فرصة للوضوح

عبثا، حاول المجلس الوطني للعدالة والتنمية، أول أمس (السبت)، تفادي فضيحة "مولان روج"، التي هزت أركان الحزب، أخيرا، وأظهرت أعضاءه في هيأة أشخاص (مثل جميع البشر) يخطئون وتهفو نفوسهم لملذات الدنيا، وليسوا "ملائكة"، أو منزهين، كما ظلوا يعتقدون لأكثر من عقدين ونصف. وشهدت ممرات معهد مولاي رشيد بسلا نقاشات "صاخبة" بين مساندين للحرية الشخصية للنائبة البرلمانية أمينة ماء العينين والقائلين إن المخزن وأذنابه يريدون بحزب الشعب شرا، وأعضاء رأوا في تصرف "الأخت" ردة عن أخلاق العدالة والتنمية ومنهجيته وسلوكه السياسي و"نفاقا" مضرا به، يستوجب المساءلة والمحاسبة. وفي الجلسة العمومية لبرلمان الحزب، اضطر عدد من "الإخوان" سحب مداخلاتهم، التي كانت ستطلب موقفا سياسيا واضحا من "سقوط ماء العينين" وتبديد مناطق الغموض التي اكتنفت تعاطي الأمانة العامة مع أزمة سياسية وأخلاقية، هي الأكبر في السنوات الأخيرة. وحاول سعد الدين العثماني امتصاص شرارة الغضب المتطاير في القاعة، حين أكد أن المرجعية الإسلامية للحزب، تندرج ضمن خيارات التأسيس التي لا رجعة فيها، ومن أراد حزبا سياسيا مختلفا فليبحث عنه. وأضاف "أن الالتزام بالثوابت الإسلامية والديمقراطية ليس ادعاءات بل تمثل سلوكي"، "وعلينا أن نعطي المثال والقدوة من خلال تمثلنا لهذه المبادئ، وألا نستهين بها، ومن أراد أن يتصدر الشأن العام، ويكون منتخبا ومسؤولا عليه الحرص على أن يمثل مبادئ الحزب تمثيلا جيدا، وهناك حد أدنى لا يمكن النزول عنه". وتعكس هذه اللهجة الصارمة، الرجة الكبرى التي أحدثها تصرف ماء العينين، الذي لم يكن سوى النقطة التي أفاضت كأسا كانت مليئة بـ"تصرفات" مشابهة، أبطالها قيادات وازنة، وضعت "الحزب الإسلامي" في ورطة أخلاقية أمام خصومه الذين نالوا منه، وهو أمر مشروع ومباح في سياق لعبة سياسية يعود لـ "بيجيدي" فضل وضع قواعدها!! في المقابل، وضعت ثنائية "ارتداء الحجاب في الداخل وخلعه في الخارج" الحزب أمام حتمية المراجعة الفكرية لعدد من ثوابته الحالمة ويقينياته و"طهرانيته"، التي ما فتئت تصطدم مع واقع البشر ونفسه الأمارة بالسوء، وهو ما انتبه إليه الأمين العام السابق بـ"ذكاء"، حين خرج عن نطاق دفاعه عن الحرية الشخصية، إلى الحديث عن سنة التغيير والتطور، التي ينبغي أن يخضع لها الحزب والأعضاء المنتمون إليه. ويعكس حديث بنكيران (وما أدراك ما بنكيران) عن الحريات الفردية، أو ما أسماه خلع الحجاب وارتداءه، الذي يدخل في إطار علاقة العبد بربه وليس بالعباد، موقفا "جديدا" داخل حزب كان يمنع حتى المصافحة بين الإخوان والأخوات، ويضع خطوطا حمراء غليظة على حريات الآخرين وتصرفاتهم وسلوكاتهم، ويحلل ويحرم ما يشاء وكيفما شاء. وبهذه التصريحات، رمى بنكيران بحجر ثقيل في بركة جامدة، ستكون لها تبعات وخيمة على حزب لا خيار له مستقبلا إلا الوضوح، ثم الوضوح مع الناخبين والمواطنين، وإعادة التعاقد السياسي معهم، على أرضية برامج ومشاريع اجتماعية واقتصادية وثقافية قابلة للتنفيذ، بعيدا عن الدين واستغلال رموزه صكا تجاريا، يتم حرقها متى انتهت وظيفتها. إنها فرصة سانحة للحزب للتغيير والتطور وفق السياق الديمقراطي والسياسي للبلد. فرصة لن يمنحها التاريخ مرتين... فهل من مستجيب..؟

أخبار الصباح

"تايري ن واكال" تطالب بـ 13 يناير عيدا وطنيا

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات