطاقة المظلمة بنسبة 68.3٪ ، وهكذا، فأن المادة المظلمة تشكل 84.5٪ من مجمل الكتلة في الكون ، بينما الطاقة المظلمة بالإضافة إلى المادة المظلمة تشكل 95.1٪ من المحتوى الكلي للكون. اصبحت المادة المظلمة محط اهتمام علماء الفيزياء الفلكية نتيجة التباين بين كتلة الأجسام الفلكية المحددة من آثار الجاذبية الخاصة بهم ، وتلك المحسوبة من "المادة المضيئة" التي يتم تحويها من الأجسام مثل النجوم و الغاز والغبار ، حيث افترض "جان أورت" المادة المظلمة لأول مرة عام 1932م لحساب السرعة المدارية للنجوم ، فى مجرة درب التبانة ، وافترضها "فريتز زفيكى" للحصول على دليل حول "الكتلة المفقودة" للسرعات المدارية للمجرات ، فى عناقيد المجرات ، لاحقاً حيث أشارت بعض الملاحظات إلى وجود المادة المظلمة في الكون ، بما فى ذلك سرعة دوران المجرات حول نفسها بواسطة "فيرا روبين" ومن ثم اتت نظرية مبدأ الريبة لـ "هايزنبرج" الذى شكك فى مبدأ حفظ الطاقة (انتاج طاقة من لاشئ ومن ثم جسيمات) ، ثم فكرة "الثابت الكوني" وفكرة "الاشعاع المظلم" ؟؟!! عزيزى القارئ .. عليك الان ان تأخذ نفس عميق لكى تستطيع ادراك ما تم ذكره من هرطقات تنافى العقل والمنطق ، ومن ثم لتنساها ! فـ مع كامل احترامى لكل ذلك الجهد والبحث المتواصل من علماء الفلك ، ولكن يجب علينا الان ان نتوقف عن هذا العبث ، فكيف لادوات واجهزة مادية ، البحث عن شئ غير مادي ؟! يجب علينا الان قبول افكار جديدة لهندسة الكون ، والتخلى تماما عن لفظ "الجاذبية" الذى يعيق افكارنا ويعطى نتائج للابحاث و التجارب تخالف الواقع وعمليات الرصد . فعند تقبلنا لفكرة ان (الفضاء يعمل كالسائل) سيكون من السهل علينا فهم عمل ميكانيكا حركة الكتل فى الكون ، ومن ثم تعديل (النظرية النسبية العامة) لاينشتاين . فـ لنتأمل معا التالي : الفضاء بدون طاقة او كتلة ، هو "فضاء سائل ساكن غير محدود" . الفضاء بوجود طاقة ، "يضغط الفضاء الذى يعمل كا السائل عليها من جميع الجهات ليحولها الى كتلة دوارة من الغاز" . الفضاء بوجود طاقة و كتل وغاز و غبار ، هو "الكون المضطرب الموجود فى الفضاء السائل الساكن الغير محدود" . فنحن نلاحظ حركة دوران المجرة المحورى بسبب وجود النجوم ، اى ان الثقب الاسود الدوار يدير الفضاء الذى يعمل كا السائل سواء ان كان به كتل او لا . كما ان الشمس تدير فضاء سائل اثناء دورانها المحورى ، ونحن نعلم بذلك بسبب وجود الارض وباقى الكواكب والغازات والضوء ، ولولا كل ذلك لكان دوران الفضاء السائل غير مدرك بالنسبة لنا لاستحالة رصده. اى ان دوران الارض المحورى يدير فضاء سائل حولها ، يمكن ادراكة بسهولة بوجود القمر عند ملاحظة دورانة حول الارض ، لان الكتل الكبيرة الدوارة تصنع من الكتل الاصغر توابع . وهذا التأثير ما اسماه العلماء بالمادة المظلمة ، فأن المادة المظلمة ما هى الا ميكانيكا عمل الفضاء السائل فى تاثيرها على الاجسام بسبب وجود كتل ثابته او كتل تتحرك ، دمج عند ثبات الكتله وقوة دمج (للاجسام القريبة) وقوة طرد مركزى (للاجسام البعيدة) عند عملية الدوران المحوري ، فذلك تفاعل طبيعى للحركة الدوارة حول المركز وتمدد فى الكون بسبب تموجات الفضاء السائل وهو ما يسمى بالطاقة المظلمة . اى ان الحركة الدوارة المحورية للكتلة بتفاعلها مع الفضاء الذى يعمل كا السائل تنتج قوة دمج "مادة مظلمة" وقوة طرد مركزى "طاقة مظلمة" حيث ان الفضاء السائل يدمج المواد مع بعضها البعض وقوة الطرد المركزى تعمل على مقاومة ذلك ، وكلما ابتعدت الكتل عن مركز الدوران المحورى تباطئت بسبب تلاشى تاثير الكتلة الدوارة تدريجيا فى الفضاء السائل الساكن ، وعند تسارع الجسم الدوار المحورى حول نفسة سوف نجد تأثير دورانى للاجسام القريبة لمركز الدوران اسرع من الاجسام البعيدة ، فهناك تفاوت فى السرعات بين الفضاء السائل وبين الكتل بحيث تصبح الكتل القريبة من المركز الدوار اسرع من الكتل البعيدة ، وهذا التصور ليس دقيق ولكن بهذا المفهوم . وما قد تم رصدة من مجرات يشير الى ان المركز الدوار"الثقب الاسود" لتلك المجرات ذات سرعة ثابتة قصوى لا يمكن اجتيازها . ومن ذلك المنظور (ميكانيكا عمل الكون فى الفضاء السائل) نستطيع ان نستنتج بسهولة ان الكون يدور حول محوره فى تسارع مستمر وذلك سبب التمدد . جوزيف أمين سعد: باحث