النساء في مراكز القرار … المناصفة مجرد شعار

البوحسيني: ولوج المرأة إلى مراكز القرار بطيء والسبب هيمنة الفكر المحافظ استبشرت الحركة النسائية التعيينات الأخيرة في مناصب العليا التي حملت امرأتين إلى منصب رئاسة جامعتي الحسن الثاني بالبيضاء والحسن الأول بسطات. وحمل اجتماع المجلس الحكومي تعيين خديجة الصافي أستاذة التعليم العالي، رئيسة لجامعة الحسن الأول، خلفا للدكتور أحمد نجم الدين المنتهية ولايته، وهي ثاني امرأة تتربع على كرسي رئاسة تسيير جامعة في فترة حكومة العثماني، بعد تعيين عواطف حيار رئيسة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء قبل أسبوعين. وتواصل الحركة النسائية النضال من أجل إقرار المناصفة، ورفع الحواجز الموضوعة في وجه المرأة، والتي تحول دون تحملها للمناصب العليا، رغم توفرها على الكفاءة والمؤهلات. ورغم التقدم المسجل في عدد النساء اللائي ولجن البرلمان من بوابة نظام الكوطا، واعتماد اللائحة النسائية، واشتراط تمثيل النساء في لوائح الشباب، إلا أن تمثيلهن ما زال ضعيفا في مراكز القرار مقارنة مع بلدان الجوار. وبرأي المنظمات النسائية، فإن الرهان على تحقيق المناصفة لم يتحقق، إذ ظل المنطق الذكوري مهيمنا في الأغلبية الساحقة للتعيينات في المناصب العليا، بمبررات غير مقنعة، والتي تتجاهل وجود الكفاءات النسائية في مختلف المجالات والقطاعات. وتسعى الحكومة بشكل محتشم إلى تدارك الأمر، من خلال تعيين نساء في مراكز القرار، التي ظلت حكرا على الذكور. وإذا استثنيا تجربة رحمة بورقية في 2002 على رأس جامعة المحمدية، فقد ظلت باقي الجامعات والمؤسسات العليا التي تنتشر عبر التراب الوطني تسير من قبل رجال، رغم وجود نساء مشهود لهن بالكفاءة العلمية تؤهلهن لتحمل المسؤولية. وترى لطيفة البوحسيني، الناشطة النسائية أن تعيين امرأتين على رأس جامعتي البيضاء وسطات أمر إيجابي، وإن كان غير كاف، مؤكدة أن حضور المرأة في مراكز القرار ما زال يواجه إشكالات عميقة في المجتمع، رغم قوة الخطاب النسائي. وأوضحت الباحثة الجامعية في تصريح لـ"الصباح" أن هناك تقدما في هذا المستوى، وإن كان بطيئا، مؤكدة أن الأمر لا يسائل الحكومة فقط، بل جميع الهيآت الحزبية وقوى المجتمع، حول ضعف الحضور النسائي، للوقوف عند الخلل الذي يحول دون مساهمة أكبر للمراة في تحمل المسؤولية. وترى الناشطة النسائية أن المشكل أعمق من قرارات حكومية تتعلق بتهميش أو إقصاء النساء من مراكز القرار، لتسائل تراجع العملية الديمقراطية برمتها، خاصة بعد تراجع بصيص الأمل الذي عاشه المغرب خلال سنوات، قبل أن تزحف المحافظة وتنشر قيمها على الحياة المجتمع برمته. وبخصوص ضعف حضور المرأة في مراكز القرار، ترى البوحسيني أن الأمر مرتبط بالجو العام داخل المجتمع والذي لا يشجع الكفاءات النسائية على اقتحام التنافس وتقديم الترشيحات الخاصة بالمناصب العليا، خاصة أمام انتشار الرداءة وعلاقات الزبونية والمحسوبية التي تطبع عملية التعيينات، على حساب الكفاءة والخبرة المفروض توفرهما في كل منصب مسؤولية، بعيدا عن مراعاة النوع أو الانتماء. والحال أنه رغم المقتضيات التي حملها قانون الأحزاب من حيث فرض لائحة تمثل النساء في المكاتب السياسية، والتي أخرجت عددا من النساء من الظل، وبوأتهن المسؤولية إلى جانب أغلبية الرجال المهيمنين على مراكز القرار في الأحزاب، ظل حضور النساء ضعيفا في المشهد الحزبي. ورغم التمييز الإيجابي الذي وفرته الكوطا لتشجيع المشاركة السياسية للنساء، فإن النسبة المحققة اليوم ما زالت بعيدة عن تحقيق الثلث الذي تناضل الحركة النسائية من أجل بلوغه في أفق المناصفة، وهو واقع يعود، حسب الحركات النسائية، إلى استمرار هيمنة النزعة الذكورية على القرار الحزبي. الأحزاب مسؤولة لا يساعد واقع الحياة الحزبية على إدماج النساء في مواقع القرار السياسي، إذ يظل عدد النساء المنتخبات في القيادات الحزبية ضعيفا، بالمقارنة مع الطموح إلى تحقيق المناصفة، وهي وضعية تختلف من حزب إلى آخر، وتعكس تفاوت دينامية النساء داخل الحقل السياسي. وترى الباحثة أن ضعف حضور المرأة في مراكز القرار، يرتبط بعدم التكافؤ بين الإناث والذكور في ولوج أسلاك الوظيفة العمومية، وثقل الأدوار الاجتماعية الذي يحد من طموح النساء وضعف تدابير التحفيز، بل وغيابها لشغل مناصب المسؤولية. إن الحكومة، تضيف البوحسيني، مطالبة بالبحث عن الأسباب العميقة التي تحد من تقديم ترشيحات نسائية، واقتراح تدابير وإجراءات تحفيز من شأنها المساهمة في خلخلة التقسيم الجنسي للأدوار، والدفع بالنساء لاحتلال مناصب يستحققنها مثلهن مثل الرجال، عوض السقوط في تبرير الوضع القائم. برحو بوزياني

النساء في مراكز القرار … المناصفة مجرد شعار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المناصب العليا ... في المقربين أولى

مريد: تحطيم أحلامك ... غاية الاخرين

مقالات ذات صلة