معرض الألوان الانطباعية… قصة إضاءة اللوحات

قدم روائع متحف أورساي وعمال انطباعيون أعادوا فن الرسم بإتقان استعمال الألوان أكثر من أربعين عملا تمثل التراث الفرنسي، تعرض في الوقت الراهن بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، في إطار معرض "الأوان الانطباعية: روائع المجموعات التحفية لمتحف أورساي"، والذي ينظم لأول مرة في القارة الإفريقية. أعمال خالدة أصلية لشخصيات تمثل تيار الانطباعية، أضحت داخل المتحف، حتى يكتشف الجمهور المغربي الألوان الانطباعية التي تشكل لحظة رئيسية من تاريخ الحداثة، وهي حركة أساسية أنجبت الفن الحديث. إنجاز: إيمان رضيف تصوير (عبد المجيد بزيوات) خلال زيارة المعرض، تظهر جليا محاولات فنانين من جيل سئم ظلمة وعتمة المواضيع التقليدية التاريخية، للبحث عن الضوء في الصباغة. فرغم أن أعمالهم لم تحظ بالاهتمام، في بادئ الأمر، تمسكوا باختياراتهم وطوروا معارفهم، وفرضوا فنهم. من الظل إلى الضوء ومن بين أبرز الأعمال المعروضة في المتحف، والتي وضعت بالقاعة الأولى تحمل اسم "من الظل إلى الضوء: الأسود" لوحة مادام داراس، زوجة الكابتن بول داراس رينوار اوغست. ففي الوقت الذي كان فيه اللون الأسود وطيف التراب، يلعبان دورا هاما في الرسم الفرنسي، وأمام إقبال أساتذة الرسم الاسباني والهولندي عليهما، اختصر الرسامون الشباب ملونهم إلى بعض تناغمات الأسود والأبيض والرمادي والبني والأحمر. فأقام أدوار اماني، الذي كان شديد الإعجاب ببلاسكيز وبغويبا، ثورة في الفن التشكيلي مبدلا بالنموذج الأكاديمي التقليدي، تقابلات عنيفة بين الظلال والأضواء. اللوحة الواضحة تضم القاعة الثانية بالعرض، لوحة "شاطئ تروفيل بودين اوجين"، التي تعد من أهم أعمال الفنانين الانطباعيين. فقد حاول جيل جديد من الفنانين، الذين ظهروا على مسرح التشكيلي الباريسي، لأول مرة خلال فترة الستينات، التخلص من العمل في الورشات، مفضلين ممارسة فن المنظر الطبيعي باللجوء، عمدا، إلى ملون أكثر اشراقا، فأصبحت الشمس، التي يمكنها تقليص حيز الظل، مطلوبة. منظر الأسطح كان تمثيل الثلوج يحظى بشعبية خاصة لدى الانطباعيين، فقد اعتبر، ترجمة الرسام للفروق الدقيقة في منظر طبيعي سربل بزي أبيض موحد، ومواجهة لتحدي نقل ظلال الضوء اللانهائية على مادة أحادية اللون. كما أن بياض الثلج يتيح للفنانين، الذين استندوا إلى نظريات عملية معينة، دعامة مثالية في تجاربهم على الظلال الملونة والألوان المكملة. ومن أجل إيصال مكانة اللون الأبيض في لوحات الرسامين الانطباعيين، وضعت لوحة "منظر الاسطح" لكايبوت غوستاف، في القاعة الثالثة للمتحف. الأخضر والأزرق تؤكد لوحة "زاوية من شقة" التي وضعت في القاعة الرابعة للمتحف، تمسك الفنانين الانطباعيين برسم المناظر الطبيعية. فإذا هيمن اللون الأخضر واللون الأزرق، في لوحاتهم، فذلك لأنها مميزة عن ألوان أخرى عديدة. كما واجه الانطباعيون تحدي اختيارهم لمواضيع صعبة، من قبيل السماوات المتغيرة والمياه الجارية، وتمكنوا من اللجوء إلى صباغات جديدة ظهرت وتطورت بفضل تقدم الكيمياء، في إطار شغفهم بالألوان غير الممزوجة والأكثر إشراقا. الورود... اللون التعبيري في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، وبداية العشرين، ظهرت حركات جديدة لعب فيها اللون دورا أساسيا، إذ كان كاشف الأحاسيس. بهذا المعنى تناولت الأعمال الانطباعية اللون من زاوية متجددة جزئيا، ففي لوحات مونيه، لم يعد الفنان يتلهى بالتقابلات الصريحة بين الألوان، لكنه برهن على الترابط المنسج وعلى استخدام تشكيلة جديدة من أطياف اللون، خاصة الوردي، وهو الأمر الذي يظهر جليا في لوحة "كاتدرائية روان، البوابة وبرج القديس رومان" ، لمونيه، والتي وضعت في القاعة السادسة للمتحف. الانطباعية الجديدة اعتمد الانطباعيون الجدد على تقنية مستوحاة من النظرية العلمية لميشيل يوجين شيفرول أو أوغدن رود، في إطار محاولتهم لتبسيط تجاربهم لأساتذتهم، كما ربطوا المبدأ بالمزج البصري. وقبل ذلك أعطى دولاكروا اللون المكانة الأولى في لوحاته وأظهر جرأة كبيرة في استخدام الأطياف الصريحة، أما بول سنياك، وهو منظر مجموعة الانطباعيين الجدد، فقد جعل من نفسه عمدة هذه الثورة الحديثة للألوان في نصه التأسيسي من يوجين دولاكروا الى الانطباعية الجديدة: المنشورة 1898 في المجلة البيضاء. 3أسئلة إلي المهدي قطبي بريجيت ماكرون ساعدتنا على التنظيم < كيف ترى معرض الألوان الانطباعية الذي يعد أول معرض لمتحف أورساي في القارة الإفريقية؟ < لأول مرة، ومنذ أن توليت رئاسة المؤسسة الوطنية للمتاحف، يشهد المتحف إقبالا كبيرا، وذلك لأن الكثير من المغاربة والمقيمين هنا، كانوا يأملون في اكتشاف أعمال رينوار وماني وفانتان لاتور ومونيه وسيسلي وسيزار مباشرة، دون السفر إلى باريس وزيارة متحف أورساي. والجميل في الأمر أن تنظيم معرض الألوان الانطباعية بالمغرب، رسالة للعالم تؤكد أن الثقافة تأخذ مكانا مهما ضمن اهتمامات المملكة. لا أستطيع إخفاء سعادتي وفرحتي بهذا المعرض، لأن المؤسسة الوطنية للمتاحف استطاعت تحقيق رغبة فئة مهمة من المغاربة وقربت منهم أعمالا خالدة وباقة فاخرة من الروائع الانطباعية. < كيف جاء الاتفاق مع متحف أورساي لتنظيم معرض مشترك؟ < أعجبت بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي، خلال الزيارة التي قاما بها للمغرب، بما يقدمه متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، وعبرت عن استعدادها لتقديم المساعدة من أجل عقد شراكة مع متحف أورساي. وبعد أيام قليلة تلقيت اتصالا منها أخبرتني فيه أنها حددت لي موعدا مع رئيسة المتحف، اتفقنا خلاله على تفاصيل الشراكة. من أجل ذلك أعتبر أن زوجة الرئيس الفرنسي المفتاح التي فتح لنا باب متحف أورساي، وساعدنا على ربط العلاقات. < بعد تنظيم الألوان الانطباعية، ما هي مشاريعك المستقبلية؟ < يعد معرض الألوان الانطباعية، ثمرة مجهودات متضافرة لفريقي متحف أورساي ومتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، ومازلنا نحضر لمعارض أخرى، إذ أن المؤسسة الوطنية للمتاحف، ستقدم فرصة فريدة لزوار المعرض لاكتشاف أعمال فنية مميزة، كما أعمل جاهدا من أجل عرض أعمال فنانين أمريكيين، نظرا لمكانتهم المهمة.

معرض الألوان الانطباعية… قصة إضاءة اللوحات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نجوم أفارقة في موازين

البنك الدولي يعرض مساهمته في النموذج التنموي

مقالات ذات صلة